الثلاثاء 11 مايو 2021 / 13:16

رغم فارق الموارد... كيف تفوق السيسي على أردوغان؟

حجبت تركيا مصر خلال العقود القليلة الماضية على مستويات عدة، وحان الآن دور القاهرة لتستعيد تفوّقها على أنقرة، وهو مسار بدأ يتبلور فعلاً. هذا ما يركز عليه الباحث البارز المشارك في "مركز بيغن-سادات للدراسات الاستراتيجية" هيلل فريش الذي أشار إلى أن المد بدأ ينقلب لصالح مصر.

لم يكن هنالك الكثير مما يمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجامع بين المعتقدات الإمبريالية والإسلاموية من إظهار عدائه لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي

يروي فريش في بداية مقاله كيف صبت المقارنات بين الدولتين في الفترة الماضية لصالح تركيا ووضعت مصر في خانة سلبية. 

كتب المؤرخون الاقتصاديون عن نمو الاقتصاد التركي بعد الحرب العالمية الثانية بنسبة 2% سنوياً على مستوى الفرد، مقابل 1% في الاقتصاد المصريّ. وأشاروا إلى أنه رغم التقارب في عدد السكان والمساحة الجغرافية، كانت الصادرات التركية توازي ضعفي الصادرات المصرية.

ولفتوا أيضاً إلى أن صادرات أنقرة كانت صناعية بينما كانت صادرات القاهرة زراعية إضافة إلى شمولها موارد طبيعية. كذلك، تفوق الإنتاج العلمي التركي على الإنتاج المصري بفارق كبير في العقد الأخير من القرن الماضي بفعل بروز الجامعات التركية الخاصة التي حصلت على رعاية شركات تجارية كبرى. حتى الإنتاجات التلفزيونية التركية تفوقت على المصرية.

يذكر فريش أن بروز تركيا على جميع هذه الجبهات تعزز أكثر خلال حكم أردوغان. في العقد الأول من حكم حزب العدالة والتنمية، أصبحت تركيا حبيبة الاستثمار الأجنبي، وواحداً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.

وبرزت أيضاً ثقلاً سياحياً كبيراً حيث حلت في المرتبة الخامسة عالمياً وجذبت إليها عدد سياح أكبر من ذاك الذي جذبته مصر بخمسة أضعاف. تحولت تركيا أيضاً إلى مركز دولي للطيران حيث تبوأت الخطوط الجوية التركية ومطار اسطنبول أفضل 20 مرتبة في فئة كل منهما.

عدوانية إمبريالية وإسلاموية
في تلك الفترة، لم يكن هنالك الكثير ليمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجامع بين المعتقدات الإمبريالية والإسلاموية، من إظهار عدائه لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

أعطى أردوغان الملاذ لأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي بعد سقوط الرئيس السابق محمد مرسي وقضاء السيسي على الإخوان.

وجه أردوغان أوصافاً مهينة للسيسي ودعم عسكرياً لحكومة طرابلس. بينما دعمت مصر حكومة بنغازي وجيشها بقيادة المشير خليفة حفتر. وأضاف فريش أن المد بدأ يتحول لصالح القاهرة.

نقطة قوة السيسي
إن سياسة السيسي الأكثر تواضعاً والتي تركز على المشاكل الداخلية في البلاد عوض المغامرات الخارجية تؤتي ثمارها. أما أردوغان صاحب الطموحات الخارجية الإمبرالية والذي وعد خلال سنوات حكمه الأولى بسياسة خارجية مبنية على صفر مشاكل مع الجيران، فقد أصبح في مواجهة الجميع خارج تركيا تقريباً.

وتنجح سياسة السيسي أكثر رغم الفارق الملحوظ في الموارد لمصلحة تركيا، بما فيها عضويتها في حلف شمال الأطلسي.

إن أفضل ما يجسد انقلاب المد هو الخطوات المبادِرة التي اتخذتها أنقرة للتوصل إلى تسوية مع مصر.

برزت أول خطوة لأردوغان بتوجيه رسالة واضحة إلى الإعلام المحلي للتوقف عن مهاجمة مصر ورئيسها. وأغلقت أنقرة مواقع عربية يديرها أعضاء من الإخوان وهدد غير الممتثلين للتوجيهات الجديدة بالترحيل.

هكذا تبددت الأوهام

يرى فريش أن موقف تركيا الجديد يستند إلى إدراكها أن تفضيل الإخوان المسلمين، وتمييز قطر ضد مصر،تصرفات تساوي الرهان على حصان خاسر. وأن من الحكمة أكثر الاعتراف والتعايش مع مصر وهي دولة ذات هيكل راسخ وموقع جيواستراتيجي مهم.

وأضاف الكاتب أن حماس ساهمت في هذه الانعطافة التركية.

بعدما أصبح السيسي رئيساً، توهمت تركيا وحماس أن الأخيرة ستكون قادرة على تخطي مصر بالاعتماد على الدعمين التركي والقطري.

تبددت الأوهام حين فرضت القاهرة على مسؤولي حماس الخضوع لمعاملات مذلة أحياناً، من بينها مطالبتهم بلقاء خصومهم من حركة فتح في مصر.

ويؤكد فريش، أنه لايمكن لتركيا الحلول محل النفوذ المصري في الشؤون الفلسطينية.

وحض الكاتب ختاماً الإدارة الأمريكية الجديدة على استخلاص العبرة من هذا التحول وتجنب الانخراط في حرب قانونية وسياسية وإعلامية ضد السيسي.