منحوتة "درب الصليب" في كنيسة الصعود الكلدانية ببغداد (أرشيف)
منحوتة "درب الصليب" في كنيسة الصعود الكلدانية ببغداد (أرشيف)
الجمعة 5 مارس 2021 / 21:02

البابا سيعود إلى الفاتيكان بـ "لوحة درب الصليب"

سيحمل البابا فرنسيس معه قطعة من العراق إلى الفاتيكان، منحوتة تشكل نسخة مصغرة للوحة درب الصليب التي حفرها أحد أشهر نحاتي العراق على جدار كنيسة بغدادية، وصنعت خصيصاً على شرف الحبر الأعظم في زيارته التاريخية إلى العراق.

وقدم الرئيس العراقي برهم صالح، مساء اليوم الجمعة، صاحب الدعوة الرسمية لهذه الزيارة الاستثنائية، اللوحة من البرونز هدية للضيف الاستثنائي.

وأشرف ياسر حكمت، نجل النحات العراقي محمد غني حكمت الذي توفي في 2011، على إعداد المنحوتة التي تمثل المحطة السادسة من درب الصليب "فيرونيكا تمسح وجه يسوع"، بسرية تامة.

وقال حكمت لوكالة فرانس برس: "هي تمثل رمزاً للعراق، لأن نحاتاً عربياً مسلماً صنع درب آلام السيد المسيح... هي تمثل العراق كله، الذي لا تمييز فيه بين الطوائف".

ويقبع خلف هذه التحفة المصغرة التي يقل حجمها 4 مرات عن المنحوتة الأصلية، التاريخ الكامل تقريباً للعراق الحديث الذي سيجول فيه البابا من شماله إلى جنوبه، حتى صباح الإثنين.

وفي 1993، حينما كان العراق خاضعاً لحصار المجتمع الدولي للضغط على رئيسه صدام حسين بعد غزو للكويت، كانت هذه الكنيسة ترتفع في بغداد.

ووضع النظام الاشتراكي الذي يقوده صدام حسين اليد على كنيسة الصعود الكلدانية الأصلية، ولذلك قررت الرعية التابعة لها بناء كنيسة جديدة في الضواحي النائية للعاصمة المعروفة باسم منطقة المشتل.

واحتاجت العائلات الكلدانية الـ5600 التي تعيش في المنطقة سنوات لجمع التبرعات لبناء كنيستهم الجديدة.

ودأب السكان حينها على إقناع النحات محمد غني حكمت، صانع العديد من المنحوتات التي تحولت إلى معالم في بغداد، مثل نصب كهرمانة في ساحة كهرمانة، لينحت لكنيستهم "درب صليب" وهي لوحات تمثّل المراحل الـ14 لدرب الآلام الذي سلكه المسيح حتى صلبه.

ولا مثيل لهذه التحفة في أي كنيسة كلدانية أخرى في العالم، كما يوضح الأب فادي نضير، راعي كنيسة الصعود منذ 2017.

وانكب حكمت في مشغله ليصنع مراحل "درب الآلام"، في حالة من التأمل الروحي، كما وصف الأمر حينها، قبل أن يكشف النتيجة للعالم بعد أشهر.

وحفر الفنان الذي لقب بـ"شيخ النحاتين في العراق" على قطع حجرية استقدمت من سهل نينوى، مركز المسيحية في العراق، مراحل الآلام تلك من لحظة الحكم على المسيح حتى صلبه ودفنه.

ولا يحمل العمل في طياته رموزاً دينية وحسب. فعلى زاوية كل لوحة حجرية، حفر الفنان امرأة وطفلاً يمثلان الشعب العراقي الذي تخنقه الحروب والحصار، كما كل محتاج ومنبوذ دعا المسيح في تعاليمه للدفاع عنهم.

وبات الحصار اليوم ذكرى بعيدة، لكن كنيسة الصعود لم تعد كما كانت عليه في الماضي. إذ يغطي هندستها المعمارية المهيبة على الطراز البابلي القديم بالحجر الأصفر العراقي، جدار من قطع إسمنت وضعت إبان الحرب الأهلية في 2007.

ولم يبق من العائلات الكلدانية الـ5600 اليوم بعد نحو 28 عاماً، إلا 400، فيما يراود حلم الرحيل غالبيتها.

ويقول الأب نصير مبتسماً، رغم التحديات اليومية التي يواجهها العراق منذ 40 عاماً وسط أزمات سياسية واقتصادية وحروب، فإن "اختيار الأعمال الموجودة في كنيستنا لإعطاء نسخة منها هدية من الدولة العراقية إلى قداسة البابا هو في حد ذاته التفاتة جميلة".

ويوضح الكاهن الشاب أن المبادرة تغمر قلوب مسيحيي المشتل بـ"فرحة عارمة"، وكذلك الأمر بالنسبة لجميع العراقيين".

ويكمل أن البابا كأنما يقول للعالم من زيارته: "هناك بلد اسمه العراق ولا بد أن نهتم به. لا بد أن نتضامن معه، أن نوجه أنظارنا وأفكارنا تجاهه".