الثلاثاء 15 يونيو 2021 / 14:25

سفينتان إيرانيتان تعبران الأطلسي... ماذا سيفعل بايدن؟

يتساءل مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية منذ منذ أواخر مايو (أيار) عما تفعله البحرية الإيرانية في جنوب المحيط الأطلسي. واكتشف هؤلاء أن ناقلة نفط كبيرة وفرقاطة حديثة عبرتا رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، نحو الغرب.

حتى اليوم، لم تعط إدارة بايدن أي سبب لطهران يقنعها بمخاطر استفزاز واشنطن

يجيب الكاتب السياسي إيمانويل أوتولينغي أن إيران تستعرض عضلاتها وتوسع نفوذها بعيداً من الفضاء القريب لحدودها. وأشار في موقع "ذا ديسباتش" إلى أن هناك قلقاً أمريكياً آخر من السفينة الأكبر التي تُظهر الأقمار الاصطناعية وجود سبعة زوارق حربية للحرس الثوري على متنها، يمكن أن تحمل أسلحة لفنزويلا.

لا نية للتراجع
حظرت الولايات المتحدة تصدير أسلحة إلى فنزويلا، لكن القرار لا يطبق إلا على الصادرات الأمريكية. ومثلها فعل الاتحاد الأوروبي، علماً أن الحظر لا يشمل أطرافاً ثالثة.

قد تملك الولايات المتحدة أساساً قانونياً لاعتراض السفينتين الإيرانيتين، وحذرت فنزويلا وكوبا من استقبالهما. وإذا وصلت السفينتان إلى بحر الكاريبي، يمكن للقيادة الأمريكية الجنوبية اعتراضهما، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد. ويرى أوتولينغي أن لا نية إيرانية للتراجع حتى اليوم.

بالنسبة إلى إيران، فإن فنزويلا حليف مهم. تعاونت الدولتان في تفادي العقوبات الأمريكية، وتتبنيان أجندة أيديولوجية تسعى إلى تقليص مكانة الولايات المتحدة في العالم.

واستخدمت إيران فنزويلا لنشر دعايتها السياسية في المنطقة. وبالمقابل، اعتمدت فنزويلا على إيران لتخفيف سوء إدارتها الكارثي للاقتصاد، بينما قبلت طهران مدفوعات فنزويلية بالمقايضة أو بالذهب لمعالجة مصاعبها الاقتصادية.

أضاف أوتولينغي أن إيران كانت ترسل أيضاً سلعاً غامضة عبر طائرات شحن إلى فنزويلا وربما نقلت أسلحة أيضاً.

نفضت الغبار عن كتاب أوباما
بالاستناد إلى اعتقادها أن واشنطن لن ترد عليها، تحاول إيران استفزاز الولايات المتحدة في فنائها الخلفي، حتى ولو كان ذلك في وقت يبدو الطرفان قريبان من العودة إلى الاتفاق النووي في فيينا.

ومضى أوتولينغي كاتباً أن إدارة بايدن فعلت كل ما في وسعها لتجعل طهران تعتقد أن الولايات المتحدة تتراجع.

لقد أقدمت الإدارة على ذلك آملة أن تقنع إيران بالتفاوض وكررت قولها إن حملة الضغط الأقصى التي فرضها ترامب، لم تعط أي نتيجة.

وهكذا، نفضت الإدارة الجديدة الغبار عن الكتاب القديم لقواعد اللعبة لإدارة أوباما. خلال الأشهر الأولى من ولايته، وجه بايدن إشارات إلى حلفاء واشنطن الشرق أوسطيين عن نيته العودة إلى سياسات أوباما.

عين الكثير من مسؤولي تلك الإدارة في مناصب سياسية بارزة، بينهم من فاوض إيران على الاتفاق النووي مثل الموفد الخاص للشؤون الإيرانية روبرت مالي.

تنازلات بالجملة
وبعد أسابيع من توليه مسؤولياته، فوض بايدن إدارته لرفع تجميد مليارات الدولارات من النفط الإيراني في العراق، وكوريا الجنوبية.

