صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الخميس 11 فبراير 2021 / 10:30

صحف عربية: مسبار الأمل في المريخ... أهل الديرة لا يمزحون

استمر الاهتمام الواسع بالانجاز الذي تمكنت دولة الإمارات من تحقيقه بوصول مسبار الأمل، إلى مداره حول المريخ، في نجاح علمي وتكنولوجي باهر، أثار إعجاب وإشادة المتابعين الدوليين، والعرب الذين لم يتأخروا في المقارنةً بين ما تحقق في الإمارات في سنوات قليلة، وفي دول عربية أخرى على امتداد عقود.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الخميس، فإن إطلاق دولة الإمارات لمسبار الأمل حقق مكسبين نفسي واقتصادي، فهو مشروع ملهم لجميع الشباب الطامحين، وفرصة لإثراء البحث العلمي والتقني.

البشر أولاً
في صحيفة "أخبار الخليج" قال عبدالمنعم إبراهيم: "لا يكفي أن تكون أي دولة في العالم نفطية أو تملك ثروة من الغاز الطبيعي أو غيره من الثروات المنجمية والمعادن النفيسة لتصبح دولة ناجحة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً على مستوى العالم.. فهناك كثير من الدول التي تملك ثروات نفطية هائلة، لكن شعوبها تعيش في فقر مُدقع وجوع وبطالة مثل إيران، والعراق، وليبيا، وفنزويلا، بينما هناك دول نفطية سخرت هذه الثروة لبناء مجتمعاتها وتحقيق مستوى معيشي جيد، بل وممتاز للمواطنين، وسخرت أموالها أيضاً لتحقيق إنجازات علمية رائدة ومستوى رفيع من التعليم لأبنائها في مختلف التخصصات العلمية والتكنولوجية العالمية..ودولة الإمارات العربية هي نموذج ناجح جداً لهذه الدول النفطية".

ويضيف إبراهيم "حين تنجح الإمارات في أول مهمة عربية عبر مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ، وتكون خامس دولة عالمياً وتاريخياً تصل إلى مدار المريخ بعد الولايات المتحدة والهند والاتحاد السوفيتي السابق، ووكالة الفضاء الأوروبية.. تكون قد صنعت حلماً للكثير من الدول العربية والإسلامية في أن تحذو حذوها وتدخل مجال غزو الفضاء والكواكب الأخرى".

ويضيف "المسألة لا تنحصر في الوصول إلى كوكب المريخ في حدث علمي عالمي للإمارات، ولكن الاستثمار في العنصر البشري من خلال 200 مهندس إماراتي ضمن فريق العمل على مدى 7 سنوات، وثلث هؤلاء من النساء الإماراتيات، وهذا ما عبر عنه مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ عمران شرف: "الأمر لا يتعلق بالوصول إلى المريخ.. إنه أداة لهدف أكبر بكثير.. أرادت الحكومة رؤية تحول كبير في عقلية الشباب الإماراتي لتسريع إنشاء قطاع علوم متقدمة وتكنولوجيا في الإمارات.. هذا المشروع يعني الكثير للدولة والمنطقة ومجتمع العلم والفضاء العالمي".

مكاسب
وفي صحيفة "العرب" اللندنية، قالت سهى الجندي: "تعودنا من الإمارات السعي الحثيث للتطور ومواكبة التقدم العالمي، وقد نجحت معظم مشاريعها التي خططت جيداً ونفذت ببراعة وعادت بالمنفعة العلمية والاقتصادية على الشعب الإماراتي وامتد خيرها للمقيمين وبعض الشعوب خارج الإمارات. وهذه المرة ضاعت الفرصة على المنتقدين لأن المشروع نفذ بأياد إماراتية".

وتضيف الكاتبة، أن "الأثر النفسي لهذا المشروع أكبر من النفع الاقتصادي، فهو مشروع ملهم لجميع الشباب الطامحين إلى الإنجاز والإبداع ورفع المستوى العلمي والتقني، ولا شك أن الملايين من العرب شاهدوا لحظة إعلان النجاح ووقع عليهم أثره الذي جعلهم يحلمون بأن يفعلوا شيئا كهذا ويحققوا أنفسهم ويجدوا مكاناً لهم في هذا الماراثون العلمي، وكل الإنجازات الكبيرة تبدأ بحلم، وعلى ولاة الأمور أن يأخذوا بأيدي الشباب ويساعدوهم على تحقيق أحلامهم".

وتقول أيضاً، ومع ذلك فإن المنفعة الاقتصادية موجودة، فقد أنفقت الدولة 22 مليون دولار على هذه المهمة وهو مبلغ لا يعتبر شيئاً مقابل ما تنفقه الدول المتقدمة على البحث العلمي، وقد تنفق المليارات ويفشل المشروع، ولكنها لا تكف عن الإنفاق لأن البحث العلمي يعود بالنفع عليها ويتحول إلى مصانع ومتاجر ومنشورات علمية تباع وتشترى وتحقق أرباحاً طائلة.

