الأحد 11 أبريل 2021 / 12:18

ناشيونال إنترست: الرمادي والفلوجة قصتا نجاح في العراق

24-زياد الأشقر

جال الباحث في مركز أمريكان إنتربرايز إنستيتيوت، مايكل روبن على مدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار العراقية، وعاين النمو الذي تشهده هاتان المدينتان بفضل مبادرات المسؤولين المحليين فيهما، وكتب عن مشاهداته في موقع "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكي، يقول إنه قبل 17 عاماً، كان الطريق من أبو غريب عبر الفلوجة إلى الرمادي من أكثر المناطق خطورة في العراق.

يتباهى سكان الأنبار –عن حق- بأنهم حققوا نهضتهم بمساعدة قليلة من الخارج. فالحكومة العراقية لا تزال غارقة في بيروقراطيتها وعجزها وافتقارها إلى المال

 ففي 12 فبراير (شباط) 2004، أطلق متمردون قذائف صاروخية على موكب يضم قائد القيادة المركزية الأمريكية عامذاك الجنرال جون أبي زيد وقائد الفرقة الـ82 المحمولة جواً في الفلوجة الميجر جنرال تشارلز سواناك. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، هاجم المتمردون ثلاثة مراكز للشرطة في وقت واحد وحرروا ما يصل إلى مئة سجين.

وبحلول مارس (آذار) 2004، عزز المتمردون سيطرتهم على الفلوجة. وباتت الهجمات تستهدف القوات الأمريكية والحليفة على نحوٍ يومي، سواء في المدينة أو في الحبانية القريبة أو في الرمادي مركز محافظة الأنبار. وفي 31 مارس، نصب المتمردون كميناً لموكب من شركة بلاكووتر الأمنية، وأضرموا النار بعناصره وسحلوا جثثهم في الشوارع وعلقوا بقاياهم على جسر فوق نهر الفرات.

وبعد أسبوع، سيطرت القوات الأمريكية على المدينة. وبعد 24 ساعة رفع الجنرال في قوات المارينز الجنرال جيمس كونواي الحصار وسلم السلطة إلى ما يسمى "لواء الفلوجة". لكن الخطوة لم تنجح. وخلال الحصار، وقعت خمسة انفجارات، وفي الأسابيع التي تلت وقع 30 انفجاراً. وبنهاية السنة، عادت القوات الأمريكية إلى المدينة.

من هيروشيما الى الجحيم
ووصف له أحد السكان الوضع، بأنه "كان مثل هيروشيما". ولم تنته المأساة. إذ أن رئيس الوزراء نوري المالكي كان يمارس تمييزاً ممنهجاً ضد المحافظة بين عامي 2006 و2014. وسيطر تنظيم "داعش" على الأنبار وأرهب السكان. وبعد سقوط التنظيم، اشتبك السكان المحليون مع الميليشيات المدعومة من إيران. وقال شيخ قبيلة خلال غداء: "كنا نعيش في جحيم".

واليوم، يكاد يتعذر التعرف على الفلوجة والرمادي. فالطرقات التي تربط بينهما هي الأفضل في العراق. وعمال البلدية يعتنون جيداً بطلاء الحدائق، ويروون الورود التي تنمو في الأماكن العامة، ويجمعون النفايات. وهناك كل يوم أعمال تجارية. وأعاد السكان بناء منازلهم. والجامعات المحلية تزدهر وسكان الرمادي فخورون بأن مدينتهم ستفتتح قريباً أولى فنادق العراق من فئة خمسة نجوم. ويعترف العراقيون من خارج الأنبار، بأن المحافظة هي الأكثر آماناً بعد كردستان العراق، وهي الأسرع تطوراً.

نهضة المحافظة
ويتباهى سكان الأنبار –عن حق- بأنهم حققوا نهضتهم بمساعدة قليلة من الخارج. فالحكومة العراقية لا تزال غارقة في بيروقراطيتها وعجزها وافتقارها إلى المال. ويعزو الكثيرون الإنجازات في الأنبار إلى المحافظ علي فرحان الدليمي وكذلك إلى النخبة القبلية ورجال الأعمال لاتحادهم معاً لفعل ما عجزت بغداد عنه. وفي الوقت الذي يسود البريق في الرمادي والفلوجة اليوم، فإن معظم الموصل مركز محافظة نينوى لا تزال خراباً، وقد اعتقل محافظها العام الماضي لدوره عملية فساد بملايين الدولارات.

وتظهر الرمادي ما هو ممكن فعله في العراق. فبينما أعاد السكان ترميم مدينتهم بأموالهم الخاصة، فإن المستثمرين الأجانب في العراق يحققون عوائد مهمة. والشعب العراقي فتي –أكثر من 40 في المئة من السكان ولدت بعد حرب 2003- والأسواق تحقق نمواً. وخلال اجتماع مع شيوخ قبائل وسياسيين في الرمادي، اتفق الجميع على أمر واحد: لقد حان الوقت للولايات المتحدة أن تغير سياستها وأن تضع الأعمال التجارية أولاً.

وبصراحة، يقول روبن: "هم على حق: فالمساعدة الأمريكية غالباً ما تكون مدمرة. إذ أنها تسهل الفساد وتلغي المساءلة المحلية للحكومة، لكن استثمارات القطاع الخاص مختلفة. فهي تدوم فترة أطول، وتؤثر على أشخاص أكثر، وتوفر حوافز للاستقرار المحلي، وتعزز الإنخراط الدولي السلمي. وبينما يملأ الرؤساء ووزراء الخارجية الأمريكيون طائراتهم بالمساعدين والصحافيين، فإن زعماء العالم يملؤونها برجال الأعمال.

ويضيف: "إذا كان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان يريدان إظهار نموذج جديد للديبلوماسية الأمريكية، عليهما الذهاب أبعد من البيانات الرسمية والتشجيع على استثمار جدي في العراق وفق قدرة كل محافظة".

وخلص إلى إن الرمادي والفلوجة قصتا نجاح يتعين على الأمريكيين عدم تجاهلهما، وإنما البناء عليهما للتأكيد على نجاح الحكم الرشيد، وأن أكثر مناطق العراق دماراً يمكن أن تزدهر، وأن العراق يجب أن يكون معروفاً بشراكاته وليس بصدمات ماضيه القريب.