الأحد 9 مايو 2021 / 19:55

طريق فيينا.. "حرس" طهران يفاوض بالميدان بلا أنيس ولا حسيب

لا تسير المحادثات حول الملف النووي الإيراني في فيينا وفقاً لتقاليد التفاوض المعتمدة تاريخياً في العالم، فالتحركات الميدانية ترتبط عادة بالخطوات الدبلوماسية، يتحرك الميدان وتندلع الاشتباكات أو تقع التفجيرات خلال القرون الماضية لخدمة التفاوض، ولفرض شروط على المتفاوضين من الجهة الأخرى، ولكن اليوم تختلف طرق تحركها عما كانت عليه طوال قرون من الصراعات.

ولكن بالنسبة للمفاوضات الإيرانية، فالأمر مختلف، وخلال 42 عاماً أعطى الميدان تقدمه على طاولات المحادثات، حيث سابق الميدان طاولة التفاوض، وحدد مصيرها، بدلاً من العكس.

ويروي أحد المتابعين للملف النووي من الدبلوماسيين في فيينا في حديث مع موقع 24، مذكراً بما حصل عام 2015، حين كانت طاولة التفاوض تحقق إنجازاً يمكن وصفه بالتاريخي بالنسبة لطهران، أي توقيع الاتفاق مع المجتمع الدولي. في هذا الوقت كانت طهران تحرك قوات الحوثيين للتقدم نحو العاصمة اليمنية صنعاء لاحتلالها ووضع اليد على الحكومة والمؤسسات الرسمية.

هذه الخطوة يشهدها العالم اليوم، فعلى عتبة الأيام الأولى لانطلاق المحادثات، أطلق الحوثيون في اليمن عشرات الغارات بطائرات مسيرة وصواريخ بالستية نحو مناطق جنوب السعودية.

واليوم، حيث يشير الدبلوماسي إلى ما يقع في العراق بالتزامن مع المفاوضات الجارية في فيينا، حيث تتواصل الهجمات الصاروخية التي تتهم بشنها ميليشيات عراقية، موالية لـ"الحرس الثوري الإيراني" مستهدفة قواعد أميركية أو قوافل لوجستية للتحالف الدولي.

وآخر الهجمات وقع الثلاثاء مستهدفا قاعدة عين الأسد، التي تضم قوات أميركية وتقع في محافظة الأنبار، في ثالث عملية من نوعها ضد القوات الأميركية في العراق في غضون ثلاثة أيام.

خطوات التصعيد السابقة للتفاوض أو المرافقة له بشكل مستمر، ليست معروفة عالميا، ولكنها بدلا من أن تسمح بتقدم المحادثات فهي تضع بالمقابل أزمات جديدة غير متناهية، لا يمكن حلها بسرعة، وهو ما نراه في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث اشتعلت الأزمات برفقة المفاوضات، وانتهى التفاوض عام 2015 ولكن الأزمات استمرت وكما يبدو لا يوجد حلول لها.

وسيتعين على أي اتفاق جديد أن يحدد ما إذا كان بإمكان إيران الاستمرار في استخدام "الميدان" للصراع وإبلاغ الرسائل، مع التهديد بالصواريخ البالستية، ولاحقاً بالصواريخ النووية إن سمح أي اتفاق جديد لها بتنفيذه.

ولم تسفر الجولة الأخيرة من المحادثات، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عن أي تقدم كبير، ومن المتوقع أن تستأنف الجمعة في فيينا.

ونقل الديبلوماسي عن مسؤول أمريكي قوله: "إذا سمعت أننا وشركائنا عقدنا العزم على عدم تخطي خطوات معينة تتعلق بالتزامات إيران النووية، فهذا صحيح تماماً".

وهناك موعدان رئيسيان يفرضان تسريع التفاوض؛ الأول في 20 مايو(أيار)، إذ ينتهي اتفاق مؤقت يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة بعض المواقع النووية الإيرانية.

والثاني في 18 يونيو(حزيران)، حيث ستجري إيران انتخابات رئاسية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على المحادثات النووية، وخصوصاً أن المتشددين يضعون كل ثقلهم فيها، محاولين إبعاد الإصلاحيين وكذلك الوسطيين المحسوبين على الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف.