الخميس 6 مايو 2021 / 13:55

كارثة... بلينكن قوض اعتراف بايدن بالإبادة الأرمنية

يبدو أن فرحة الأرمن باعتراف الرئيس الأمريكي جو بايدن بالإبادة الجماعية على يد السلطنة العثمانية لم تدم طويلاً في رأي الباحث المقيم في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين، في مؤسسة الرأي الأمريكية "ناشونال إنترست".

وزير الخارجية أنطوني بلينكن قد تغاضى سراً عن المادة 907 من قانون دعم الحرية للتمكن من مواصلة الدعم العسكري لأذربيجان وهو خرق لنص وروحية القانون

بالنسبة إلى الأرمن لم ترتبط الخطوة بالعدالة التاريخية وحسب، بل بردع تركيا وأذربيجان عن الرغبة في مواصلة الإبادة، حسب ما يتبين من سلوكهما وتصرفاتهما.

لكن بعد يومين على الاعتراف بالإبادة، أدرك الأرمن والكونغرس الأمريكي، عبر الإعلام الأذري عوضاً عن وزارة الخارجية، أن وزير الخارجية أنطوني بلينكن تغاضى سراً عن المادة 907 من قانون دعم الحرية، لمواصلة الدعم العسكري لأذربيجان، وهو خرق لنص وروحية القانون.

وتكشف خطوة وزارة الخارجية الأمريكية غياب المسؤولية، وعوض تهدئة الجانبين فإنها ستعمل على استنزاف الثقة وتقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة، كما تزيد من احتمالات تجدد النزاع.

أسباب واهية للمعارضة
أضاف الكاتب أن العديد من معارضي اعتراف بايدن بالإبادة عارضوا الخطوة لواحد من الأسباب التالية. يتساءل البعض إذا خطط قادة "الأتراك الشباب" في السلطنة العثمانية ونسقوا الإبادة. لكن الأعمال الأرشيفية الحديثة تستبعد أي شك في هذا الموضوع.

ويعتبر البعض أن ديبلوماسيين بالغوا في التقارير عن الفظائع لتلطيخ سمعة السلطنة. لكن متحف الإبادة في يريفان سجل العديد من الحالات التي تحدث فيها الديبلوماسيون الألمان المتحالفون مع السلطنة عن ذبح الأتراك المتعمد للأرمن.

صحيح أن بعض الأرمن انتفض ضد السلطنة العثمانية، لكن في ذلك الوقت انتشرت حركات تحرر عدة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لم تطلق تلك التحركات حملات إبادة. وثمة سبب إضافي يقترحه آخرون.

تحليل كسول
يتجنب بعض الأكاديميين وخبراء السياسة الخارجية الحديث عن الإبادة، قائلين ببساطة إن الولايات المتحدة تحتاج إلى تركيا، وأذربيجان حصناً ضد روسيا.

ويزعم هؤلاء أن أرمينيا تحت النفوذ الروسي. يصف روبين هذا التحليل بالمحدود. لقد قوضت تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان مراراً مصالح الولايات المتحدة مع روسيا، وكذلك مع إيران.

في غضون ذلك، رفع الأذري إلهام علييف التجارة مع روسيا في السنوات الماضة بأضعاف عدة. لهذا السبب، كان الاعتراف بالإبادة مبرراً بالمعايير التاريخية والأخلاقية وحتى المصلحية المباشرة. لكن ماذا عن المادة 907 من قانون دعم الحرية؟

خلفيات قانونية وسياسية

أوجبت المادة على الولايات المتحدة ألا تؤمن المساعدات إلى حكومة أذربيجان حتى يحدد الرئيس، ويبلغ الكونغرس، أن حكومة أذربيجان تتخذ خطوات يمكن إثباتها لوقف جميع عمليات الحصار، واستخدامات القوة الهجومية الأخرى ضد أرمينيا وناغورنو قره باخ.

ويكمن مصدر هذه اللغة في النزاع والتطهير العرقي اللذين اندلعا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بين أذربيجان وأرمينيا.

ونشبت الحرب بعد الاستفتاء الذي نظمه سكان إقليم ناغورنو قره باخ الساعين إلى الوحدة مع أرمينيا أو الاستقلال.

وعقب هجمات 11 سبتمبر(أيلول) 2001، عدل الكونغرس قانون دعم الحرية للسماح باستثناء من المادة 907 إذا "كان ذلك ضرورياً لدعم جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب الدولي، وضرورياً لدعم الجاهزية العملانية للقوات الأمريكية المسلحة، أو شركاء التحالف لمكافحة الإرهاب الدولي، ومهماً لأمن حدود أذربيجان، إذا لم يكن سيقوض أو يعرقل الجهود الجارية للتفاوض حول تسوية سلمية بين أرمينيا وأذربيجان وإذا لم يكن سيُستخدم لأغراض هجومية ضد أرمينيا".

انتهاكات عدة للقانون
ذكر روبين أن الهجوم الأذري والتركي المفاجئ على ناغورنو قره باخ، عرقل بالتأكيد "الجهود المستمرة للتفاوض على تسوية سلمية بين أرمينيا وأذربيجان".

تجاهل علييف فكرة المفاوضات بعد غزو المزيد من الأراضي وقلل عبر الإعلام الرسمي من أهمية مجموعة مينسك، التي يشارك الأمريكيون في رئاستها والتي تهدف إلى التفاوض على حل ديبلوماسي.

لا يوجد خرق أوضح للقانون. ولا تشكل الرغبة في التعاون مع أذربيجان لمكافحة الإرهاب أي معنى بما أن علييف قبِل في حربه استخدام مرتزقة سوريين قاتل بعضهم في صفوف داعش أو القاعدة.

لماذا السرية لو كان محقاً؟
أدرك بلينكن أنه كان مخطئاً. لو ظن أن بإمكانه الدفاع عن تصرفاته لما فاجأ الكونغرس ولدافع عن فكرته علناً. وحتى لو وُضع خرق القانون الأمريكي وإهانة الكونغرس جانباً، فإن خطوة بلينكن تقوض الديبلوماسية في المستقبل لأنها تضع معياراً جديداً لأذربيجان، بحيث تتوقع أن تتصرف بلا عواقب طالما أنها تقتل أقل من 7 آلاف رجل ولا تهجر سوى بضعة مئات الآلاف.

علاوة على ذلك، يوجه بلينكن إشارة إلى أذربيجان مفادها أنها لن تواجه أي عواقب، وربما تحصل على بعض المنافع إذا احتجزت بضع مئات من أسرى الحرب بعد المهلة الزمنية التي كان يفترض تحريرهم خلالها. ما فعله بلينكن وفريقه هو أنهما دمرا إمكانية التوصل إلى ديبلوماسية فعالة وكافآ الإرهاب واحتجاز الرهائن. لكن تداعيات سياسته ستكون أبعد من جنوب القوقاز.

كارثة
قوض بلينكن الوضوح الأخلاقي حول حقوق الإنسان المرتبطة بقرار الاعتراف بالإبادة، وأعطى إشارة لتركيا، وروسيا، وإيران وغيرها، أن وزارة الخارجية لن تدافع عن القانون الأمريكي.

وشدد روبين في الختام على أن التكافؤ الأخلاقي ليس معقداً. وبالنسبة إلى موقع الولايات المتحدة في العالم، يمكن أن تكون نظرة التكافؤ، هذه كارثة.