جلسة من محادثات فيينا حول النووي الإيراني (أرشيف)
جلسة من محادثات فيينا حول النووي الإيراني (أرشيف)
الجمعة 7 مايو 2021 / 14:17

ناشيونال إنترست: مفاوضات فيينا عار وانتصار لإيران

24-زياد الأشقر

في مقال على موقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكي، تناول فريد فليتز مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي في 2015، لافتاً إلى أنه بناءً على ما تقوله إدارة الرئيس جو بايدن، فإن تقدماً مهماً يتحقق في هذه المفاوضات الرامية إلى عودة الولايات المتحدة إليه.

هذه إهانة كبرى، منحت طهران أفضلية في المحادثات النووية، منذ أن تبين أن إدارة بايدن تريد العودة إلى الاتفاق أكثر من القادة الإيرانيين

ويزعم المسؤولون في إدارة بايدن، أنه سيكون هناك إتفاق يقوم على قاعدة "الامتثال مقابل الامتثال"، تعود بمقتضاه الولايات المتحدة إلى الاتفاق، وترفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي المقابل ستعود إيران إلى التطبيق الكامل لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.

وقد يبدو أن إدارة بايدن على حافة إنجاز رئيسي، لكن عندما تصبح الاتفاقات الديبلوماسية هي الهدف، عوض أن تكون أداة لمعالجة تهديد، فإنها لا تُعد بالضرورة انتصاراً.

محادثات "غير مباشرة"

ويستعرض الكاتب ما يعزز فرضيته، بدءاً بالعملية الديبلوماسية في فيينا. فهذه محادثات "غير مباشرة" لأن إيران ترفض السماح لديبلوماسييها بالاجتماع وجهاً لوجه، مع ديبلوماسيين أمريكيين. وبموجب هذه العملية، يوجد الديبلوماسيون الإيرانيون والأمريكيون في فنادق مختلفة، وينقل الأوروبيون الاقتراحات بين الوفدين الأمريكي والإيراني.

ترفض إيران التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة. كانت هذه إهانة كبرى، منحت طهران أفضلية في المحادثات النووية، منذ أن تبين أن إدارة بايدن تريد العودة إلى الاتفاق أكثر من القادة الإيرانيين.

وبات في إمكانهم الآن استخدام المحادثات نفسها، آلية لتسليط الضوء على الضعف، واليأس المفترض للولايات المتحدة، وأن يظهروا بدورهم قوتهم. 

وما يزيد الوضع سوءاً، أن الديبلوماسيين الإيرانيين ينسقون موقفهم مع القوى الأخرى الموقعة على الاتفاق، وهي فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين، وروسيا، قبل تقديم مقترحاتهم إلى الديبلوماسيين الأمريكيين، ما يتيح للصين وروسيا أن يبديا رأيهما في المقترحات الإيرانية حول العودة الأمريكية إلى الاتفاق النووي.

ويبدو أن الأطراف الأكثر تأثراً بالطموحات الإيرانية، بما فيها إسرائيل والدول المجاورة لإيران في الخليج، هُمشت بالكامل، مع قول الولايات المتحدة رسمياً إن إسرائيل مهما قالت في هذه المرحلة، فإنها لن تغير الموقف الأمريكي.

كما يوجد قدر كبير من الخداع تحديداً في الأمور التي تساوم الولايات المتحدة وإيران عليها. وتتفق الدولتان على أن الولايات المتحدة مطالبة برفع العقوبات التي فرضها ترامب، وأن على إيران العودة إلى إلتزام الاتفاق النووي.

رفع كل العقوبات 
وتريد إيران رفع كل العقوبات الأمريكية، بما فيها العقوبات غير المتعلقة بالاتفاق النووي. وفي أول الأمر، قال المسؤولون في إدارة بايدن، إنهم لن يرفعوا العقوبات التي لا علاقة لها بالإتفاق، في الوقت الذي يشجعون حلفاء، مثل كوريا الجنوبية، على رفعها.

ومع ذلك، يقال إنهم يفكرون في رفع طائفة واسعة من العقوبات الأمريكية، بما فيها تلك التي تتعلق بدعم إيران للإرهاب، وتطوير الصواريخ وحقوق الإنسان.

ويدافع المسؤولون في إدارة بايدن عن احتمال تقديم مثل هذه التنازلات بإتهامهم إدارة ترامب، دون دليل- بفرض هذه العقوبات على إيران لوضع صعوبات أمام أي رئيس أمريكي يحاول العودة إلى الإتفاق النووي.

وتتخذ الأمور منحى أكثر سوءاً. فافي لأسبوع الماضي، اقترح ديبلوماسيو بايدن "حوافز إقتصادية" على إيران.

فبالإضافة إلى اقتراح مكاسب مادية هائلة لإيران عن طريق رفع العقوبات، تخطط إدارة بايدن أيضاً على ما يبدو لدفع أموال لطهران لإقناعها بالامتثال للاتفاق.

وفي عطلة الأسبوع الماضي، زعمت إيران أن الولايات المتحدة اقترحت تبادلاً للسجناء في جزء من الاتفاق الجديد، رغم أن مسؤولين أمريكيين نفوا ذلك.

1.7 مليار دولار

ويبدو ذلك وكأنه يشبه البدايات التي سبقت التوصل إلى الاتفاق الفاشل الذي وافقت إدارة باراك أوباما بموجبه على نقل 1.7 مليار دولار نقداً بالطائرة إلى إيران في يناير(كانون الثاني) 2016، مقابل إفراج إيران عن خمسة أمريكيين أبرياء كانوا مسجونين لديها.

وفي المقابل أطلقت الولايات المتحدة 14 إيرانياً كانوا مسجونين لنقلهم أسلحة وتكنولوجيا عسكرية إلى طهران، بطريقة غير قانونية. والفارق هذه المرة أن الأرقام ستكون أعلى بكثير.

ومن المؤكد أن كوريا الشمالية التي تراقب عن كثب، تجري حساباتها عما ستطلبه من إدارة بايدن، للامتناع عن إجراء مزيد من التجارب النووية.

وفي المحصلة، فإن المحادثات النووية في فيينا هي عارٌ، وتدرك إيران أنها ستفوز فيها.

إن مضاعفات استسلام بايدن لإيران ستنقل الضعف الأمريكي إلى بقية العالم، وسيكون له عواقب وخيمة على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وما وراءه.