علما أمريكا والصين (أرشيف)
علما أمريكا والصين (أرشيف)
الخميس 8 أبريل 2021 / 14:56

الحرب الباردة بين أمريكا والصين... عودة إلى الفكر السياسي في الأربعينات

عادت الحرب الباردة، أو على الأقل خطابها، حسب ما يراه الكاتب والمحلل، بانكاج ميشرا، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء.

وقال ميشرا في تقريره إن "الرئيس الأمريكي جو بايدن، يريد تشكيل تحالف من الديمقراطيات ضد الأنظمة الاستبدادية في العالم"، مضيفاً أن صحيفة "نيويورك تايمز" ليست وحدها التي تعتقد أن "العالم ينقسم بصورة متزايدة إلى معسكرات أيديولوجية متمايزة، إن لم تكن محضة، حيث تأمل الصين والولايات المتحدة، جذب مؤيدين لهما".

ويقول الصحافي الهندي: "إذا كان ذلك صحيحاً، فسيكون الأمر عبارة عن تطور مزعج جداً، ومع ذلك، فإن الخطر الحقيقي الذي ينتظرنا، ليس حرباً باردة جديدة، ولكن أنماط ثنائية من التفكير التي ترى وجود انقسامات وخصومات شديدة".

وقد يرى السياسيون والصحافيون أن من المفيد تعريف العالم بالتوجهات المتعارضة، حيث يمكن أن يساعد ذلك مجتمعاً مستقطباً مثل الولايات المتحدة على الاتحاد ضد عدو مزعوم، ولكن يمكن أن يتسبب هذا التفكير في انفصال خطير عن الواقع، كما هو الحال في التنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

ويمكن تذكر أن وتيرة الحرب الباردة القديمة، تسارعت بفعل الهستيريا التي انتشرت في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي بعد "خسارة" الصين لصالح الشيوعية.

ووضعت الكثير من الكتب عن كيفية خداع أفضل وأذكى الشخصيات لدى واشنطن بالثبات القوي والذاتي الاستدامة، حسب ميشرا الذي أوضح أن ثمة مجمعاً فكرياً صناعياً داعماً، تخصص في تقسيم العالم إلى "تكتلات" لا يمكن التوفيق بينها، نما حول حول ما أسماه الرئيس الأمريكي الأسبق، دوايت أيزنهاور بـ "المجمع الصناعي العسكري".

وقال إن "الذين يفترضون تعارض شديد بين العالم الحر والعالم غير الحر، يخفقون دائماً في رؤية أن الصين وفيتنام كانتا جزءاً من حملة آسيوية وأفريقية أكبر لا رجعة فيها، لإنهاء الاستعمار وتقرير المصير وبناء الأمة".

وفي هذه العملية، التي صارت محفوفة بالمخاطر إلى درجة كبيرة بسبب تقلب السياسات المحلية والدولية، لا يمكن لأي دولة نامية تحمل أصدقاء أو أعداء دائمين، وأكدت الأحداث ذلك مراراً، وأدت مواجهة عسكرية مع أصدقائه السوفييت والخيانة من جانب خليفته المختار، إلى استضافة الزعيم الثوري الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ، الرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون في بكين.

وبعد مرور أعوام، غزت الصين حليفتها الشيوعية السابقة فيتنام، بموافقة أمريكية، وسعت فيتنام أخيراً لتصبح شريكاً للولايات المتحدة، وكان يمكن تفادي اندلاع الكثير من الحروب الكارثية الناتجة عن الحرب الباردة، إذا أدركت القوة العظمى وقتها، المصلحة الذاتية البراغماتية للدول الأصغر، حسب الكاتب الهندي.

وأوضح أنه بدل ذلك، جعلت شخصيات مثل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جون فوستر دالاس، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، ألين دالاس، العالم مكاناً أكثر خطورة بتفكيرهم "الكتلي" العنيد.

وفي إحدى الوقائع المشينة والمصيرية، ألغت الولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة، مساعدات وعدت بها السد العالي بأسوان في مصر، ما اضطر الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، إلى اللجوء إلى الاتحاد السوفيتي، لطلب المساعدة.

ومن ناحية أخرى، أقنع الأخوان دالاس أنفسهما بأن الهند، التي كانت تعلن حيادها، ضمن المعسكر السوفيتي، ولم يستطع رئيس الوزراء الهندي يومها جواهر لال نهرو، أن يرى أن الهند، شأنها شأن جميع الدول النامية، تركز على السعي وراء مصالحها الحيوية.

وتمكنت الهند من تأمين مساعدات عسكرية سوفيتية، ومساعدات تنمية أمريكية، في نفس الوقت الذي دعت فيه دون كلل، بوصفها زعيمة لحركة عدم الانحياز، إلى إنهاء الاستعمار في آسيا، وأفريقيا.

وفي الوقت نفسه، حققت باكستان إنجازاً ملحوظاً بصورة أكبر بانضمامها إلى المعاهدات الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الشيوعية، في ظل تطوير علاقات أخوية مع الصين الشيوعية.

وليس هناك شك اليوم في أنه عند الاضطرار إلى الاختيار بين التحالف مع دولة ديمقراطية أو أوتوقراطية، فإن معظم الدول ستختار كليهما مرة أخرى، إذ يصعب التصرف بطريقة أخرى.

ومن المؤكد أن دولاً مثل إندونيسيا، وفيتنام، سترحب بكل تأكيد بالوجود الأمريكي في آسيا، ثقلاً موازناً للصين، إلا أن اقتصاداتهما تعتمد بصورة كبيرة على الأخيرة، لدرجة تجعلهما لا يقويان على الانفصال فعلياً عن بكين، وفي الواقع، هناك طفرة جديدة تنتظر الكثير من الدول الغنية بالسلع الأساسية إذا شرعت الولايات المتحدة في برنامج ضخم لإنشاء البنية التحتية.