صور  مركبة لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس (نيولاينز إنستيتيوت)
صور مركبة لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس (نيولاينز إنستيتيوت)
الأربعاء 5 مايو 2021 / 16:21

ألف حزب الله... دولة الميليشيا الناشئة في العراق

يقدم معهد "نيولاينز إنستيتيوت" في دراسة مسهبة، تفاصيل مكثفة لم تكشف سابقاً عن كيفية إنشاء الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران نظاماً جديداً للسيطرة على منطقة استراتيجية في البلاد تربط العراق وسوريا.

وتستعرض الدراسة تفاصيل دقيقة عن مدى تغلغل الميليشيات الشيعية في الاقتصاد السياسي للمناطق التي استولت عليها من داعش. وفي حين لم تنجح محاولات إدخال هذه الميليشيات في مؤسسات الدولة العراقية، يُظهر هذا التقرير كيف أصبحت هذه الجهات الفاعلة غير الحكومية دولة موازية بإنشاء اقتصادها السياسي، الذي ينخره الفساد.

وتورد الدراسة معلومات عن كيفية شق هذه الميليشيات الشيعية طريقها إلى جهاز الأمن القومي العراقي وتلقيها أموالاً رسمية من الدولة منذ أن تحرك رئيس الوزراء في ذلك الوقت حيدر العبادي في 2018 لمحاولة دمجها في نظام أمن الدولة.

وأضعفت هذه العملية سلطة الحكومة الفيدرالية في بغداد. ورغم أن اغتيال واشنطن في يناير (كانون الثاني) 2020 القيادي البارز في قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مع  قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مهندس شبكة العملاء الشيعية العراقية، شكل ضربة كبيرة لهذه الميليشيات، إلا أن الدراسة تخلص إلى أن الشبكة تظل عميقة الجذور في البلاد.

وتستغل الميليشيات المرتبطة بإيران الفراغ الناجم عن انهيار خلافة داعش لبناء الهياكل الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية في العراق.

وأتاح تسلل الميليشيات إلى الشرطة السيطرة على تحركات المواطنين والتجارة والاحتلال، وغيرها من جوانب الحياة الخاصة. وتهدد بعض الفصائل الصحافيين، وتقطع الطرق المؤدية إلى مناطق تجارية مهمة لعرقلة الأعمال.

تعيين محسوبيات
وتشير الدراسة إلى أن الميليشيات استخدمت التهديدات والعنف لتعيين الأكاديميين المحسوبين عليها مسؤولين عن بعض الكليات الأكثر أهمية في المحافظات التي تزدهر فيها الميليشيات.

كما أنشأت مدارس لا تتبع القواعد والقواعد المحلية أو الفيدرالية.

وبينت الدراسة أنه بعد تحرير الموصل وبقية محافظة نينوى من داعش، بدأت الميليشيات التلاعب بملكية الأراضي للانخراط في الهندسة الديموغرافية، ووزعت الأراضي الزراعية في منطقة سهل نينوى على أتباعها.
 
وكانت هذه القرى، على مشارف الموصل ذات غالبية مسيحية، عندما استولى عليها داعش في 2014.

وبعدما استعادت قوات الأمن القرى، بسطت المليشيات سيطرتها على أراضي برطلة، والحمدانية، ومناطق أخرى، ما منع العديد من المسيحيين من العودة.

ونقل مقاتلو الميليشيات من وسط وجنوب العراق سجلاتهم إلى سهل نينوى والموصل لإضفاء الشرعية على الاستيلاء على الممتلكات هناك.

وتضم الأوقاف الدينية الشيعية 17 موقعاً مقدساً دينياً في المدينة القديمة في الموصل. عندما بدأ الاعتراض على التغيير الديموغرافي في المنطقة، استعرضت الميليشيات الشيعية قوتها أمام السلطات المحلية، ملوحة بوضع يدها على المواقع، والأوقاف السنية.

حقول النفط
وسيطرت الميليشيات على أكثر من 72 حقلاً نفطياً في منطقة القيارة جنوب الموصل سيطر عليها داعش سابقاً. وتسرق الفصائل نحو 100 شاحنة صهريج نفط خام يومياً.

وتجني الميليشيات مئات الآلاف من الدولارات كل يوم بالابتزاز عند نقاط التفتيش غير القانونية التي أقامتها في جميع أنحاء البلاد.

وتطالب الميليشيات بأموال حماية تتراوح بين 1000 دولار و 3 آلاف دولار شهرياً للمطاعم الكبيرة.

ويمكن أن ينتهي الأمر بتفجير المطاعم التي يتلكأ أصحابها عن الدفع، وقد تنسب أطراف أخرى، بما في ذلك الجيش العراقي، الانفجار إلى داعش.

ويتعاون سياسيون محليون مع بعض الميليشيات بدافع مصالحهم الخاصة، ويتوددون لقوات "الحشد الشعبي" للحصول على الدعم السياسي والمالي.

وتصاعدت الاحتكاكات بين الميليشيات الموالية لإيران وتلك الموالية للأضرحة العراقية، كما بين الميليشيات الشيعية، والميليشيات السنية، والعشائرية التي تحصل على مناصب أدنى، وأسلحة ومعدات أقل فاعلية من نظيراتها الشيعية.

إلى ذلك، تركز الدراسة الضوء على كيفية سيطرة هذه الجهات الإسلامية الشيعية المسلحة غير الحكومية على قطاعات رئيسية تتجاوز الأمن، مثل العقارات، والبناء، والبنية التحتية، والتعليم.

وبهذه الطريقة تعزز قبضتها في شمال غرب العراق وتمكن إستراتيجية إيران الإقليمية الأوسع من التمدد عبر بلاد الشام إلى البحر الأبيض المتوسط.