الإثنين 8 مارس 2021 / 14:04

كيف تتناقض سياسة بايدن في اليمن مع أهدافه؟

تناول المدير البارز في مركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات برادلي بومان والباحثة في معهد المشروع الأمريكي كاثرين زيمرمان المقاربة المتناقضة التي تعتمدها واشنطن في الملف اليمني.

الضغط على طرف واحد، وصفة فشل، ودعوة للطرف الثاني لمضاعفة القتال

وأوضحا أن الإدارة الحالية تريد الضغط على السعودية وتتساهل مع الحوثيين المدعومين إيرانياً، وتتوقع أن يفضي ذلك إلى سلام مستدام.

ويعرض بومان وزيمرمان في مجلة "فورين بوليسي" إلى نقاط ضعف هذه المقاربة مقترحين سياسة أنجح لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية في اليمن.

الحقيقة المحزنة
يوم الاثنين الماضي، أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها أنطوني بلينكن أنها ستؤمن 191 مليون دولار إغاثةً للشعب اليمني، ووصلت القيمة الإجمالية لما قدمته واشنطن في هذا الإطار إلى 3.4 مليارات دولار منذ 2015.

ستنقذ المساعدات الكثير من الأرواح، لكن الحقيقة المحزنة هي أنه مهما بلغ حجم المساعدات، فإنها لن تكون قادرة على تحسين ظروف اليمنيين بشكل جذري ودائم قبل نهاية النزاع.

واعترف بلينكن بالأمر مضيفاً أن الولايات المتحدة تحدّث جهودها الديبلوماسية لتحقيق هذا الهدف. لكن الديبلوماسية ستفشل دون ضغط إضافي، كما أوضح الكاتبان.

ماذا توقع بايدن؟
بإنهاء دعم التحالف بقيادة السعودية في اليمن، سعى الرئيس جو بايدن إلى الضغط على الرياض. لكن الضغط على طرف واحد في النزاع بموازاة الفشل في الضغط الحقيقي على الطرف الثاني، سيؤدي ببساطة إلى جعل الأخير أكثر جرأة.

وهذا ما حصل بالضبط، ففي الأسابيع الماضية، شن الحوثيون هجوماً كبيراً ضد القوات الحكومية اليمنية المدعومة من السعودية لكسر جمود دام سنوات عدة على الأرض. ويتساءل الكاتبان عن السبب الذي يدعو البعض إلى توقع شيء آخر من الحوثيين في ظل هذه السياسة الأمريكية.

يرى الحوثيون ضغطاً أمريكياً هائلاً على الرياض بينما رفعتهم واشنطن عن لائحة الإرهاب، وتواصل  الميليشيات التمتع بإمداد موثوق من الأسلحة من إيران، ما يسمح للحوثيين بمواصلة القتال ورفض التفاوض بنية حسنة.

متى تكون العقوبات فعالة؟
قد يشير فريق بايدن إلى إعلان وزارة الخزانة الأمريكية الثلاثاء، والقاضي بمعاقبة قياديين حوثيين عسكريين إلى أنه سياسة ضاغطة على الميليشيات.

ويرد الكاتبان بأن العقوبات خطوة جيدة لكنها لا تؤثر كثيراً حين تستهدف أفراداً من خارج النظام المالي الأمريكي. لن تستطيع أي ديبلوماسية مهما كانت محنكة تخطي هذا اللاتماثل بين السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين والرياض، ذلك أن أفضل وسيلة للضغط على الحوثيين هي بذل جهود أكثر جدية لاعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية الموجهة إلى الميليشيات.

حتى كيري اعترف!
إن طهران سعيدة بتلبية مطالب الحوثيين بالحصول على الأسلحة ضمن ما يتوافق مع استراتيجيتها الإقليمية، وتسعى إيران إلى تأسيس علاقة وكالة مع الحوثيين قرب البحر الأحمر والحدود الجنوبية للسعودية، على شاكلة العلاقة التي تربطها بحزب الله.

وتنتهك طهران القرارات الصادرة عن مجلس الأمن باستمرار، واعترضت البحرية الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وفبراير (شباط) 2020 شحنات أسلحة إيرانية بينها صواريخ كروز وصواريخ أرض جو، وصواريخ مضادة للسفن.

