بوابة مسقط (أرشيف)
بوابة مسقط (أرشيف)
الأربعاء 2 يونيو 2021 / 16:20

المستثمرون يردون على خطة التقشف العمانية بالمرونة والتفهم

ربما كانت عمان في طريقها لتخفيف خطة التقشف لإصلاح أوضاعها المالية، في مواجهة احتجاجات على البطالة.

ففي الأسبوع الماضي في ثالث أيام مظاهرات نادرة في عدة مدن، وعد السلطان هيثم الذي تولى العرش في يناير(كانون الثاني) 2020 بتوفير 32 ألف وظيفة وبدعم الشركات الخاصة التي توظف عمانيين.

غير أن هذه الخطوة لم تتسبب في انخفاض كبير في سعر السندات العمانية، وقال مستثمرون إن بعض المرونة في التعديل المالي متوقعة، لضمان الاستقرار الاجتماعي.

وقال شريف عيد مدير المحافظ بشركة فرانكلين تمبلتون للاستثمارات: "رد فعل السوق يعكس تفهما أن الإصلاح الجاد لاسيما ما يتعلق منه بالضرائب في منطقة السوابق فيها محدودة، سيواجه عقبات لكنه لم يخرج عن المسار بشكل كبير"، وأضاف "في الأجل القصير من المتوقع إدخال تعديلات محسوبة خاصة أنها قد تمس عوامل اجتماعية".

وفي نهاية الأسبوع الماضي كان عائد السندات الحكومية العمانية المستحقة في 2047 يبلغ 6.9% أي أعلى قليلاً من 6.7% قبل الاحتجاجات، وفي مارس(آذار) الماضي 2020، بلغ العائد ما يقرب من 12% عندما تسبب انتشار فيروس كورونا في انهيار أسعار النفط الخام.

ويرى محللون أن تدابير التقشف العمانية التي كشفت في العام الماضي ضرورية للحفاظ على قدرة البلاد التي تعاني من شح السيولة المالية على الاستفادة من أسواق السندات العالمية، قبل استحقاق ديون بنحو 11 مليار دولار هذا العام، والعام المقبل.

وعمان من أضعف الدول من الناحية المالية في منطقة الخليج، وأكثرها عرضة للتأثر بتقلبات أسعار النفط الذي كان يمثل حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي في 2019.

ومنذ انهيار سعر النفط في 2014 قفز معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 15% في 2015 إلى 80% في العام الماضي، في الوقت الذي تباطأت فيه خطط السلطنة، لتنويع الإيرادات بعيداً عن قطاع النفط، وتقليل الإنفاق على القطاع العام المترهل.

ولم ترد وزارة المالية والبنك المركزي في السلطنة على طلبات للتعليق على قدرة البلاد على دعم اقتصادها في مواجهة المعوقات المالية.

مطبات على الطريق
وبثت الخطة المالية متوسطة الأجل التي أعلنت في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، وتضمنت ضريبة القيمة المضافة في أبريل (نيسان) الماضي، الطمأنينة في نفوس المستثمرين الأمر الذي ساعد السلطنة في تدبير مليارات الدولارات عبر إصدار سندات والحصول على قروض هذا العام.

وقالت زينة رزق المديرة التنفيذية لإدارة أصول الدخل الثابت لدى أرقام كابيتال: "عمان وفرت مستويات مريحة من المعلومات منذ أواخر العام الماضي دعمت السوق، كما دعمتها أسعار النفط البالغة 70 دولاراً للبرميل، ما أدى إلى تقليل فارق التمويل بدرجة كبيرة"، وأضافت "دبرت عمان معظم احتياجاتها لتمويل الموازنة هذا العام وهو عامل داعم أيضاً".

وتعتزم عمان خفض عجز الميزانية من أكثر من 4 مليارات ريال (10.4 مليار دولار) في 2020، أي 15.8% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 537 مليون ريال في 2024 وهو ما سيعادل 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت وزارة المالية إن من المتوقع أن تبقى نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند حوالي 80% بحلول 2024، وكان يمكن أن تقفز إلى 128% لولا الخطة المالية متوسطة الأجل.

