الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الخميس 8 أبريل 2021 / 16:03

محلل أمريكي: اعتماد إدارة بايدن سياسة المواجهة مع روسيا... تهور

تشهد علاقات واشنطن مع موسكو تدهوراً منذ أكثر من عقدين، وكان قرار إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون توسيع نطاق حلف شمال الأطلسي ناتو، الذي يعد أقوى تحالف عسكري في تاريخ العالم، شرقاً نحو روسيا الضعيفة والمحطمة معنوياً يومها، خطوة مستفزة تنذر بعواقب وخيمة، كما تسببت محاولة الرئيس السابق جورج دبليو بوش ضم جورجيا، وأوكرانيا، إلى الناتو في زيادة شكوك قادة روسيا.

وقال تيد غالين كاربنتر أحد كبار الزملاء في مجال دراسات السياسة الدفاعية والخارجية بمعهد كاتو الأمريكي، في تقرير نشره المعهد، إن تدخل إدارة الرئيس السابق أوباما في الشؤون الداخلية لأوكرانيا بمساعدة متظاهرين على الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطياً موالية لروسيا، أثار حفيظة موسكو وغضبها، ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وعندما ردت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو على الضم بالعقوبات الاقتصادية، كانت هناك حرب باردة جديدة كاملة دائرة.

وأضاف كاربنتر، أنه يبدو أن إدارة جو بايدن عاقدة العزم على تحويل وضع سيئ بالفعل إلى وضع أكثر سوءاً، وكان العداء لروسيا السمة الغالبة في خطابه الذي ألقاه في فبراير(شباط) الماضي أمام مؤتمر ميونخ للأمن السنوي، لكن هذا الخطاب كشف بالكاد قدراً يسيراً من عدائه.

وفي أول محادثة له مع بوتين في أوائل فبراير(شباط) الماضي، أكد بايدن أن الولايات المتحدة لم تعد تستسلم في مواجهة "العدوان" الروسي، وفي حقيقة الأمر، فإن فكرة استسلام واشنطن تماماً في أي وقت مضى في علاقاتها مع الكرملين، محض هراء.

وقال كاربنتر: "رغم الأسطورة المتداولة التي عززها بايدن وغيره من الديمقراطيين، ومفادها أن دونالد ترامب كان دمية في أيدي بوتين، واتبع سياسة استرضاء لموسكو، فإن الحقيقة مختلفة تماماً".

وتابع أن "سياسة إدارة ترامب كانت أكثر تشدداً من سياسات الإدارات السابقة، وتضمنت مبيعات أسلحة متعددة لأوكرانيا، وزيادة ملحوظة في وتيرة ونطاق التدريبات العسكرية للناتو، وتوسيعاً أكبر للعضوية في الناتو، وإجراءات فعالة لتقويض نظام حلبف لروسيا في سوريا".

وتسبب قرار بايدن بنقل رسالة إلى بوتين مفادها أنه يعتزم جعل السياسة الأمريكية مع روسيا أكثر صرامة، في زيادة التوترا إلى مستويات غير مسبوقة، وللأسف، جاءت إجراءات الإدارة بالتزامن مع لغة الخطاب المستفزة.

وفي منتصف مارس(أذار) الماضي، أعلنت وزارة التجارة عن مجموعة من العقوبات الجديدة رداً على سجن زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني، ونشرت واشنطن قاذفات قنابل من طراز بي 1-ذات القدرة النووية في النرويج، لأول مرة في تاريخ الناتو.

وصعدت الإدارة الأمريكية جهودها لمنع استكمال خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 من روسيا إلى ألمانيا، وخاصة مبادرة تتسم بالشدة لحرمان روسيا من العائدات من دولة ترغب في شراء الغاز.

وكان سلوك الرئيس الجديد الفج مع روسيا مثيراً في بعض الأحيان، وعندما سُئل في مقابلة إعلامية إذا كان يعتبر بوتين "قاتلاً"، لم يلجأ بايدن إلى مراوغة لفظية، وهو حس أساسي مطلوب في الدبلوماسية.

وبدل ذلك، أجاب بقوله: "نعم، اعتبره قاتلاً"، مضيفاً أنه يعتقد أن الرئيس الروسي "شخص بلا روح"، وكان تصريح بايدن بمثابة إهانة شديدة لزعيم دولة قوية، وأثار أزمة جديدة في علاقات واشنطن مع روسيا، واستدعى الكرملين على الفور سفيره لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، في 17 مارس (أذار) الماضي.

وحتى مطلع أبريل (نيسان) الجاري، لم يعد أنتونوف إلى منصبه، وأشار وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى أنه لا توجد خطط الآن لذلك، وأضاف أن "تصريح بايدن كان مروعاً، أجبر روسيا على إعادة تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة بشكل جوهري" وخلص إلى أن "علاقات روسيا مع الولايات المتحدة وحلفائها وصلت إلى الحضيض".

ويثير بيان للحكومة الروسية في 2 أبريل (نيسان) الجاري احتمالاً يدعو للقلق بشكل خاص، فقد حذر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف من نشر قوات من الناتو في أوكرانيا، حتى لا ترغم روسيا على اتخاذ "إجراءات إضافية لضمان أمنها".

وكان البيان غير مألوف إلى حد ما، فرغم أن قوات الناتو انضمت إلى وحدات أوكرانية في تدريبات عسكرية مشتركة في عدة مناسبات، إلا أنه لم يصدر أي بيان من واشنطن أو الناتو، يشير إلى نية لنشر قوات أمريكية، أو قوات للحلف في أوكرانيا بشكل مستمر.

ومع ذلك، من الواضح أن لروسيا شكوك، ربما من خلال رصد استخباراتي؟، في خطط للشروع في ذلك، ويشير تحذير الكرملين إلى أن روسيا مستعدة لإجراء حاسم رداً على أي خطوة من هذا القبيل.

وقال كاربنتر إن "المرء يحدوه الأمل في أن يكون هذا مجرد إنذار كاذب، ولكن مع الوضع في الاعتبار الإجراءات الأخرى من جانب إدارة بايدن، لا يمكن استبعاد المضي قدماً في مثل هذه المبادرة الطائشة".

واستطرد "سياسة المواجهة التي تنتهجها واشنطن ضد دولة لها عدة آلاف من الرؤوس النووية ستكون متهورة حتى لو لجأت واشنطن إلى انتهاجها بمفردها، ولكن تبني مثل هذا المسار في وقت وصلت فيه علاقات الولايات المتحدة مع قوة عظمى أخرى منافسة هي الصين، بالفعل إلى مستويات الحرب الباردة، هو الحماقة بعينها".

وحسب ما أوضح أيفان ايلاند، الباحث في معهد اندبيندانت انستيتيوت بعبارة ذكية، لا تستطيع الولايات المتحدة مواجهة روسيا والصين في وقت واحد.

واختتم كاربنتر تقريره بالقول، إن "إدارة بايدن في حاجة إلى التراجع عن موقفها المستفز لروسيا، قبل أن يدفع الولايات المتحدة إلى أن تكون بالضبط في مثل ذلك الموقف، الذي يتعذر الدفاع عنه".