إيرانيون في أحد شوارع طهران (أرشيف)
إيرانيون في أحد شوارع طهران (أرشيف)
الجمعة 7 مايو 2021 / 15:19

أي دروس من تشيلي وجنوب أفريقيا للتعامل مع إيران؟

غالباً ما اعتمد مناصرو الاتفاق النووي على الترويج لخيار ثنائي مغلوط قائم إما على القبول بالديبلوماسية مع النظام الإيراني وفقاً لشروطه، وإما على الاستعداد للحرب. بالنسبة إلى هؤلاء، لا خياراً ثالثاً أمام صناع السياسة الأمريكية.

تحتاج واشنطن إلى دعم حقوق الإنسان في إيران من خلال الكلمات والأفعال عبر خطوات عملية من بينها تحديد والإعلاء من شأن الناشطين البارزين كما حصل في جنوب أفريقيا مع نيلسون مانديلا أو في بولندا مع ليش فاونسا

هذه كانت طريقة تفكير فريق أوباما في السابق، وعلى ما يبدو، هي طريقة تفكير بايدن وفريقه الحالي. دحضت الباحثة البارزة في المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية والمستشارة السابقة في مجموعة العمل حول إيران في وزارة الخارجية مورا نامدار، هذه الثنائية ملاحِظةً أن الإدارة الحالية مصممة على الانضمام مجدداً إلى الاتفاق النووي، رغم عيوبه العديدة.

كتبت نامدرا في صحيفة "ذا هيل" عن قناعة في واشنطن بغياب بديل غير عنيف للديبلوماسية مع إيران. لكن البديل الواضح حسب رأيها يكمن في نهج قائم على التواصل مع الشعب الإيراني عوض النظام الثيوقراطي الوحشي الذي يحكمه. وينطلق هذا النهج من ثلاثة عناصر أساسية.

هذا ما حصل في جنوب أفريقيا
تحتاج واشنطن أولاً إلى سياسة عقوبات فعالة تستهدف أبرز العناصر في النظام الإيراني بطريقة تشبه تلك التي ساعدت في تغيير نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

بداية من 1948 وعلى امتداد عقود لاحقة، مارست حكومة جنوب أفريقيا التمييز العنصري المؤسساتي الذي تغلغل في جميع مستويات المجتمع.

في الثمانينات سعى النظام أيضاً إلى امتلاك أسلحة نووية ونجح في تطوير حوالي ستة رؤوس نووية في نهاية العقد نفسه. ورداً على ذلك، فرض الكونغرس في التسعينات عقوبات على أبرز عناصر النظام فأجبر كيب تاون على إنهاء الفصل العنصري، ودفع صناع القرار الحريصين على الانخراط مع العالم إلى التخلي عن المسعى النووي.

ترى الكاتبة وجود تشابه كبير بين حالتي جنوب أفريقيا وإيران. يعاني المجتمع الإيراني اليوم من تمييز ديني وجندري واسع حيث يفرض النظام في طهران تعاملاً غير متساوٍ مع الذين لا يمتثلون إلى تفسيره المتطرف للإسلام الشيعي.

وقد تعرض المسلمون غير الشيعة، والمسيحيون، واليهود ،والبهائيون للتمييز بقوة كما يعامل النظام النساء مواطنات من الدرجة الثانية.

يمثل ذلك أساساً آخر للضغط الأمريكي على إيران بما يتجاوز سعي النظام الجامح للحصول على الأسلحة النووية. إنها حاجة استراتيجية وأخلاقية يجب أن تركز عليها واشنطن بدل تجاهلها.

درس من تشيلي
من جهة ثانية، تحتاج الولايات المتحدة إلى دعم أي دعوة للشعب الإيراني لتنظيم استفتاء شبيه بحملة "لا" التي تدحرجت إلى معارضة واسعة لحكم الجنرال أغوستو بينوشيه القمعي في الثمانينات.

أسست تلك الحملة ظروفاً لتنظيم استفتاء برعاية الأمم المتحدة الأمر الذي أدى إلى نهاية حكمه العسكري.

وبما أن الشعب الإيراني وجه رسائل عن رفضه النظام الحالي والتمس مساعدة دولية لإنهائه، على الولايات المتحدة الدولة الرائدة ديموقراطياً، أن تقود استجابة دولية لتلك الدعوة عبر الحض على استفتاء برعاية ورقابة الأمم المتحدة يسمح لإرادة الشعب الإيراني بتحديد مصيره.

عوض تبييض خطاياه
من ناحية ثالثة، تتابع الكاتبة، تحتاج واشنطن إلى دعم حقوق الإنسان في إيران بالكلمات والأفعال عبر خطوات عملية بينها تحديد وإعلاء شأن الناشطين البارزين، كما حصل في جنوب أفريقيا مع نيلسون مانديلا، أو في بولندا، مع ليش فاونسا وغيرهما الكثير.

وعوض تبييض خطايا النظام الإيراني، على الولايات المتحدة محاسبة الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان في الداخل أو الخارج.

لقد وضعت إدارة ترامب هذا الموضوع في واجهة سياستها الإيرانية وأعلنت مراراً دعمها للناشطين المناضلين من أجل الحرية في إيران. وتضمنت سياسة ترامب إلقاء الضوء على الناشطين الشجعان مثل "مجلس الـ14"، وإدانة اغتيال النظام الوحشي لناشطين مثل بويا بختياري، وحتى الاحتفال بيوم الصداقة بين الشعبين الإيراني والأمريكي، بناءً على طلب كوهر عشقي، بعد فقدان ابنها ستار بهشتي، بسبب تعذيبه في السجون الإيرانية.

نهج أفضل للطرفين
على إدارة بايدن اعتماد بسياسة التواصل نفسها لأن للولايات المتحدة مسؤولية معنوية للإضاءة على مآسي الشعب الإيراني، ولأن بناء العلاقات مع هؤلاء بدل النظام الديني في طهران، هو أفضل وسيلة لتظل أمريكا محتفظة بدورها في مستقبل البلاد.

وذكّرت نامدار بالثورة الخضراء في 2009 حين احتشد الإيرانيون ضد نظامهم بينما اختارت إدارة أوباما البقاء صامتة سعياً للتوافق مع إيران. نتج عن ذلك اتفاق 2015 النووي الذي عزز سلوك النظام الخبيث، وحرر يديه أكثر، لممارسة القمع في الداخل.

يبدو أن إدارة بايدن على المسار نفسه اليوم مدفوعة بالمعتقد الخاطئ، أن الاتفاق هو السبيل الوحيد للمضي قدماً. لكن التاريخ يقدم دروساً عن نهج أفضل للولايات المتحدة وللشعب الإيراني على السواء.