الخميس 15 أبريل 2021 / 22:03

ستراتفور: العدالة والتنمية يفصّل النظام الانتخابي في تركيا على مقاسه

يبدأ الجزء الثاني من تحليل معهد "ستراتفور" لدراسة "سلوك تركيا المتناقض بين الداخل والخارج"، بالإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيتبنى سياسات ترضي قاعدته الإسلامية قبل انتخابات 2023، بترسيخ الدين في الشؤون الثقافية والاقتصادية

مع زيادة التركيز على تطبيق المعايير الثقافية الإسلامية، يرجّح التحليل أن تزيد جماعات حقوق الإنسان، التي تنتقد انزلاق تركيا إلى الاستبداد، تدقيقها في سلوك بعض الشركات الدولية العاملة في البلاد

ويتوقع المعهد أن يكثف الحزب جهوده لتفصيل النظام الانتخابي على مقاسه، ما يدفع تركيا بقوة إلى مستنقع الاستبداد، مرجحاً أن يُضطر انحسار شعبية الحزب في استطلاعات الرأي، وظهور أحزاب منافسة، والضبابية التي تخيم على الأفق الاقتصادي،  العدالة والتنمية، الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى إعادة التفكير في استراتيجيته السياسية قبل انتخابات يونيو(حزيران) 2023.

وبما أن الحزب الحاكم يفقد السيطرة على إدارة الاقتصاد التركي، فإنه يفكر في اللجوء إلى التكتيكات القديمة، مثل إعادة تشكيل النظام الانتخابي في البلاد لصالحه وصالح شريكه، حزب الحركة القومية، الذي يميل إلى تبني نهج محافظ يتماشى مع رؤية الإسلاميين في الداخل، بينما يختار مواجهاته مع المجتمع الدولي في الخارج على أساس براغماتي.

إدارة الاقتصاد
وأدى التدخل السياسي المتكرر للعدالة والتنمية في شؤون البنك المركزي إلى إضعاف الثقة المحلية في قدرة الحزب على قيادة الاقتصاد، في حين عززت وجهات نظر أردوغان الاقتصادية غير التقليدية للتضخم، النظر إلى حزبه على أنه غير مؤهل للتعامل مع التحديات المالية المستمرة في البلاد.

سياسات خارجية وداخلية ضارة
وعرضت سياسات العدالة والتنمية الخارجية تركيا لأضرار اقتصادية، من بينها العقوبات الأمريكية بعد شراء نظام الدفاع الروسي "إس–400" وعقوبات الاتحاد الأوروبي المحتملة بسبب التنقيب في المياه المتنازع عليها، في شرق البحر المتوسط.

وللحد من مكاسب محتملة تحققها أحزاب المعارضة في الانتخابات المقبلة، من المرجح أن يُعدل العدالة والتنمية القوانين والإجراءات الانتخابية في خطوة تجعل من الصعب على معارضيه منافسته، مع فرض قيود أو حتى فرض حظر تام على حزب الشعوب الديموقراطي، الذي يهيمن عليه الأكراد.

وينذر دعم العدالة والتنمية للمحافظين بمزيد من التدخل في شؤون البنك المركزي، فضلاً عن المزيد من الإجراءات القمعية ضد "مجتمع الميم"، وتعميق البصمة الدينية في المدارس ووسائل الإعلام.

الروابط مع إسلاميي الداخل
وتراجعت علاقات  العدالة والتنمية مع المحافظين الإسلاميين بمرور الوقت، تحت وطأة الفضائح التي تورط فيها مسؤولو الحزب، وتشكلت أحزاب منشقة بديلة. كما أدت محاولة الحزب الحاكم لاسترضاء الناخبين العلمانيين، والإسلاميين، إلى إهمال بعض الوعود السياسية التي قدمها للمحافظين على المستوى الثقافي.

ومع تضاؤل الخيارات المتاحة لاستعادة الشرعية الاقتصادية للحزب، أصبح تعزيز روابطه مع المجتمع الإسلامي الأوسع في تركيا أكثر إلحاحاً.

ولكن في ظل غياب مسار قابل للتطبيق للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، لا تجد أنقرة ما يكفي من المحفزات لاسترضاء وجهات النظر الأوروبية في ملف حقوق الإنسان.

ومع ذلك، يمكن أن تتغير هذه الحسابات إذا تزايدت مخاوف الاتحاد الأوروبي من السلوك الداخلي المثير للجدل لتركيا، التي وصلت إلى حد فرض عقوبات يمكن أن تلحق المزيد من الضرر باقتصادها الهش.

صبغة إسلامية قومية أعمق
وسيؤدي استخدام العدالة والتنمية المتزايد لهذه التكتيكات إلى انجراف تركيا نحو الاستبداد الإسلامي، ما يؤدي إلى زيادة تسييس الإدارة الاقتصادية للبلاد، وربما إلى تطرف عناصر المعارضة، مع زيادة مخاطر إلحاق الضرر بسمعة الشركات الدولية التي تمارس نشاطاً تجارياً في تركيا.

ووفقاً للتقرير، من الصعب فوز الأحزاب الجمهورية، والعلمانية، والكردية بأغلبية حاكمة في تركيا، بغض النظر عن تراجع شعبية  العدالة والتنمية، الأمر الذي يسمح له ولحزب الحركة القومية بسنّ سياسات طويلة الأجل تحول تركيا أيديولوجياً إلى دولة ذات صبغة إسلامية قومية أعمق.

تعزيز قاعدة العدالة والتنمية
ومع تراجع قيود المساءلة العامة عن الأداءين السياسي الاقتصادي، سيكون العدالة والتنمية أكثر حرية في تطبيق السياسات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز قاعدته ومصالحه التجارية، بدءاً بتطبيق النماذج الاقتصادية الإسلامية، وصولاً إلى التدخل في السياسات الاقتصادية، بما في ذلك شؤون البنك المركزي.

لكن مع زيادة التركيز على تطبيق المعايير الثقافية الإسلامية، يرجح التحليل أن تزيد جماعات حقوق الإنسان، التي تنتقد انزلاق تركيا إلى الاستبداد، تدقيقها في سلوك بعض الشركات الدولية العاملة في البلاد.

ويخلص التحليل إلى التحذير من تطرف أطياف من المعارضة التركية، ما يقوي المتمردين الحاليين، مثل حزب العمال الكردستاني، ويعزز وجود حركات احتجاجية أكثر قوة في المراكز الحضرية الأكثر علمانية في تركيا.