وتتساءل الكاتبة كيف يمكن للإمارات تحقيق الأرباح من استكشاف الفضاء؟ وتجيب أن ذلك يكون بـ"تصنيع المركبات الفضائية بما في ذلك المكوكات والصواريخ لأغراض متنوعة كنقل البضائع ونقل الطاقم والملاحة. ومن الأمثلة الموجودة على الشركات الخاصة في هذه الفئة SpaceX وBlue Origin وThe Spaceship Company وAstra Space.

أهل الديرة لا يمزحون
أما في صحيفة "الشرق الأوسط" تحدث سمير عطالله عن رحلته الأولى إلى دبي في 1964، "صحافياً، مرافقاً أول وفد للجامعة العربية برئاسة أمينها العام عبد الخالق حسونة باشا".

وفي سياق حديثه عن الزيارة يؤكد الكاتب "نبوءة" الرجل الذي قال منذ 50 عاماً: "هل تعرفون شيئاً ما؟ إنهم سيبنون مكان هذه "اللوكاندة" التي تنقطع المياه فيها، أفخم فندق في العالم، وهذا الشارع الترابي أمامكم، سيرتفع فيه ذات يوم، أعلى برج في العالم".

ويقول كنا "نضحك جميعاً. ونُبدي كلنا الإعجاب بمخيّلة الباشا. ويبدو أن الإطراء قد راق له، فمضى يتوقع، أعرف أنكم لن تصدقوا هذا الكلام. ولكن هذه الإمارة التي مطارها الآن في الشارقة، سيكون مطارها ذات يوم، الأكثر ازدهاراً في العالم. أجل. ليس في أمريكا ولا في أوروبا، بل في العالم.
وتطلّع أحدنا عبر نافذة البهو، ثم قال للباشا مقاطعاً بكل أدب: يا باشا، أفخم فندق، فهمنا. أعلى برج، على رأسنا، أما أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، فمن أين نأتي بآلاف الطائرات وملايين المسافرين؟ هذه ليست نيويورك ولا شيكاغو ولا حتى الهند! وفي الهدوء الأكابري نفسه، أكمل الباشا: أنا أتفهم استغرابكم. وتعرفون طبعاً أني أحلم. لكن سيأتي يوم ويأتي رجل ويحول الحلم إلى حقيقة".

ويُضيف الكاتب "عندما قرأت أول مرة عن مسبار الأمل والرحلة إلى المريخ، قلت في نفسي، ثمة من يهوى المزاح في هذه الديرة. لكن كان عليّ أن أتعلم منذ 1964 إلى اليوم، أن أهل هذه الديرة لا يمزحون. وها هم في مدار المريخ الآن. إنها حكاية أفخم فندق وأعلى برج وأكثر المطارات ازدحاماً. ويجب ألا ننسى أيضاً أنها تدير أكبر ملاحة تجارية في العالم أيضاً". 

مسابقة الزمن 
أما في صحيفة "الشرق" اللبنانية فلم خليل الخوري، في المقارنات بين ما كان يوماً في بيروت وما يتحقق في الإمارات اليوم، فقال: "إن هذا الحدث العلمي فتح جِراحاً مقيمة حزناً على وطننا لبنان، أين كنّا وأين أصبحنا! وأنا لست في مجال المقارنة. فقط أتحسر على حالنا بعدما "كُنا سيدها صرنا نُطبّل في عرسها".

ويضيف "قبل نحو نصف قرن، حقق المجتمع المدني في لبنان إنجازاً عظيماً تمثّل في إطلاق أساتذة وطلاب معهد "هايكازيان"، في القنطاري، دفعاتٍ من الصواريخ، بعيدة المدى بالنسبة إلى تلك الأيام لأنها تجاوزت ثلاثمائة كيلومتراً. وتكرّرت تلك التجارب الناجحة.

في تلك الحقبة من الزمن، كان لبنان يُشكل طليعة بهية في عالمنا العربي حين كنا على أهبّة أن ننتقل إلى العالم الأول لو لم تدهمنا الحروب اللعينة".

ويمضي الكاتب فيعدد ما كانت عليه بيروت ولبنان، في حين كانت "الإمارات في بداية نموّها وتلمّس إنجازاتها الهائلة، أما اليوم، فالمقارنة لا تجوز بين ما وصلت إليه الإمارات، وما هبط إليه لبنان، والأسباب عديدة أهمها قاطبةً أن في الإمارات قادةً يعرفون كيف يُسابقون الزمن فيسبقونه".