مناصرون للإخوان السلمين.(أرشيف)
مناصرون للإخوان السلمين.(أرشيف)
الجمعة 19 فبراير 2021 / 14:19

المشروع السرّي للإخوان.. من "الربيع العربي" إلى "غزو" الغرب!

كتبت البرلمانية الإيطالية والمُحلّلة السياسية من أصل مغربي سعاد السباعي أن الإخوان يُحافظون خلف ستار التقية، على مواقفهم الراديكالية الواضحة عن المجتمعات الغربية، والتي يحملها أئمة نصّبوا أنفسهم في شبكة واسعة من المساجد والمصليات والمؤسسات الثقافية التي تُشكّل جزءاً من التنظيم في مختلف أنحاء الغرب.

انفتاح "الإخوان المسلمين" الحديث على الدول العلمانية هو "انفتاح ظاهري فقط، لأنهم يهدفون إلى استغلال الثغرات المُتوفّرة في الأنظمة الديموقراطية والتعدّدية لإيجاد مساحة للمناورة

وكتبت السباعي، في قراءة لصحيفة "لوبينيوني ديلي ليبيرتا" الايطالية، أن جماعة الإخوان هي منظمة إسلامية عابرة للحدود ترجع إليها جذور فكر وأيديولوجيات كل من "القاعدة"، وتنظيم "داعش"، وطيف واسع من التنظيمات الإسلامية المُتشدّدة، والحركات الجهادية الإرهابية المعاصرة.

ورأت أنه منذ تأسيس الجماعة في 1920 في مصر على يد حسن البنا، تمركز عملها في الشرق الأوسط. ولكن في الوقت الحاضر، مدت شبكتها الواسعة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية. وتبعاً لإملاءات حسن البنا، وخليفته سيد قطب (المصري أيضاً)، اخترقت الجماعة النسيج الديني والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي لدول العالم العربي. واكتسبت الجماعة في المغرب والمشرق والخليج، قوة كافية لتتمكن من دعم تطلّعاتها للاستيلاء على السلطة، بهدف تأسيس ديكتاتوريات أصولية تكون منصّة لتوسّعهم حول العالم، ونحو الغرب على وجه الخصوص.

"الإخوان" و"الربيع العربي"

كانت أعمال الشغب التي اندلعت في 2011، وتسلّلت إلى التاريخ خطأً تحت مُسمّى "الربيع العربي"، نتيجة خطّة مُصمّمة خصيصاً لوصول الجماعة إلى السلطة في مصر وتونس وليبيا وسوريا، ما أدى إلى تأثير أحجار الدومينو الذي كان من المفترض أن يعمّ الشرق الأوسط بأسره. وفي محاولتها لتحقيق طموحاتها بالسيطرة، لم تعمل الجماعة وحدها، بل وفَّر لها تحالفها "الشيطاني" مع تركيا وقطر الدعم المالي والسياسي والشرعي والتغطية الإعلامية، فلعبت قناة "الجزيرة" دوراً أساسياً في تصوير الإطاحة بالأنظمة على أنها ثورات ديمقراطية. في الواقع، حاولت قطر وتركيا السيطرة على الشرق الأوسط، باستخدام جماعة الإخوان كرأس حربة، وهذا هو جوهر الربيع العربي.

العلاقة مع تركيا وقطر
هناك خط جهادي دموي يربط عدداً من دول المنطقة بالدوحة وإسطنبول (العاصمة الحقيقية لتركيا الأردوغانية العثمانية الجديدة)، اللتين دعمتا منظمات إرهابية، مثل "القاعدة" وتنظيم "داعش"، والمجموعات المُسلّحة على اختلاف أنواعها، كما دعمتا الأحزاب السياسية والحركات المُنبثقة عن الإخوان، واستخدمتاها بيادق في لعبةٍ كبرى هدفها الوصول إلى عرش السلطان الجديد للعالم العربي الإسلامي: عرش مُشترك بين آل ثاني وأردوغان، على أن يُدير الإخوان "الخلافة" الجديدة.

فشلت الخطة، ولكن طموح الإخوان والدولتين المارقتين اللتين تدعمه (تركيا وقطر) ما زال قائماً في الشرق الأوسط وكذلك في الغرب الذي يرفض الاعتراف بطبيعة جماعة الإخوان الحقيقية التي هي أبعد ما تكون عن المعتدلة، كما يدَّعي داعموها في أوروبا والولايات المتحدة، الذين يستمرّون في إعطاء الشرعية لنشاطات الجماعة حتى في المجال التعليمي.

وثيقة سريّة بإسم "المشروع"
كل هذا يندرج في إطار "المشروع"، وهو وثيقة من 14 صفحة عن خطة مُبرمجة يعود تاريخها إلى 1982، وهي دليل على أن مُخطّطات الإخوان تشمل الغرب، وليس فقط العالم العربي. بعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وُجد "المشروع" في سويسرا أثناء تفتيش منزل المصرفي يوسف ندا، وهو من قيادات جماعة الإخوان في أوروبا، ويُواجه اتهامات بتمويل تنظيم "القاعدة".

بقيت هذه الوثيقة طي الكتمان بعد اكتشافها، ولكن الصحافي سيلفيان بيسون، سلَّط الضوء على محتوياتها في كتابه المنشور في 2005 بعنوان "السيطرة على الغرب: المشروع السرّي للإخوان"، وقد ضمَّنه نتائج جهوده في التقصّي الصحافي. والآن، وبعد خمس عشرة سنة من الكشف، أصبحت هذه الوثيقة مُثيرة للقلق أكثر من قبل، لأنها تتوافق مع ما يجري اليوم في أوروبا، من دون أن يُواجه الإخوان أية عقبات.

هزيمة الكفّار
و"المشروع" مؤلف من 25 نقطة تُمثّل قواعد وأسس العمل للمنظمات والميليشيات الموجودة في الدول الغربية والمُرتبطة بالإخوان، وتدعو إلى تأسيس شبكة من الإخوان، والمُحافظة على مظهر الاعتدال واختراق المنظّمات الإسلامية الأخرى، لجذبهم نحو هدف "المشروع"، وتجنّب أي نزاع مباشر مع السلطات في الدول الغربية. كما تدعو النقاط الـ25 إلى اعتماد التقية إن دعت الضرورة، وذلك يُبرّر الكذب وحتى التصرّف بالطريقة الغربية ولو كانت تُنافي العقيدة الدينية من أجل القضية الأهم: وهي هزيمة الكفّار.

كما يتحدّث "المشروع" عن ضرورة جمع معلومات، وبناء قواعد بيانات، والتأثير على الوسط الإعلامي، وتأسيس مراكز أبحاث وتفكير وجماعات ضغط، ونشر دراسات جامعية تُروّج للجماعة، وتعزيز العمل والمبادرات الإجتماعية في المدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية، واختراق المنظمات الديموقراطية والأحزاب والمنظمات غير الحكومية والنقابات ليتمّ تسخيرها لخدمة القضية الإسلامية. ويتمتّع "المشروع" برؤية بعيدة المدى تمتدّ لأجيال، وتهدف إلى أن يصبح المسلمون في الغرب ذوي عقيدة جهادية ثابتة.

التغلغل المحلي والوطني
ومن العوامل الأساسية اللازمة لتحقيق أهداف "المشروع": تشكيل تحالفات مع القوى السياسية التقدمية في الغرب، وبفضل هذه التحالفات يُمكنهم اكتساب الصبغة القانونية، والاستفادة من مواد القوانين التي تخدم مصالحهم. وبالتالي، فإن التفكير السائد والاعتبارات اللائقة سياسياً لما يُسمّى "النخب الغربية" هو دعم ضمني لخطط "غزو الإخوان".

وبفضل الدعم والشرعية التي أضفتها عليهم بعض الأحزاب السياسية والأوساط الثقافية، تمكَّن الإخوان من فرض هيمنتهم الفكرية على المجتمعات الإسلامية في الغرب، كما تمكّنوا من إيصال بعض أعضاء تنظيمهم إلى الدخول في مؤسسات على المستوى المحلي والوطني.

وتجد القوى التقدمية في أوروبا وشمال أمريكا في قطاع الشباب تحديداً خزاناً لتجنيد شخصياتٍ مغمورة وتحويلها إلى زعامات سياسية، على الرغم من تعاطف هؤلاء الواضح مع التطرّف. إن نهوض الأجندات الإسلاموية من خلال تغلغلها في قطاعاتٍ أساسية من المجتمع الغربي مستمر، رغم عدم التزام الجمعيات والمُقاتلين المُرتبطين بالإخوان  بمبادئ الحرية والتسامح والمساواة بين الجنسين، والتي تتضمّنها الدساتير في دول أوروبا وأمريكا الشمالية.

وختمت السباعي قائلة إن انفتاح الإخوان الحديث على الدول العلمانية هو "انفتاح ظاهري فقط، لأنهم يهدفون إلى استغلال الثغرات المُتوفّرة في الأنظمة الديمقراطية والتعدّدية لإيجاد مساحة للمناورة لمتابعة العمل على إيجاد بؤر قوة عملاً بتوجيهات المشروع".