وتهدف السلطنة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية إلى 35% من إجمالي الإيرادات في السنوات المقبلة  من 28% العام الماضي.

ولا تسمح الخطة المالية ببدء خطوات حساسة مثل فرض ضريبة على الدخل الشخصي لأصحاب الدخول المرتفعة، والتي قالت السلطنة إنها تدرس فرضها في 2022 فيما سيمثل الخطوة الأولى من نوعها في منطقة الخليج.

ومع ذلك وفي حين يبدو أن اضطرابات الأسبوع الماضي قد هدأت بعد رد فعل أمني شديد فهي علامة على أن مساعي عمان لاحتواء العجز في موازنات الدولة والديون قد تتباطأ لاستيعاب تداعيات المطالبة بالوظائف.

وارتفع معدل البطالة في عمان إلى مستوى قياسي بلغ 5% العام الماضي وتجاوزت البطالة بين الشباب 10% وفقاً لبيانات البنك الدولي.

وقال سكوت ليفرمور كبير الاقتصاديين للشرق الأوسط بمجموعة أكسفورد إيكونوميكس البحثية: "كان من المستبعد أن يكون الطريق إلى التدعيم المالي سلساً وستؤدي التنازلات التي قدمتها السلطات إلى تباطؤ وتيرة التعديل".

وقال طارق حق خبير سياسات التوظيف بالدول العربية في منظمة العمل الدولية، إن السلطنة في حاجة إلى تطوير سياسة توظيف للأجلين المتوسط والطويل، وأضاف "توفير الحكومة الوظائف في استجابة طارئة ليس بديلاً مستداماً لإصلاح أكثر شمولية لسوق العمل، وهو ما يحتاج للاقتران بإصلاح هيكلي للاقتصاد العماني، بشكل أعم".

تعديلات واردة
وبالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة، وزيادة أسعار المياه والكهرباء تدريجياً هذا العام، خفضت السلطنة إنفاقها المدني والعسكري في 2020، وخططت لمزيد من التخفيضات في العام الجاري، غير أن المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني أخذوا بالفعل في اعتبارهم إلى حد كبير توقع الموازنة بين هذه الإصلاحات الطموح والضغوط الاجتماعية والاقتصادية.

وقالت وكالة فيتش في الشهر الماضي إن التوقعات سلبية للسلطنة، التي تقل تصنيفاتها لدى وكالات التصنيف الكبرى كلها عن التصنيف الاستثماري، بسبب "مخاطر تواجه التنفيذ المتواصل لخطط التدعيم المالي في ضوء السياق الاقتصادي والاجتماعي الصعب".

وقال ليفرمور إن السلطنة ربما تستخدم الإنفاق الحكومي لتخفيف  بعض التداعيات الاجتماعية لجهودها لتنويع الإيرادات، غير أن مسار الإصلاحات لن يتغير.

وأضاف "السلطات العمانية ليس أمامها خيار يذكر سوى الحفاظ على الالتزام بالتعديل المالي متوسط الأجل، رغم أنه قد يحدث بعض التعديل الطفيف لكيفية تحقيق ذلك".

ومع ذلك قال بعض المستثمرين، سيتعين مراقبة الأسلوب الذي سترد به عمان، على أي اضطرابات اجتماعية وتحديات اقتصادية، أخرى مراقبة دقيقة.

وقال سيرغي درغاتشيف مدير الصناديق لدى يونيون إنفستمنت: "المستثمرون قيّموا خطة التدعيم متوسطة الأجل في عمان بارتياح نسبي لأنها أتاحت بعض التخفيف قصير الأجل للأرقام المالية"، وأضاف "غير أن عمان تواجه أيضاً مخاطر أخرى منها توقعات صعبة في قطاع السياحة وضغوط تضخمية كلها بالتوازي مع الوضع على صعيد الوظائف وهو ما يتعين مراقبته".