الإثنين 1 مارس 2021 / 14:55

أيسلندا... نموذج أوروبا المشرق في مكافحة كورونا بفضل موقعها وإجراءاتها الصارمة

أيسلندا هي نموذج يضاهي نيوزيلندا في أوروبا، ليس فقط بسبب مناظرها الطبيعية الخضراء وعجائبها الطبيعية. فعلى غرار نيوزيلندا، يبدو أن أيسلندا تصدت لجائحة فيروس كورونا بشكل أفضل من العديد من البلدان الأخرى.

وتعد هذه الدولة الواقعة في شمال الأطلسي رائدة بلا منازع في أوروبا من حيث الحد من الإصابات بالفيروس، ويرجع ذلك جزئيا إلى موقعها البعيد، بجانب ما تبنته من استراتيجية متسقة.

وقالت كاترين ياكوبسدوتير، رئيسة وزراء أيسلندا: "لقد مضت جهودنا لمكافحة الجائحة بصورة أفضل مما توقعنا"، معتبرة أن الاستراتيجية الأيسلندية، التي تشمل الاختبارات الشاملة وإصدار النتائح سريعاً وتتبع حالات الاختلاط مع المصابين بشكل متسق ومتطلبات الحجر الصحي والعزل الذاتي، ربما أظهرت نتائج أفضل من الإجراءات الصارمة التي اتبعتها بعض الدول الأخرى.

وأضافت ياكوبسدوتير: "هذا هو الأساس لنجاحنا .. سهولة الوصول إلى الاختبارات للأشخاص وتتبع الإصابات والمنهج العلمي".

وتنعكس هذه الاستراتيجية في معدل منخفض للغاية من الإصابات الجديدة، فبعد الذروة في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، انخفضت الأعداد بسرعة. وأبلغت السلطات الصحية عن عدم وجود أي حالة إصابة محلية جديدة بفيروس كورونا لمدة ستة أيام متتالية ، وتم فقط اكتشاف عدد قليل من الحالات بين مسافرين وصلوا إلى البلاد.

وفي ظل معدل تواتر للإصابات خلال 14 يوماً يبلغ 59ر6 % فقط لكل 100 ألف نسمة، فإن آيسلندا لا مثيل لها، وفقاً لبيانات من المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها.

وتسجل بلدان شمال أوروبا الأخرى معدلات أعلى بكثير، ففي النرويج يصل المعدل إلى 66 ، وفنلندا 88 ، والدنمارك 100 - على الرغم من أن لديها أقل الأرقام في المنطقة الاقتصادية الأوروبية. ويعد معدل ألمانيا البالغ 141 أعلى بكثير. كما أن الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا في أيسلندا خلال الفترة الأخيرة منعدمة.

ويوفر موقع آيسلندا المعزول في شمال المحيط الأطلسي بالطبع ميزة، ويبلغ عدد سكانها حوالي 360 ألف نسمة فقط - مقارنة بالعديد من المدن في أوروبا.

ويرجع نجاح البلاد أيضاً إلى الإجراءات الصارمة والاختبارات وتتبع حالات الاختلاط بالمصابين ودرجة ثقة السكان العالية في خبراء البلاد.

سهولة فرض الضوابط
وباعتبارها دولة جزرية، فإن فرض الضوابط على الحدود يعتبر أسهل. فألمانيا على سبيل المثال لديها تسعة جيران والعديد من المطارات الدولية. ويصل المسافرون إلى أيسلندا بشكل حصري تقريباً عبر مطار كيفلافيك بالقرب من ريكيافيك.

واعتباًرا من يوم الجمعة الماضي، تعين على المسافرين الذين يصلون على متن سفينة أو طائرة إبراز اختبار سلبي خاص بفيروس كورونا لا يمر عليه أكثر من 72 ساعة للدخول. وبالإضافة إلى ذلك، هناك اختبار إلزامي عند الوصول إلى جانب الخضوع لحجر صحي ما بين خمسة إلى ستة أيام فضلا عن اختبار آخر بعد فترة الحجر الصحي هذه.

ويعد الحجر الصحي من العناصر المهمة في الاستراتيجية الأيسلندية، حيث يجب على كل شخص كان قد خالط شخصا مصابا أن يتحمل ذلك دون استثناء. وحتى الآن ، ثبتت إصابة حوالي ستة آلاف شخص في أيسلندا بالفيروس ، بينما خضع ما يقرب من 46 ألف شخص للحجر الصحي.

التزام السكان بالإرشادات
ويثق الآيسلنديون كثيراً في خبرائهم. وغالبا ما يشار إلى كبير علماء الأوبئة ثورولفور جودناسون، وقائد الدفاع المدني فيدير رينيسون، ومديرة الصحة ألما مولر باسم "الثالوث". ورغم القيود الصارمة المفروضة على الحياة العامة، فإن معظم الأشخاص يلتزمون بإرشاداتهم.

وأدى ذلك إلى بعض الفوائد في الآونة الأخيرة. فعلى سبيل المثال، سُمح بإعادة فتح الحانات هذا الشهر، ولكن على غرار المطاعم والمقاهي، يُسمح لها فقط بخدمة الضيوف على الطاولات ويجب أن تغلق بحلول الساعة 10 مساء. كما يُسمح أيضاً بالتدريب الفردي في صالة الألعاب الرياضية مرة أخرى. وسمحت السلطات بزيادة الحد الأقصى لعدد رواد دور السينما والمسارح والمتاحف والحفلات الموسيقية والمناسبات الدينية من 100 إلى 150.


وتسمح متطلبات الاختبار وقواعد دخول أيسلندا الصارمة، بأداء عمل متوازن ومهم لصناعة السياحة في البلاد، حيث يتم استقبال السياح مرة أخرى في البلاد، مع إبقاء الإصابات الجديدة خارج البلاد.

وهناك خطوة في هذا الاتجاه تتمثل في أنه يمكن إعفاء المسافرين الذين يمكنهم إثبات أنهم سبق إصابتهم بفيروس كورونا أو أنهم حصلوا على التطعيم، من الاختبار والعزل الذاتي.

إجراءات لجذب السياح
وشهد قطاع السياحة، الذي يحظى بأهمية بالغة بالنسبة لأيسلندا، تراجعاً حاداً في عام 2020، حيث انخفض عدد الضيوف الأجانب بأكثر من ثلاثة أرباع إلى أقل من 500 ألف شخص.

وقالت رئيسة الوزراء ياكوبسدوتير: "أنا متفائلة على المدى الطويل. لدينا توقعات بقدوم عدد معين من السائحين إلى أيسلندا في الصيف ، لكننا لا نعرف ما إذا كان ذلك سيحدث". ويعتمد الأمر في النهاية على مدى سرعة تقدم برامج التطعيم في آيسلندا وغيرها من الدول.

وتم التخطيط لنظام دخول جديد يعتمد على تقييمات المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها في أول من مايو (أيار). وسيتم بعد ذلك إعفاء المسافرين من البلدان ذات مخاطر الإصابة المنخفضة من الحجر الصحي.