من الحراك الجزائري.(أرشيف)
من الحراك الجزائري.(أرشيف)
الجمعة 16 أبريل 2021 / 12:40

هل تعيد "رشاد" الإسلامية الجزائر إلى حقبة مظلمة؟

بعد عامين من إزاحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يبدو أن الحراك غير المسبوق في الجزائر والذي يشمل علمانيين وإسلاميين، عند مفترق طرق، إذ لا يزال يفتقد إلى قيادة وبنى تنظيمية، الأمر الذي يعرّضه لخطر الانقسام.

يتركز الجدل في شأن المجموعة على ما إذا كان بإمكانها إعادة فتح الباب للماضي المظلم، حين شنّت الجزائر حرباً دامية على المتطرفين الإسلاميين الساعين إلى السلطة

ويواجه الحراك خطر الاختراق من حركة "رشاد" المرتبطة بحزب إسلامي تم حظره خلال حقبة مظلمة من الصراع في تسعينيات القرن الماضي، وخصوصاً أنّ السلطات تتّهم الحراك بأنه مُخترق من نشطاء إسلاميين هم ورثة الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حُلّت عام 1992) يسعون إلى إخراجه عن سلميّته وجرّه نحو مواجهة عنيفة مع السلطة.

وتقول وكالة "أسوشيتدس برس" في تحقيق لها إنه لا يمكن تحديد هوية أعضاء مجموعة "رشاد" الذين أخذوا أوروبا مقراً لهم، علماً أنهم لا يعلنون عن وجودهم. ولكن يُعتقد على نطاق واسع أنهم من بين آلاف المتظاهرين في مسيرات الحراك كل يوم جمعة.

وانتقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجيش الجزائري "رشاد" من دون أن يذكروا اسمها.

وأرغم الحراك الجزائري بوتفليقة على التنحي عن منصبه عام 2019 من خلال احتجاجات ضخمة طالبت سلمياً بتغيير نظام السلطة "الغامض" في الجزائر.

واستأنف المتظاهرون مسيراتهم الاحتجاجية من جديد في شوارع الجزائر العاصمة وفي مدن أخرى عشية الذكرى الثانية للحراك يوم 22 شباط (فبراير)، بعد عام من الإغلاق جراء فيروس كورونا.

ولكن أعداد المتظاهرين باتت أقل مقارنة بالفترة السابقة، وذلك بسبب المخاوف من أن "حركة رشاد" ربما تستخدم "ثورة الابتسامة" من أجل تحقيق أجندة خاصة بها.

الماضي المظلم
ويتركز الجدل في شأن المجموعة على ما إذا كان بإمكانها إعادة فتح الباب للماضي المظلم، حين شنّت الجزائر حرباً دامية على المتطرفين الإسلاميين الساعين إلى السلطة. وقُتل ما يقدر بنحو 200.000 شخص.

وتقول الحركة على موقعها إنها شاركت في مسيرات الحراك منذ أن بدأت في أوائل 2019، وتؤكد أنها "تقضي على جميع أشكال التطرف وتدعو إلى اللاعنف".

ولكن مثل هذه المزاعم لا تقنع الجزائريين، إذ قال أحسن خزنادجي، وهو عضو في نقابة المعلمين (65 سنة)، وشارك في 30 مسيرة للحراك إنه لن يشارك بها مرة أخرى.

واعتبر أن المسيرات "وصلت إلى طاقتها القصوى"، وأن الإسلاميين يحاولون الاستيلاء على السلطة عبر "رشاد". ولفت النظر الى أنه حارب الإسلاميين عندما كان في الجامعة في الثمانينيات، وحاربهم سياسياً في التسعينيات، واليوم "لا أريد أن أكون بمثابة نقطة انطلاق لمساعدتهم على الوصول إلى السلطة".

وينظر الى "رشاد" على أنها حزب سياسي إسلامي جزائري نشأ عام 2007، واثنان من قادتها كانا أعضاء في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" التي أنشئت أوائل 1989، وخاضت الانتخابات البلدية 1990 والتشريعية نهاية 1991 واكتسحت نتائج شوطها الأول، فأوقف الجيش العملية الديموقراطية مطلع 1992، ما أدى إلى اندلاع عنف عارم في البلاد دام أكثر من عشر سنوات.