وفي الشهر الماضي، اعترضت أسلحة مشابهة لتلك التي عثر عليها في شحنات إيرانية أخرى. وفي 2015، أعرب وزير الخارجية الأسبق جون كيري عن قلقه من إمدادات أسلحة تصل إلى اليمن "كل أسبوع".

على واشنطن عدم نسيان الحادثة
في 22 يناير(كانون الثاني)، أكد تقرير لفريق الخبراء المعني باليمن أن هناك مجموعة أدلة متزايدة على انخراط أفراد وكيانات إيرانية في بإرسال أسلحة ومكونات أسلحة إلى الحوثيين.

ويكشف التقرير كذلك طرق التهريب البحري من إيران. لم يخجل الحوثيون من استخدام هذه الأسلحة ليستهدفوا البنى التحتية العسكرية والمدنية في السعودية بفاعلية مقلقة. يشمل ذلك على سبيل المثال هجوماً في يونيو (حزيران) 2019 على مطار أبها الدولي والذي قتل مدنياً وجرح آخرين.

أعلن مسؤولون سعوديون أنهم اعترضوا صاروخاً حوثياً وطائرات دون طيار محملة بالقنابل في 27 فبراير (شباط). ودعا الكاتبان الإدارة إلى تذكر أن الحوثيين أطلقوا صواريخ كروز مضادة للسفن ضد المدمرة الأمريكية يو أس أس مايسون في 2016، حين كانت تبحر في المياه الدولية قرب اليمن.

الحديث وحده غير كافٍ

في هذا الوقت، تستمر معاناة اليمنيين، الذين يواجه نصفهم تقريباً نقصاً حاداً في الغذا، حيث يتأرجح الملايين على حافة المجاعة.

اجتاحت الكوليرا، وحمى الضنك، والدفتيريا المواطنين بالتوازي مع عودة شلل الأطفال. ورغم اشتداد الأزمة، تجف أموال المتبرعين. ورغم عودة المساعدات، إلا أنها ستواجه عراقيل بسبب بالحرب قبل وصولها إلى من هم في حاجة إليها.

لقد عين بلينكن موفداً خاصاً للنزاع في اليمن هو تيموثي لندركينغ للدفع في اتجاه السلام. كان السعوديون والحكومة اليمنية حريصون على الدخول في التفاوض. لكن الحديث عن السلام لن يجلب الحوثيين إلى الطاولة كما يؤكد بومان وزيمرمان.

الخطوات الضرورية
إن منع وصول الأسلحة، والتكنولوجيا العسكرية الأساسية من إيران قد يعزز الحوافز ليأتي الحوثيون إلى التفاوض، بنية حسنة. وفي الحد الأدنى، فإن تقليص تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين سيخفض الخسائر في الصراع.

ولتأمين ذلك، ينصح الكاتبان وزارة الدفاع بتخصيص موارد عسكرية كافية للمنطقة وإصدار توجيهات واضحة إلى القادة العسكريين ليعطوا الأولوية إلى جهود اعتراض الأسلحة.

وعلى الكونغرس حض إدارة بايدن على ذلك وطلب ما يمكن أن تقدمه أكثر في هذا المجال.

وطالبا السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بحث مجلس الأمن على تعزيز قراراته وزيادة الكلفة على طهران إذا واصلت شحن أسلحتها إلى الحوثيين.

وعلى واشنطن ألا تلطف كلماتها إذا اعترضت موسكو وبكين على هذا الأمر. أما إذا فشل مجلس الأمن في ذلك، فعلى إدارة بايدن بناء تحالف دولي يعمل على كشف واعتراض الأسلحة المرسلة من إيران إلى اليمن. وعلى الولايات المتحدة وحلفائها مساعدة عُمان لوقف تهريب الأسلحة الإيرانية عبر أراضيها.

سياسة توحد الجميع
يعاود الكاتبان في النهاية تأكيد أن الضغط على طرف واحد، وصفة فشل، ودعوة للطرف الثاني لمضاعفة القتال، وأن الضغط الدولي بقيادة أمريكا هو أفضل أمل لضغط فعال على الحوثيين، حيث يمكن تحقيق ذلك دون عرقلة جهود الإغاثة.

إن مقاربة مماثلة ستخدم المصالح الأمنية القومية وتخلق الفرصة المثلى لإنهاء النزاع الذي خلف واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، إن لم تكن أسوأها.