شبان يتظاهرون في تونس (أب)
شبان يتظاهرون في تونس (أب)
الجمعة 29 يناير 2021 / 15:46

بلومبرغ: مخاض عسير للتجربة التونسية

24-زياد الأشقر

كتب الأستاذ في الجامعة الأمريكية في القاهرة عمر عدلي في موقع بلومبرغ، أن الذكرى السنوية العاشرة لرحيل زين العابدين عن السلطة في تونس، مرت دون الكثير من الاحتفالات من الذين أسقطوه. وقد يستغرب العالم الخارجي أن التونسيين، الذين كان بلدهم، الوحيد بين الدول العربية التي حافظت على ما تحقق في 2011، غير راضين إلى واقعهم الراهن.

التحديات الحالية التي تواجه الديموقراطية التونسية، تثبت حدود التغيير السياسي إذا لم يكن مصحوباً بأفق للتغيير الاقتصادي

ونزل الألاف إلى الشوارع مجدداً، احتجاجاً على الإخفاق في تحقيق الوعد الأكبر لانتفاضتهم، نظام اجتماعي واقتصادي أكثر عدلاً وشمولية. وينظر هؤلاء إلى ديموقراطيتهم المصنفة  "حرة" من منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية غير الربحية، على أنها ليست سوى واجهة.

مشاكل جدية
ويعاني التونسيون من مشاكل جدية في الحكم، نتيجة التشرذم السياسي الحاد، والاستقطاب الاجتماعي والثقافي، والفساد المزمن. وليس مستغرباً، أن يؤكد البعض الآن أن الأمور كانت أفضل في ظل حكم بن علي.

لكن إذا كان النظام الديموقراطي التونسي ضعيفاً، فإنه يظل مرناً. صحيح أنه يبدو غير قادر على معالجة الكثير من الجذور الاجتماعية والاقتصادية لانتفاضة 2011، مثل الفقر، وارتفاع معدل البطالة، والفوارق الكبيرة بين المناطق الداخلية، والمناطق الساحلية، ولكن انتشار الحركات الاجتماعية والاقتصادية وتكرار الاحتجاجات الجماهيرية، تثبت أن المناخ العام الذي تحقق قبل عشرة أعوام، لا يزال يتوسع.

أفق للتنافس
وفي ما يشبه الحالات الكثيرة التي تخللت التحولات الديموقراطية في أمريكا اللاتينية التي بدأت في الثمانينات، فإن الحرية في تونس تعني أفقاً أوسع للتنافس السياسي والصراع الطبقي.

وفي أنحاء عالم الجنوب، فإن الانتقال إلى نظام ديموقراطي يتيح مجالاً أكثر حرية وانفتاحاً. فالعمال، والشبان العاطلون عن العمل، والنساء، والقاطنون في الأحياء الفقيرة، ومدن الصفيح، والمجتمعات الريفية، كلها لها فرص أكبر للتنظيم والمبادرة في إطار المجال العام الجديد، مما كانت تملكه عليه في ظل الحكم الاستبدادي.

ويلفت الكاتب إلى أن الديموقراطية في عالم الجنوب تعيد تأطير الصراع الاجتماعي عوض استبداله.

وهذا ما يضع ضغطاً على النظام الجديد، لكن ذلك لا يعني أن الحركات الجذرية والمحتجين يتطلعون إلى إسقاط النظام الديموقراطي لاستعادة الاستبداد. ويمكن للديموقراطيات الناشئة احتواء الصراعات الاجتماعية والاقتصادية عبر القنوات المؤسساتية الرسمية.

وفي الواقع، فإن الاحتجاجات والتظاهرات العنيفة يمكن أن تهدد النظام السياسي حتى في الديموقراطيات المتقدمة، كما شهدنا في الولايات المتحدة أخيراً.

مرونة النظام الديموقراطي الناشئ

وفي تونس، كان نظام بن علي يعني الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي وقمعاً أمنياً وسياسياً. وليس معقولاً أن يطالب تونسيون عاديون بالعودة إلى مثل هذا النظام.

ما يحصل دليل على مرونة النظام الديموقراطي الناشئ، الذي، رغم كل نقاط ضعفه، فإن لا أحداً من اللاعبين الأساسيين، القوات المسلحة، والنخب السياسية، أو الجماعات التي تنزل إلى الساحات العامة،  راغب أو قادر على إعادة الحكم الاستبدادي.

إن التحديات الحالية التي تواجه الديموقراطية التونسية، تثبت حدود التغيير السياسي إذا لم يكن مصحوباً بأفق للتغيير الاقتصادي، بينما لا يزال البلد واقعاً تحت هيمنة شبكات النخب القديمة.

ولذلك فإن الوعود بإعادة توزيع الدخل، وتحسين الخدمات العامة أو معالجة العقبات التي تعوق خلق الوظائف، لم تلب إلى حد كبير.