محرقة لضحايا كورونا في الهند (أرشيف)
محرقة لضحايا كورونا في الهند (أرشيف)
الأربعاء 5 مايو 2021 / 16:48

الغضب المتزايد من كارثة كورونا في الهند يهز الثقة في مودي

أعلنت الهند ذات مرة انتصارها على كورونا، ولكنها تعاني الآن أزمة صحية غير مسبوقة، ما وضع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي في قفص الاتهام، حيث قال منتقدوها إنها أساءت إدارة الجائحة بشكل هائل.

وتتراكم الجثث في أراض مخصصة للحرق، بينما يتصاعد الدخان من المحرقة الجنائزية التي تشتعل باستمرار في سماء المدن. وفي الخارج في الشوارع، يلهث المرضى يعطيهم متطوعون الأكسجين من وينتظر العديد في طوابير خارج المستشفيات يتسولون القبول.

فالمشاهد المروعة في الهند تجسد المحنة المطلقة التي يشعر بها الذين تركوا وحدهم دون مساعدة من السلطات.

وأدت الزيادة الهائلة في عدد الحالات إلى رفع إجمالي الإصابات إلى 20 مليون في الهند مع تفاقم أزمة الرعاية الصحية، حيث يموت العديد منهم بسبب نقص الأكسجين أو الأسرة في المستشفيات أو الأدوية.

ويعد جيتيندر سينغ شونتي، الذي يدير منظمة إغاثة تنقل الجثث وتحرقها مجاناً، شاهداً على الأهوال التي تشهدها نيودلهي يومياً، ويقول الرجل في محرقة بشرق دلهي: "كنت أعتقد أنن مشاعري تبلدت بعد رؤية الآلاف من عمليات حرق الجثث، ولكن هذه المرة، انهرت وبكيت مع أقاربي".

وأضاف "أرى جثث أطفال وشابات، قدمنا إلى النيران عروسا شابة تزوجت قبل 10 أيام"، ويعيش شونتي فعلياً في المحرقة، ويحرق الجثث حتى وقت متأخر من الليل وينام في سيارته، وأصيبت أسرته أيضاً بكورونا.

وتستمر الجثث في الوصول في عربات الريكشا الهندية والشاحنات والسيارات، وعلى مدى السنوات الـ 25 التي كان يحرق فيها الجثث، كان يرى عادة 10 جثث في اليوم، ولكن هذا العدد يبلغ الآن في المتوسط 120 جثة، الأمر الذي يجبر القائمين على المحارق على إقامة محارق جديدة في حديقة مجاورة، على غرار مواقع الجنازة الأخرى التي تنفد مساحتها في الهند.

ويقول شونتي إنه لا توجد دلالة على حكومة على الأرض، استمر نقص الأكسجين والأسرّة أسبوعين تقريباً حتى الآن، وأضاف "ليس الذين يموتون في دلهي، إنها الإنسانية التي تموت أيضاً، كثيرون لا يموتون ليس بكورونا، ولكن لأنهم لا يتلقون أي علاج، هل تسميها موتاً أم قتلاً؟".

وهناك العديد من القصص المروعة عن انهيار الرعاية الصحية في الهند، وتوفيت أم مصابة بكورونا 19 في موقف سيارات بمستشفى قريب من دلهي في نهاية الأسبوع بعد انتظارها 3 ساعات للحصول على سرير.

وفي ولاية مادهيا براديش بوسط البلاد، قال الطبيب براتيك سوني إن ابن عمه توفي في مستشفى حكومي بعد مشاكل في إمدادات الأكسجين يوم الأحد الماضي، وقال سوني: "الحكومة متفرجة صامتة، المسؤولون مشغولون بتلفيق الأكاذيب".

وفي الوقت الذي تجتاح فيه الموجة القاتلة الثانية البلاد، وتسجل أكثر من 300 ألف إصابة يومياً في أرقام قياسية عالمية جديدة، طال الغضب من سوء التعامل مع الجائحة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعرضت حكومة الزعيم القوى لانتقادات شديدة بسبب سوء قراءتها للوضع، وقلة استجابتها والتقليل من عدد المرضى والوفيات.

وكانت الأخطاء واضحة منذ وقت مبكر، وفي يناير(كانون الثاني) الماضي، قال مودي للمنتدى الاقتصادي العالمي إن الهند أنقذت البشرية من كارثة كبيرة باحتواء كورونا بشكل فعال، فيما كانت تواجه دول مثل بريطانيا الموجة المميتة الثانية من الجائحة.

وفي مارس(أذار) الماضي، ذهبت الحكومة إلى أبعد من ذلك وسمحت بالمهرجانات الدينية، والتجمعات الانتخابية، في الولايات التي حضرها الملايين في مناسبات يحتمل معها أن ينتشر الفيروس انتشاراً فائقاً.

وفي بداية الزيادة الكبيرة في الإصابات في أبريل(نيسان) الماضي، قاد مودي نفسه مسيرات انتخابية ضخمة، وخاطب آلافاً بلا أقنعة، حيث تعجب من الحضور، قائلاً إنه لم ير قط مثل هذه الحشود الضخمة.

ولم تلق تحذيرات العلماء الهنود من موجة ثانية مميتة آذاناً صاغية، ما أدى إلى أسوأ تفشي للفيروس في العالم، وتضررت فرص الهند فى مكافحة الجائحة بحملة تطعيم جماعية فعالة، لعدم تقديم الحكومة طلبات شراء كبيرة بما يكفي من اللقاحات لثاني أكبر دولة فى العالم من حيث عدد السكان، والتي يزيد عدد سكانها على 1.3 مليار نسمة.

وبدلاً من ذلك، أهدت 66 مليون جرعة لقاح إلى دول أخرى، ومن المفارقات أن أكبر منتج للقاحات  في العالم، تعرض لعجز، حيث طعم أقل من 2% من سكان البلاد بشكل كامل منذ يناير(كانون الثاني) الماضي.

ويقول خبراء طبيون إن مودي أعلن بغطرسة أن الهند هزمت الوباء، بدل استغلال الوقت خلال فترة الهدوء في الحالات التي تلت الموجة الأولى لتعزيز مرافق الرعاية الحرجة، وعلى سبيل المثال، تخلت العديد من الولايات الهندية عن حذرها وبدأت تفكيك بنيتها التحتية الخاصة بكورونا،، ما أدى إلى اندلاع الأزمة.

وقال المحلل السياسي أراتي جيراث: "هناك غضب يتصاعد في الشوارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بسبب الإحباط من النظام بشدة"، وأضاف "قيادة مودي؟ إنها غطرسة، مجرد غطرسة، وغطرسة محضة، آمال الناس فيه تبددت ومن المؤكد أن رد الفعل هذا سيؤدي إلى انتكاسة لاسم مودي".

وساهم سوء الإدارة في هزيمة حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي في انتخابات ولاية حاسمة في البنغال الغربية في مطلع الأسبوع، وقال جيراث إن "الوضع قد يتحسن خلال أسابيع قليلة ولكنه لن يكون كما كان للعديد من الأسر المتضررة من الجائحة".

وأضاف "من غير المرجح أن تنسى الأسر كيف خُذلت في هذه الأزمة، لقد تغير عالمها وحياتها إلى الأبد".