المؤامرة
وفي الجزائر، كثيرة هي نظريات المؤامرة، خصوصاً في حالة الحراك، إذ يرى البعض أنّ هناك مبالغة بشأن موضوع "رشاد" ودورها، فيما يرى البعض الآخر المؤامرات المظلمة التي تروّج لها السلطات حقيقية ويأخذها بعين الاعتبار.

فالشعار المستمر الذي يردد أو يكتب على الملصقات خلال مسيرات الجمعة هو "دولة مدنية وليست عسكرية". وبالنسبة للجيش، يُعدّ هذا الشعار بمثابة إهانة عميقة لـ"ارتباطه الأبدي" بالشعب، كما يرى أنّ هذا الشعار دلالة على وجود "رشاد" بين المتظاهرين.

ويصوّر الرئيس تبون نفسه على أنه حامي ما يسميه بـ"الحراك المبارك"، أي الحراك الأصيل الذي أطاح الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة. لكن منتقديه يشتبهون في أن السلطات تريد تقسيم المتظاهرين من خلال الترويج لـ"رشاد" وزرع الخوف منها، إضافة إلى الاعتقالات المتعددة للمتظاهرين أثناء الاحتجاجات.

ومن جهة اخرى، أشار عدد آذار (مارس) من التقرير الشهري للجيش إلى "رشاد" من دون تسمية المجموعة بـ"الخفافيش التي تفضل الغموض والظلام". كما نددت في عددها الصادر في نيسان (أبريل) بمن "يزرع بذور الشك والأكاذيب والشائعات".

الرئيس الجزائري
والأسبوع الماضي، وجّه الرئيس تبّون تحذيراً شديد اللهجة إلى الحراك، مؤكّداً أنّ السلطات لن تتسامح مع "ما سُجّل من أعمال تحريضية وانحرافات خطيرة من قبل أوساط (..) تستغلّ" تظاهراته الأسبوعية، وهذه إشارة واضحة منه الى "حركة رشاد".

وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان إنّ تبّون ترأّس اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن تم خلاله درس "ما سُجّل من أعمال تحريضية وانحرافات خطيرة من قبل أوساط انفصالية، وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، تستغلّ المسيرات الأسبوعية".

وشدد تبّون بحسب البيان،على أنّ الدولة لن تتسامح مع هذه الانحرافات التي لا تمتّ بصلة للديموقراطية وحقوق الإنسان. وأمر "بالتطبيق الفوري والصارم للقانون ووضع حدّ لهذه النشاطات غير البريئة".

وتسعى السلطات إلى اعتقال أعضاء "رشاد" زاعمة كشفها المؤامرة لزعزعة استقرار الأمة.

توقيف ناشطين
فقد أصدرت الجزائر أمراً بتوقيف ناشطين متّهمين بـ"الإرهاب".

وكان وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس، قد التمس الشهر الماضي إصدار أمر إيداع على المتهم أحمد منصوري وأمر بالقبض الدولي على المتهمين، محمد زيتوت، وهو دبلوماسي سابق يقطن حالياً في بريطانيا، والصحافي هشام عبود، وأمير بوخرس مدوّن معروف بلقب "أمير دي زد"، ومحمد عبد الله، في "قضية جنائية خطيرة تمسّ بالنظام العام وأمن الدولة واستقرارها".

ومحمد زيتوت، 57 عاماً، هو الذي أنشأ عام 2007 الحركة الإسلامية "رشاد"، غير الشرعية في الجزائر. وكان يعمل في السفارة الجزائرية في ليبيا سنة 1991. وفي 1995 ذهب الى لندن بعدما استقال من منصبه الدبلوماسي.

وبحسب السلطات، تضمّ "رشاد" مقاتلين سابقين من "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وهي حزب سياسي جزائري سابق حُلّ بقرار من السلطات الجزائرية في آذار (مارس) 1992.

ووفق بيان للمحكمة "تمّت متابعة محمد زيتوت بجناية تسيير جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، وجناية تمويل جماعة إرهابية وتبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية".