عسكري فرنسي أمام جثث بعض ضحايا مجزرة ستيف (أرشيف)
عسكري فرنسي أمام جثث بعض ضحايا مجزرة ستيف (أرشيف)
الجمعة 7 مايو 2021 / 14:47

الجزائر تحيي ذكرى مجزرة ستيف و"اليوم الوطني للذاكرة"

تحيي الجزائر السبت، لأول مرة "اليوم الوطني للذاكرة" في الذكرى 76 لمجازر 8 مايو (أيار) 1945 عندما قمعت القوات الفرنسية الاستعمارية تظاهرة مطالبة باستقلال الجزائر، ما أسفر عن آلاف القتلى في شرق البلاد، بينما تنتظر الجزائر اعتذار فرنسا على "جرائمها الاستعمارية".

وتجري المراسم الرسمية تحت شعار "الذاكرة تأبى النسيان" في سطيف 300 كلم شرق العاصمة التي شهدت قمع القوات الاستعمارية لتظاهرة تطالب باستقلال الجزائر بمناسبة احتفال الحلفاء بالنصر على النازية في الحرب العالمية الثانية.

وأقر تخليد الذكرى الأليمة من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، ثم صدر في يونيو(حزيران) مرسومها في الجريدة الرسمية "عرفانا للتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري في مجازر 8 مايو (أيار) 1945 وخلال اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) 1954".

واعتبر الرئيس تبون حينها أن ما تعرض له الشعب الجزائري طيلة 132 عاماً من الاستعمار 1830-1962 ومنها مجازر سطيف، وقالمة، وخراطة، "جرائم ضد الإنسانية" لا تسقط بالتقادم.

وأعلن بمناسبة إحياء الذكرى في 2020 "إطلاق قناة تلفزيونية وطنية خاصة بالتاريخ، تكون سنداً للمنظومة التربوية في تدريس هذه المادة التي نريدها أن تستمر حية مع كل الأجيال".

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) بدأ فعلا بث قناة الذاكرة المتخصصة في تاريخ الجزائر.

ويتضمن برنامج اليوم الوطني للذاكرة ندوة بعنوان "الجرائم الاستعمارية في العالم، جريمة 8 مايو (أيار) 1945 نموذجا" بالإضافة إلى معرض تاريخي من تنظيم متحف المجاهد "محاربو الاستقلال" بسطيف.

وحسب وزارة المجاهدين ستنظم مسيرة تجوب شوارع مدينة سطيف تحاكي مسيرة 8 مايو (ايار) 1945 وصولاً إلى المعلم التذكاري المخلد لسقوط الكشاف بوزيد سعال أول ضحية في الأحداث.

وبينما يتحدث الجزائريون عن 45 ألف قتيل، ذكر المؤرخون الفرنسيون أن عدد القتلى يتراوح بين بضعة آلاف و20 ألفاً، منهم 103 من الأوروبيين.

وبعيداً عن الخلاف حول الأرقام فإن تدريس تاريخ الجزائر من بداية الاستعمار إلى الاستقلال مروراً بكل المقاومات حتى حرب التحرير 1954-1962، يبقى من اختصاص الدولة.

ويأتي إحياء "اليوم الوطني للذاكرة" في وقت بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سلسلة "إجراءات رمزية" في محاولة "لمصالحة الذاكرة" بين ضفتي البحر المتوسط، مع اقتراب الاحتفال بالذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر.

وكلف ماكرون المؤرخ الفرنسي المتخصص في حرب الجزائر بنجامان ستورا بإعداد تقرير سلمه له في يناير(كانون الثاني) الماضي، تضمن عدة اقتراحات في هذا المجال. لكن التقرير لم يلق الترحيب في الجزائر.

وحسب مصدر فرنسي مقرب من الملف فإن "سياسة الاعتراف التي التزم بها الرئيس ماكرون ستستمر، وستنفد توصيات عدة جاء بها تقرير ستورا".

وتبقى الذاكرة من أهم الملفات في العلاقات بين المستعمر السابق والجزائر، وتعرضت هذه العلاقات لضربة جديدة بعد أن ألغت الجزائر الزيارة المقررة في أبريل (نيسان) لرئيس الوزراء الفرنسي جون كاستكس، في آخر لحظة.

وفي الأيام التي تلتها وصف وزير العمل الجزائري الهاشمي جعبوب فرنسا بـ "العدو التقليدي والأبدي للجزائر".

واعتبر إيمانويل ماكرون، أول رئيس فرنسي مولود بعد نهاية الحرب، تعليقاً على هذا التصريح أن إرادة المصالحة بين الفرنسيين والجزائريين "مشتركة بشكل واسع" رغم  "بعض المقاومة" في الجزائر.

وفي فبراير(شباط) 2017 عندما كان مرشحاً لرئاسة فرنسا، زار ماكرون الجزائر، ووصف في تصريح للصحافة احتلال الجزائر بـ "جريمة ضد الإنسانية" و"بربرية حقيقية" ما تسبب له في انتقادات واسعة من اليمين الفرنسي.