تركيات يتظاهرن ضد قمع الحريات في بلادهن (أرشيف)
تركيات يتظاهرن ضد قمع الحريات في بلادهن (أرشيف)
الجمعة 7 مايو 2021 / 15:06

تقرير دولي: سياسات أردوغان تنسف المجتمع المدني في تركيا

اعتبر تقرير للرابطة الدولية لحقوق الإنسان، أمس الخميس، أن سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مجال الحريات المدنية، تُهدّد بنسف المجتمع المدني المستقل في تركيا، وبإنشاء مجتمع مدني بديل موالٍ للسلطة.

لا يمكن للجهات الفاعلة الدولية، خاصةً الاتحاد الأوروبي، مواصلة العمل كالمعتاد مع تركيا في ضوء الحملة القمعية المستمرة

ويتزامن نشر التقرير مع جلسة استماع ثانية في محاكمة 3 صحافيين بارزين ومدافعين عن حقوق الإنسان متهمين بالإرهاب ويواجهون عقوبة تصل إلى السجن 14 عاماً، من بينهم شيبنيم كورور فينكانسي، الرئيس السابق لمؤسسة حقوق الإنسان التركية، المنظمة العضو في الرابطة الدولية.

ووفقًا للتقرير الذي كان بعنوان "المجتمع المدني التركي على المحك: مساحة متقلصة لحرية تكوين الجمعيات"، "تُلخّص هذه القضية التحديات الوجودية الخطيرة التي تقوّض المجتمع المدني في تركيا".

تفاقم مناخ الخوف والقمع
وأدت تدابير حالة الطوارئ التعسفية بين 2016 و 2018 إلى تفاقم مناخ الخوف والقمع، واستمرّت في إلحاق خسائر فادحة بالمجتمع المدني، بما في ذلك المضايقات القضائية التي تواصلت بلا هوادة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع المدني.

ويكشف التقرير فشل الدولة في ضمان بيئة مواتية للمجتمع المدني في تركيا، ومحاولاتها المكثّفة تقويض أنشطتها. ويشمل ذلك خطاباً وصورة نمطية تُصوّر منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، عملاء أجانب يُمثّلون تهديداً للأمن القومي، ويُعزّزون أهداف المنظمات الإرهابية.

ويمتد هذا الخطاب البغيض إلى أعضاء مجتمع الميم، الذين استهدفتهم حملات التشهير التي تقودها الدولة، وانسحاب تركيا الأخير من اتفاقية اسطنبول.

إضفاء الشرعية على الانتهاكات القانونية
وأضاف التقرير "هذا الخطاب يهدف إلى إضفاء الشرعية على الانتهاكات القانونية لقمع الأفراد والمنظمات، حيث يخضع المدافعون عن حقوق الإنسان، والجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع المدني بانتظام لتحقيقات، وملاحقات جنائية مزيفة لا أساس لها، وكذلك للاعتقالات التعسّفية وحظر السفر أو ممارسة الوظائف العامّة بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان".

ووفقًا للتقرير، أثار هذا الأمر "مزيداً من المخاوف، خاصة من تسييس القضاء".

رقابة حكومية على المجتمع المدني

وتُشكل المتطلبات الإدارية والمالية المُرهقة حاجزاً آخر يُعيق عمل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني. ويوثّق التقرير "كيف تطبق المتطلبات البيروقراطية المعقدة بصرامة من قبل السلطات، ويُقال إنها تُستخدم ذريعةً لقمع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، خاصةً بالتدقيق المتكرّر والمكثّف بدوافع سياسية".

علاوة على ذلك، شدّدت التعديلات التشريعية الأخيرة، بما في ذلك القانون رقم 7262، الرقابة الحكومية على المجتمع المدني  بزيادة التدقيق وغيره من الإجراءات، وتمكين السلطات من إيقاف الموظفين والمديرين التنفيذيين لمنظمات المجتمع المدني الذين يقاضون بتهم معينة وحتى تعليق أنشطة المنظمة.

مجتمع مدني بديل
وأضاف التقرير أن الافتقار إلى فرص التمويل المتنوعة، بسبب الإطار القانوني التقييدي والخطاب العدائي ضد المنظمات التي تتلقّى تمويلاً أجنبياً، يضع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني المستقلة أمام تحديات إضافية لتنفيذ أنشطتها وضمان بقائها. كما توجه الموارد العامة بشكل متزايد نحو المنظمات غير الحكومية الجديدة الموالية للحكومة.

في الواقع، يُستبدل المجتمع المدني المستقلّ بشكل متزايد بالجهات الفاعلة المؤيدة للحكومة في مجال السياسة، حيث يروج لهذه الجهات باعتبارها مجتمعا مدنيا بديلا يؤيد إجراءات الحكومة. وبعد حرمانها من أي فرصة حقيقية للانخراط في حوار مع السلطات، تعتقد العديد من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان اليوم أن مهمتها الأساسية معرضة للخطر بشكل أساسي.

إن كفاح منظمات المجتمع المدني للبقاء مع تقلص مساحتها بشكل تدريجي، يُساهم في زيادة الإرهاق الجسدي والعقلي للمدافعين عن حقوق الإنسان، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات على قدرتهم على أداء أعمالهم.

توصيات
وحثّت المنظمات الحقوقية الحكومة التركية على إنهاء حملة القمع ضدّ المجتمع المدني المستقل، واحترام دوره الأساسي في مجتمع ديمقراطي. كما دعت المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده السياسية والمالية لدعم منظمات حقوق الإنسان في تركيا، سياسياً ومالياً.

وينقل التقرير عن ريهان يالشينداغ، نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان "رغم المرونة والشجاعة التي أظهرتها الجهات الفاعلة في المجتمع المدني مع المدافعين عن حقوق الإنسان في تركيا، فإن التحديات الهائلة الموصوفة في هذا التقرير مرهقة للغاية، وفي بعض الحالات، تهدد وجود جماعات حقوق الإنسان وغيرها. وفي هذا السياق المقلق، لا يزال الدعم والتضامن الدوليان ضروريان للبقاء والازدهار ".

كما ينقل عن جيرالد ستابيروك، الأمين العام للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب "لا يمكن للجهات الفاعلة الدولية، خاصةً الاتحاد الأوروبي، مواصلة العمل كالمعتاد مع تركيا في ضوء الحملة القمعية المستمرة، عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة والضغط، من خلال الدبلوماسية، وبتوفير الدعم الكافي للمجتمع المدني المستقل، لمعالجة تدهور وضع المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في تركيا بسرعة".