الأربعاء 21 أبريل 2021 / 15:15

فورين بوليسي: هل يستطيع بطريرك الموارنة إنقاذ لبنان؟

24-زياد الأشقر

تناول الكاتب العراقي أمير حسين راضي في مقال بموقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الدور الذي يلعبه البطريرك الماروني الكاردينال بشار الراعي لإنقاذ لبنان من أزمته السياسية، مشيراً إلى المعارضة التي يواجهها من حزب الله.

رفض الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله دعوة البطريرك إلى تدخل الأمم المتحدة في الأزمة اللبنانية، معتبراً ذلك بمثابة "إعلان حرب"

في خطاب وجهه من شرفة المقر البطريركي في بكركي في أواخر فبراير (شباط) الماضي، أكد الراعي بوضوح أمام تظاهرة ضمت المئات، رغم انتشار فيروس كورونا، أنه يعتقد أن لبنان على حافة الإنهيار، وأن المفتاح لإنقاذه يكمن في نزع سلاح حزب الله، قائلاً: "لا توجد دولتان أو دول عدة على أرض واحدة. كما أنه لا يوجد جيشان أو أكثر ضمن دولة واحدة".

وكان هذا واحداً من سلسلة عظات وخطب في الأشهر الماضية التي تستأثر بتغطية وسائل الإعلام، وجعلت الراعي الرئيس غير المتوقع لحركة سياسية تعتمد على دعم شخصيات مؤسساتية وتعتمد لغة المتظاهرين المناوئين للحكومة.

مبادرة سياسية
ويقول راضي إن خطاب الراعي قد يبدو من قبيل الحديث الوطني العام والتوجيهات الأخلاقية. وكان حذراً في توجيه الإنتقاد مباشرة إلى حزب الله، أو إيران، وعوض ذلك، صاغ مطالبه في سياق مبادرة سياسية أوسع لـ "إنقاذ لبنان". لكن الراعي صور حملته أيضاً على أنها تحدٍ مباشر لحكام لبنان الطائفيين الحاليين، وهو تحدٍ يرى أنه يكمن في صلب مهمته التاريخية.

ويدعو الراعي إلى جعل لبنان دستورياً بلداً "محايداً" مماثلاً لسويسرا، أو بلجيكا في سنوات الصراع بين القوى الكبرى في أوروبا، في إشارة لا لبس فيها إلى تحالف حزب الله مع إيران، وعائلة بشار الأسد في سوريا.

وخلال إلقاء الراعي خطابه في فبراير (شباط) وافق الحشد على تلميحاته بالهتاف "إيران طلعي برا". وأنهى الراعي الخطاب بدعوة المحتجين "إلى رفض السكوت على السلاح غير الشرعي والسلاح غير اللبناني"، محذراً من "الإنقلاب على الدولة والنظام".

بدا الراعي وكأنه ملتزم بتنظيم القوى السياسية، وليس فقط بتوجيه نداءات روحية. وقال إن من عادة أسلافه البطاركة التحدث باسم كل اللبنانيين بغض النظر عن أديانهم، مشيراً إلى رجال دين كانوا يجلسون في مقدمة الحشد، وفي وسطه.

ويحضر تجمعات الراعي بشكل كثيف محازبون من حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع.

نزع سلاح الميليشيات
وقال السياسي اللبناني سجعان قزي الذي ينسق فريقاً سياسياً يقدم النصح للبطريرك، إن مطالب الراعي تتضمن تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات في لبنان.

وأضاف "البطريرك يرفض الاحتفاظ بترسانة حزب الله من السلاح...ويرفض المشروع الإيراني الذي ينشره حزب الله في الشرق الأوسط، ولبنان، وعرقلة المؤسسات التي يمارسها حزب الله في لبنان".

ورفض الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله دعوة البطريرك إلى تدخل الأمم المتحدة في الأزمة اللبنانية، معتبراً ذلك بمثابة "إعلان حرب" قد يدخل البلد في صراع أهلي.

وأُطلقت محادثات بين حزب الله والكنيسة المارونية، مع إبداء بعض مؤيدي البطريرك إشارات على استعدادهم للقتال، رغم الخلل الكبير في موازين القوى لمصلحة حزب الله.

الكنيسة المارونية

وبمعنى ما، إنها مفارقة تاريخية. فالكنيسة المارونية، التي كانت تقليدياً الحارس للنظام السياسي المحافظ والنظام الاجتماعي اللذين ورثهما لبنان عن المستعمر الفرنسي، تصور نفسها اليوم حليفاً للمحتجين ضد الحكومة، بينما بات حزب الله المتمرد سابقاً، المدافع عن الأمر الواقع السياسي، الذي يهيمن عليه.

وكما كان الحال دائماً، فإن الوضع السياسي في لبنان يبقى رهينة نزاع إقليمي أوسع بين حلفاء الولايات المتحدة والمعسكر الذي تقوده إيران.

ودعوة الراعي إلى "الحياد" في هذا السياق لن تجد صدى طالما لا وفاق حقيقياً بين إيران والسعودية، والولايات المتحدة، وإسرائيل.

استعادة التوازن
وتهدف مبادرة البطريرك إلى استعادة التوازن السياسي في لبنان استناداً إلى اتفاق الطائف، الذي لم يعد موجوداً منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 2005، وتنظيم السياسات اللبنانية لمصلحة معسكر حزب الله.

إن حركات المجتمع المدني التي كانت خلف انتفاضة أكتوبر(تشرين الأول) 2019 والتي تؤمن باستبدال هذا النظام الطائفي المنكسر بدولة غير طائفية، كانت تهدف أيضاً إلى تجاوز معضلة الاصطفاف وراء حزب الله.