خففت تلك الخطوة الاختناق المالي الذي كانت إيران تشعر به حتى قبل أي تنازل منها. واختارت الإدارة تقليل أهمية الدور الإيراني في إطلاق الصواريخ من ميليشيات عراقية وكيلة ضد أهداف أمريكية، ثم عمدت إلى إطلاق غارات رمزية محدودة على تلك الميليشيات في سوريا.

ورفعت الإدارة الحوثيين عن لائحة الإرهاب رغم إطلاقهم صواريخ ضد أهداف مدنية في السعودية.

وأنهت واشنطن الدعم الاستخباري للتحالف في اليمن، وأمرت بمراجعة لمبيعات الأسلحة إلى دول الخليج وقعتها إدارة ترامب.

ورفض الديبلوماسيون الأمريكيون الضغط على إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية رغم الأدلة المتراكمة على نشاطات نووية مشبوهة ومثيرة للقلق.

قلق بايدن المزمن
انتقد أوتولينغي النظرة الأمريكية الحالية التي ترى في كل رد على السلوك الإيراني خطراً على المحادثات النووية في فيينا، إصدار إدانة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والرد على وكلاء إيران الذين يستهدفون مصالحها، والإصرار على الإفراج عن الأمريكيين المحتجزين في إيران.

وظهرتت خطوة إضافية يوم الخميس تجلت في رفع العقوبات عن شركات وإيرانيين منخرطين في القطاع النفطي قبل تقديم طهران أي تنازلات.

لقد اعتمد أوباما النهج نفسه، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، دعم خطة العمل المشتركة التي سبقت الاتفاق النووي، فحصلت إيران على تخفيف العقوبات قبل أن أي تنازل.

ولاسترضاء النظام الإيراني، أوقف أوباما مشروع كسندرا بعد عقد من الزمن لمكافحة عمليات غسل الأموال والاتجار بالمخدرات من حزب الله المدعوم إيرانياً، عبر شبكاته الدولية.

قرأت بدقة ضعف بايدن وأوباما
في وقت تظن واشنطن أن ضبط النفس والتنازلات أساسية للتواصل مع طهران، ترى الأخيرة في التصرفات الأمريكية إشارة على الضعف.

إن قافلة عسكرية بحرية متوجهة إلى فناء الولايات المتحدة، أكثر من مجرد اختبار للقدرات البحرية، إنها بيان.

تستفز إيران واشنطن لأنها تستطيع ذلك حسب الكاتب. لم يجف حبر الاتفاق النووي، حين بدأت طهران تستخدم خطوطها الجوية الوطنية لنقل الآلاف من عناصر الميليشيات إلى سوريا. كانت تلك الخطوط من ثمار الاتفاق النووي، واقتربت إيران من شراء مئات الطائرات الغربية.

عرضت إيران الاتفاق النووي ومنافعه الاقتصادية للخطر لأنها استطاعت ذلك ولأنها توقعت سيناريو رفض أوباما تقويض ما وصفه بإنجاز ديبلوماسي تاريخي. أدركت طهران أن واشنطن لن تضغط عليها.

لقد أرسلت إيران سفينتيها لإظهار قوتها وتمردها وتحديها لإدارة بايدن، وحتى اليوم، فإن حساباتها صحيحة  لتجنب واشنطن فعل أي شيء إذا ظنت أن ردة فعلها ستقوض المحادثات النووية.

فرصة
دعا أوتولينغي واشنطن إلى تفادي الفخ. لن ينسحب النظام الإيراني من المحادثات التي يمكن أن تعيد بناء قوته الاقتصادية. علاوة على ذلك، لا تستطيع إيران الرد بقوة.

لقد قتلت واشنطن كبير جنرالاتها قاسم سليماني في 2020، وكان الرد الإيراني محدوداً. يجب أن تدرك طهران أن واشنطن ستفرض جزاء عنيفاً على السلوك الإيراني المتهور.

وحتى اليوم، لم تعط إدارة بايدن أي سبب لطهران يقنعها بمخاطر استفزاز واشنطن. ربما تقدم السفينتان الإيرانيتان فرصة لبايدن لإعادة تقييم ميله لإعطاء طهران ضوءاً أخضر للاستفزاز.