الأربعاء 16 يونيو 2021 / 13:03

كيف يخاطر بايدن بسمعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

حذر رئيس ومؤسس "معهد العلوم والأمن الدولي" دايفد أولبرايت والباحثة البارزة في المعهد نفسه ساره بوركارد، من مسارعة واشنطن إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران بمعزل عن معالجة مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لو أُعيد الاتفاق دون هذه المعالجة، فستظلله غيوم ثقيلة، تشير إلى أن إدارة بايدن تفضل قيوداً نووية مؤقتة على برنامج إيران النووي، أكثر من تفضيلها تفادي تآكل نظام الوكالة للتفتيش

المواجهة مع إيران
أصدر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي تقريراً لاذعاً في أواخر مايو (أيار) عن امتناع إيران عن التعاون وتفسير سبب وجود مواد نووية في أربع منشآت غير معلنة سابقاً ومرتبطة بجهود سابقة لتصنيع السلاح النووي.

ووجد التقرير أن تصرفات إيران "تؤثر جدياً على قدرة الوكالة لتوفير ضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي". ولو كان ذلك البيان غير كاف لإظهار إخلال إيران بواجباتها، فالأرشيف الإيراني السري عن الأسلحة النووية والمكتشف في 2018، يؤكد وجود انتهاك إضافي لتعهد إيران بتجنب السعي إلى السلاح النووي على الإطلاق حسب اتفاق 2015. وهو يؤكد أيضاً انتهاك إيران لالتزاماتها بموجب معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

إن تحليل الوكالة الدولية للأرشيف بالتحديد، وفقاً للصلاحيات التي توفرها المعاهدة، كان وراء هذه المواجهة مع إيران.

مماطلة ومحاولة تقويض

تابع الكاتبان أن إيران لا تظهر أي نية للالتزام مستغلة غياب الانتباه إلى هذا الموضوع المهم خلال المفاوضات النووية. وتخوض طهران حملة لتقويض الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فعوض الإجابة على أسئلة الوكالة ومخاوفها، ماطلت إيران طيلة أشهر، وحاولت أحياناً الخلط بين هذه القضية وبين تعليق اتفاقية الضمانات الإضافية، المعروفة باسم البروتوكول الإضافي، والعديد من ترتيبات مراقبة الوكالة التي رغم أهميتها تبقى مستقلة عن السؤال الأكثر أهمية، هل كشفت إيران بشكل كامل برنامجها النووي.

لم تقدم إيران أي إجابة جوهرية وموثوقة على مخاوف الوكالة عن النشاطات والتجهيزات والمواد النووية غير المعلنة.

كفى
قال غروسي: "كفى" وفي مقابلة إعلامية شدد على ضرورة رد الإيرانيين على أسئلة الوكالة. مع تحول المواجهة إلى المزيد من العلنية، كتب ممثل إيران في الوكالة تغريدة اتهم فيها الأخيرة بنهج "قد يصبح عقبة أمام تفاعلات حسنة النية بين الطرفين". مع دق الوكالة ناقوس الخطر، ترد إيران بالتهديد.

يرجح الكاتبان فشل الوكالة في المواجهة بسبب الانقسامات في مجلس المحافظين فيها بين القوى الغربية وروسيا، وبشكل غير مفاجئ، فشل أحدث اجتماع لمجلس المحافظين في إصدار قرار يدين إيران بل وجد صعوبة في إصدار بيان بالإجماع عن ذلك.

خطوتان
تريد إدارة بايدن أن تكون العودة إلى الاتفاق النووي محور سياستها الإيرانية. لكن الكاتبين يتساءلان عن احتمالات امتثال إيران للاتفاق وهي التي تتجاهل بنده الأساسي الذي يلزمها بالامتناع عن السعي إلى السلاح النووي على الإطلاق. وهذا الشرط أهم من الحدود النووية الفردية أو التقديرات حول اختراق نووي معين.

يجب على الإدارة الأمريكية والقوى الأوروبية البارزة إعطاء الأولوية للتفاوض على امتثال إيراني كامل للالتزام بالاستخدام السلمي للطاقة النووية.

في البداية، على المفاوضين الأمريكيين أن يخبروا إيران باستحالة رفع العقوبات قبل معالجة مخاوف الوكالة. بعدها، يجب أن تضع المفاوضات جدولاً زمنياً لتقدم إيران مع تلك الوكالة، ولا يعني ذلك فقط حضور إيران الاجتماعات. ويرتبط رفع مجموعة من العقوبات بالتقدم المحقق.

مخاطر
إن غياب هذه الخطوات سيهدد بتقويض آفاق إحياء الاتفاق النووي ونزاهة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومعاهدة حظر الانتشار. وفي الوقت نفسه سيؤدي الأمر إلى سوابق خطيرة قد تعتمدها دول أخرى تسعى إلى تحدي الوكالة ومنعها من الوصول أو الحصول على إيضاحات نووية كاملة.

وسيظهر لدول أخرى أنه بعد أشهر من المماطلة، حصلت إيران على تخفيف العقوبات وعلى السماح بمواصلة التخصيب بالتوازي مع إخفاق المجتمع الدولي في تصحيح انتهاكات طهران للضمانات النووية.

ويؤكد الكاتبان أن نزاهة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون على المحك بشكل ملموس، إذا لم تُعالج هذه القضية في جزء من مسار استئناف الاتفاق النووي.

غيوم داكنة
لو أُعيد الاتفاق دون هذه المعالجة، فستظلله غيوم ثقيلة، تشير إلى أن إدارة بايدن تفضل قيوداً نووية مؤقتة على برنامج إيران النووي، أكثر من تفضيلها تفادي تآكل نظام الوكالة للتفتيش، ودفع إيران إلى تأمين التعاون المناسب مع الوكالة لتحدد إذا كان النظام يخفي برنامج أسلحة نووية.

ما تفعله الإدارة الأمريكية في مفاوضات فيينا ليس طريقة لإطلاق جهود معلنة عن تمديد الاتفاق وجعله أقوى.