عرب من بلدة رهط البدوية في النقب ينتظرون دورهم للحصول على لقاح كورونا (أ ف ب)
عرب من بلدة رهط البدوية في النقب ينتظرون دورهم للحصول على لقاح كورونا (أ ف ب)
الجمعة 26 فبراير 2021 / 16:25

بدو النقب.. النقطة السوداء في حملة التطعيم الإسرائيلية

في عمق صحراء النقب، يشتكي بدو قرية تعتبرها السلطات الإسرائيلية غير شرعية، من تجاوز عدد المنازل التي دُمرت عدد سكانها الذين حصلوا على لقاح ضد كورونا، رغم تصدّر الدولة العبرية حملة التطعيم عالميا.

ويؤكد عدنان العباري، الذي يعمل في الصيانة بمدرسة في قرية تل عراد "لا أحداً حصل على اللقاح هنا".

وتعد إسرائيل رائدة في العالم بالتطعيم مقارنةً مع عدد السكان، إذ حصّنت نحو ثلث سكانها البالغ عددهم تسعة ملايين ضد كورونا باستخدام جرعتي لقاح فايزر بايونتيك.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أن السلطات في طريقها لتطعيم كل السكان الذين بفقون 16 عاماً بحلول نهاية الشهر المقبل.

لكن في القرى البدوية "غير القانونية" في صحراء النقب القاحلة في جنوب إسرائيل، يبلغ معدل التطعيم نحو 2% فحسب، حسب بيانات رسمية.

ويشير سكان تل عراد إلى أن موظفاً صحياً واحداً لم يزرهم منذ بداية الوباء، بينما تواصلت أوامر الهدم لمنازل بنيت دون تراخيص، التي يعد الحصول عليها أمراً مستحيلاً.

ويقول العباري: "البيوت التي هدمت أو تلك المهددة بالهدم أكثر من عدد الذين حصلوا على اللقاح".

عاش البدو في صحراء النقب على مدى أجيال، لكنهم تعرضوا إلى التهميش في ظل حكم إسرائيل وعادة ما يعانون من الفقر.

وغذت جهود الدولة العبرية نقل البدو إلى بلدات معترف بها التوتر.

وتشير رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل إلى أن تل عراد، التي لا تحظى بالكهرباء أو المياه الجارية، واحدة من عشرات القرى البدوية غير المعترف بها في المنطقة.

وقالت الرابطة، إن "كل ما هو موجود حاليا في القرية غير شرعي ولا يمكن شرعنته لأن القانون يعتبر أنها غير موجودة".

وأضافت "لا يمكن لسكان القرى غير المعترف بها الحصول على تراخيص بناء" وبالتالي فإن الأبنية في تلك القرى مصنّفة "غير مرخّصة".

وأفاد العباري، وهو أب لخمسة أبناء، بهدم منزل أحد جيرانه أخيراً، ليتحوّل إلى كومة من الغبار والحديد. وقال وهو يشير إلى كوخ آخر أصفر اللون: "هذا البيت تلقينا إخطاراً لهدمه خلال شهر... لا يمر شهر دون هدم منازل في تل عراد".

وأكد، أنه منذ بداية الوباء "بدل أن يرسلوا لنا ممثلين عن وزارة الصحة، يرسلون لنا ممثلين من الشرطة، ووزارة الداخلية، أو وزارة الإسكان يضعوا اخطارات هدم لبيوتنا، بينما الناس يعانون في ظل فيروس كورونا".

ولا تحظى تل عراد بخدمة إنترنت يمكن الاعتماد عليها، ما يجعل مسائل ضرورية أثناء تفشي الوباء مثل التعليم عن بعد، أموراً صعبة المنال.

ويؤكد العباري أن نجله يوسف، 12 عاماً، لم يتلق حصة تعليمية منذ أكثر من عام، بينما يتواصل الهدم.

لم تمنع صعوبة الوصول إلى الإنترنت نظريات المؤامرة المناهضة للقاحات من الانتشار عبر "واتس آب" أو الرسائل النصية أو شفهيا.

وفي تل عراد، يخشى كثيرون أن يبدّل اللقاح جيناتهم أو يجعلهم عقيمين أو أن يحتوي حتى على شريحة إلكترونية مجهرية تسمح لأجهزة الأمن الإسرائيلية بتعقّبهم.

ويعيش نحو 60% من بدو إسرائيل وعددهم 290 ألفاً، في قرى أو بلدات معترف بها رسمياً.

لكن ورغم وجود عيادات ومدارس وخدمات عامة فيها، حصل أقل من خمس سكان هذه المجتمعات على جرعة واحدة من اللقاح، وفق أرقام رسمية.

وقال طبيب ينسق حملة التطعيم لبدو النقب يدعى مازم أبو صيام: "الأنباء الكاذبة تنتشر أسرع من المعلومات الحقيقية. هناك فعلاً مخاوف من الآثار طويلة الأمد".

وأضاف "نحن مجتمع تقليدي ومن الصعب إقناع الناس باللقاح وتقبل أي تكنولوجيا جديدة".

وحقق المحامي في مدينة رهط البدوية التي تعد 22 ألف نسمة جامع أبو عودة، انتصاراً صغيراً على هذا النوع من المخاوف.

وبعدما تحدث لأقاربه عن فوائد اللقاح، تمكن من إقناع والدته به.

وقال بعد حقن ممرضة لوالدته الواهنة في ذراعها: "الجميع يخاف اللقاح. وجدنا أن هناك بلبلة وتخوف".

وتابع،"إضافة الى التخوف عند الناس هناك أناس لا تقرأ ولا تعرف".

وأرجع إبراهيم ليمور 70 عاماً، التخوّف من اللقاحات إلى "الجهل" بالدرجة الأولى.


وفي قريته كسيفه، حصل أقل من 10% من السكان على اللقاح.

وأفاد أن "الرسول قال: لكل داء دواء"، مشيراً إلى أن الدواء هذه المرة هو اللقاح.

وأشار أبو صيام بدوره إلى أن البدو باتوا أكثر تقبلاً للقاح في القرى المعترف بها. وقال: "بدأنا للتو تجاوز الخوف... آمل أن تكون هذه بداية نهضة".