الإثنين 8 مارس 2021 / 13:06

أردوغان يغير مواقفه من أوروبا.. ذر للرماد في العيون

رأى الكاتب في مجلة "ليكسبريس" الفرنسية بول فيرونيك أن تغير مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من فرنسا وأوروبا، ليس إلا "ذراً للرماد في العيون".

استراتيجية أردوغان هي ببساطة دفع جزء من ناخبيه، الذين يوشك على خسارتهم، الى الاعتقاد بأن تركيا ستواصل عملية التحوّل الديمقراطي

وقال فيرونيك إنه بعد أشهر من التوتر، أبدى أردوغان، بشكل مُفاجئ، تعاوناً قوياً مع فرنسا وأوروبا، كما أعلن إجراءات لصالح حقوق الإنسان.

وبعدما كشر عن أنيابه، كثف الرئيس التركي هجماته "الساحرة" في العديد من القضايا الرئيسية. وأصر الزعيم المحافظ، في اتصال مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الثلاثاء، على رغبته في "التعاون مع فرنسا" ضد "الإرهاب" ومن أجل الاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكداً أن "الصداقة" الفرنسية التركية "تجاوزت بالفعل الكثير من العقبات".

ويتناقض الاتصال بين الطرفين مع تصريحات أردوغان السابقة، وتشكيكه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، علناً في "الصحة العقلية" لنظيره الفرنسي.

إعلان مفاجئ

وبإعلانه المفاجئ عن "خطة عمل" لتوسيع حقوق الإنسان في تركيا، أصر الرئيس التركي على أنه "لا يجب حرمان أحد من حريته بسبب آرائه"، وهو المتهم بإنجرافه في ممارسة الاستبداد.

وفي جزء من التطهير الذي دبّرتها السلطات منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، حوكم وسُجن الآلاف بتهمة الارتباط بالانقلاب بشكل وثيق أو غير مباشر.

انعزال دولي

وعن علاقاتها مع فرنسا والدول الأوروبية، كشفت حكومة أردوغان سياستها في بداية العام، معلنة أنها تريد تطوير "أجندة إيجابية"، في محاولة لقلب الصفحة، بعد أشهر قضتها في زرع الفتنة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ففي صيف 2020، أطلقت أنقرة عدة مهام للتنقيب عن الغاز في المياه اليونانية، ما تسبب في أزمة دبلوماسية مع أثينا شبيهة بأزمة 1996، عندما كان البلدان على حافة الحرب.

قلق من أمريكا

"أردوغان قلق للغاية من سياسة نظيره الأمريكي جو بايدن تجاه تركيا. تحت حكم دونالد ترامب، التي استفاد فيها الرئيس التركي من تساهل واشنطن. ولكن هذه الفترة، انتهت" يؤكد ديدييه مليار، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي والمتخصص في تركيا. ويضيف "يدرك أردوغان أنه أصبح من المُلحّ خفض التوترات مع الأوروبيين، حتى لا تجد تركيا نفسها معزولة".

والزعيم التركي محق في مخاوفه. ففي مقطع فيديو نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في ديسمبر (كانون الأول) 2019 ، لم يتردد بايدن في وصف أردوغان بـ"المستبد". وقال: "أعتقد أن علينا اتخاذ نهج مختلف للغاية، ونوضح أننا ندعم قادة المعارضة"، مؤكداً أن على أردوغان، دفع الثمن.

ملفات ساخنة
والملفات الساخنة عن تركيا كثيرة مع الساكن الجديد للبيت الأبيض. ورداً على تسلّم تركيا في 2019 نظام الدفاع الجوي الروسي S-400، استبعدت الولايات المتحدة أنقرة من برنامج إنتاج الطائرة الشبح " F-35، وحظرت أي تصريح لتصدير الأسلحة للوكالة الحكومية التركية المسؤولة عن شراء المعدات العسكرية. وتأمل أنقرة حل هذه الملفات، بإرسال إشارات ايجابية للإدارة الأمريكية الجديدة.

صعوبات داخلية

لكن هذا الوضع الدولي الجديد ليس السبب الوحيد لقلق الرئيس التركي. فبين جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية التركية، تتراكم الانتكاسات أيضاً على الساحة المحلية، وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي.

ووفق دراسة لشركة "متروبول" ، نُشرت في نهاية ديسمبر (كانون الاول)، انخفض التأييد لحزب العدالة والتنمية، إلى 30.6% ، مقابل 42.5% في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2018.

كما فازت المعارضة في أكبر مدينتين في البلاد، إسطنبول وأنقرة، بالانتخابات البلدية في 2019.

ويضاف إلى ذلك، التظاهرات المستمرة لطلاب جامعة البوسفور منذ يناير(كانون الثاني). فهذا الجيل من الشباب، يُخيف أردوغان لأنه ناخب جديد كبر، وأردوغان في السلطة.

إن "خطة العمل التي أعلنها أردوغان في مجال حقوق الإنسان هي وسيلة لمنحهم تعهدات قي الانتخابات المقبلة في 2023"، كما يؤكد جان ماركو، الباحث المشارك في معهد دراسات الأناضول في اسطنبول.

الوضع لن يتغير

ومع ذلك، قُوبلت تصريحات أردوغان بتشكيك المعارضة. فالتصريحات المؤيدة لحقوق الإنسان هي مجرد نافذة، ولا أحداً يعتقد أن الوضع سيتغير بالفعل في هذا المجال. ويقول ديدييه مليار: "استراتيجية أردوغان هي ببساطة دفع جزء من ناخبيه، الذين يوشك على خسارتهم، إلى الاعتقاد بأن تركيا ستواصل التحول الديمقراطي".

وختم فيرونيك قائلاً: "عندما دعا أردوغان إلى تعزيز حقوق الإنسان، طلب المدعي العام السجن عامين لخصمه الرئيسي، رئيس بلدية اسطنبول، أكرم إمام أوغلو بتهمة إهانة الرئيس التركي. صدفة أم توقيت سيء".