الإثنين 10 مايو 2021 / 15:29

بلومبرغ: الاختبار الأكبر لماكرون هو "حرب لا تنتهي" في منطقة الساحل

24-زياد الأشقر

عن التحديات التي تواجهها فرنسا في حربها على الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل بأفريقيا، كتب بوبي غوش في موقع بلومبرغ الأمريكي، أنها بمواصلة "حربها التي لا تنتهي" في أفريقيا، فإن فرنسا تتسامح مع الحكام المستبدين في مقابل التزام بمكافحة الإرهاب، لكن الرئيس إيمانويل ماكرون بدأ يكتشف أن الاستبداد يقوض هذا الالتزام.

تسبب احتجاجات اندلعت في كامل البلاد إرباكاً لماكرون، لمطالبتها بإقامة حكم مدني فوراً، وأطلقت قوى الأمن النار على المحتجين ما أسفر عن مقتل خمسة منهم على الأقل

في مطلع هذه السنة، فكر ماكرون في تقليص عملية "برخان" الحملة العسكرية التي بدأت في 2013 في دول أفريقية عدة تقع إلى جنوب الصحراء المعروفة بمنطقة الساحل، والتي حققت بحلول أواخر العام الماضي بعض النجاحات المهمة ضد إرهابيين ينتمون إلى تنظيم داعش.

وشجع ذلك دولاً أوروبية على عرض المساعدة في القتال. ودفع الأمر ماكرون إلى التحدث علناً عن إعادة، بعض الجنود الفرنسيين المشاركين في العملية والبالغ عددهم 5100 جندي، إلى الوطن.

سحب القوات خطأ

لكنه سرعان ما تخلى عن الفكرة. وفي فبراير(شباط)، بعد قمة مع زعماء دول الساحل، أقر ماكرون بأن سحب القوات الفرنسية "سيكون خطأً".

وفي محاولة لتجنب الانتقاد في الداخل حيث تعارض غالبية الفرنسيين الحرب، وحيث يخوض الرئيس حملة قاسية لإعادة انتخابه، أضاف تحذيراً مهماً مفاده أن الجنود الفرنسيين سيبقون فقط إذ تعهد نظراؤه في دول الساحل بـ"العمل على المصالحة السياسية"، وعملوا على معالجة المظالم التي تغذي التطرف لدى شعوبهم.

وكان الرئيس الفرنسي يأمل أن تؤدي مثل هذه الجهود، معطوفة على التزام بالمساعدة في الحرب،  إلى خفض في القوات الفرنسية، أو على الأقل "إلى تطور مهم" في الوضع بحلول الصيف. وتحاشى ماكرون تحديد مهلة.

أدنى طموحاته
وبعد ثلاثة أشهر، يبدو أن حتى أدنى طموحاته بعيد عن التحقيق. ولم تبقَ المجموعات الإرهابية وحدها طليقة في منطقة الساحل غير المستقرة، لكن الحلفاء المحليين لفرنسا في جهود مكافحة الإرهاب، باتوا مشتتين نتيجة نزاعات سياسية داخلية.

تزيد خطط ماكرون المشاعر المناهضة لفرنسا في دول الساحل التي كانت تستعمرها باريس. ويلوم الرئيس الفرنسي على ذلك تركيا وروسيا، اللتان تنافسان فرنسا على النفوذ في المنطقة، متهماً إياهما بإثارة الغضب المناهض للاستعمار، بينما جذور الاستياء كامنة في سلوك حلفائه، الذين تجاهلوا تحذيراته في قمة فبراير(شباط).

وكل هذه السرديات تلتقي في تشاد، التي استضافت القمة. وتتخذ "عملية برخان" من نجامينا مقراً لها، بينما يشكل الجنود التشاديون العمود الفقري لحملة القوات الساحلية لمكافحة الإرهاب. ويهدد مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي في أبريل (نيسان) على أيدي المتمردين، بانحلال الخطط الفرنسية في المنطقة.

ويقول غوش إن ديبي كان مستبداً تمتع بدعم مطلق من باريس على مدى ثلاثة عقود. وفي مقابل حماسته للتعاون في القتال ضد الإرهابيين في أماكن أخرى من دول الساحل، وفرت له القوات الفرنسية الحماية من الجماعات المحلية المتمردة التي لا تنتمي إلى الحركات الجهادية.

وحضر ماكرون شخصياً جنازة ديبي، مجدداً القول إن فرنسا "لن تسمح لأحد بأيشكك أو أن يهدد، لا اليوم ولا غداً، استقرار تشاد ووحدة أراضيها"، وأعرب عن دعمه لمجلس عسكري تولى السلطة بقيادة محمد إدريس ديبي نجل الرئيس الراحل، 37 عاماً. وتجاهل الجنرالات دستور البلاد الذي ينص على نقل السلطة إلى رئيس البرلمان.

وتسبب احتجاجات اندلعت في كامل البلاد إرباكاً لماكرون، لمطالبتها بإقامة حكم مدني فوراً، وأطلقت قوى الأمن النار على المحتجين ما أسفر عن مقتل خمسة منهم على الأقل.

واضطر ماكرون للتنديد بقمع الإحتجاجات، وطلب من المجلس العسكري ضمان "انتقال سياسي سلمي شامل" إلى الحكم المدني.

ولسبب غير مفهوم، وافق ماكرون على منح المجلس العسكري مهلة 18 شهراً للانتقال السياسي، وهي مدة تتيح لديبي والجنرالات الآخرين متسعاً من الوقت لضمان بقاء السلطة في أيديهم. وهم في ذلك يقلدون نموذج مالي، البلد الساحلي الآخر الذي نفذ فيه الجيش انقلاباً في العام الماضي، حيث وافق المجلس العسكري هناك أيضاً على 18 شهراً للانتقال إلى الحكم المدني.

وبينما كان العسكريون منشغلين بتقاسم السلطة في باماكو، كان الإرهابيون يصعدون هجماتهم في مناطق أخرى من البلاد.

وبالنسبة إلى فرنسا، فإن المجلس العسكري في تشاد سينشغل هو الآخر عن حملة مكافحة الإرهاب، ويكرس جهوده لقمع المتمردين المحليين من جبهة التغيير والوفاق وغيرهم.