المرشح الأبرز حظاً للفوز في الانتخابات الإيرانية إبراهيم رئيسي (أرشيف)
المرشح الأبرز حظاً للفوز في الانتخابات الإيرانية إبراهيم رئيسي (أرشيف)
الجمعة 18 يونيو 2021 / 12:53

النظام الإيراني هندس الانتخابات... لكنه لا يزال قلقاً

عرض الكاتب السياسي في صحيفة "ذا غارديان" باتريك وينتور الجهد الهائل الذي يبذله المتشدون في إيران ل ضمان فوز مرشحهم في الانتخابات الرئاسية إبراهيم رئيسي.

تركت هندسة الانتخابات التيار الإصلاحي الضعيف في معاناة وانقسام بين من يريد مقاطعة الانتخابات لحرمانها من الشرعية وبين من يعتقد أن أربعة أعوام، تحت رئاسة بقيادة رئيسي، ستُنهي الجمهورية

ويبذل هؤلاء جهداً إضافياً ليحتفظ النظام الانتخابي بقشرة مصداقية بين الإيرانيين. ففي الفترة الأخيرة، توقعت استطلاعات الرأي أن تنخفض نسبة الاقتراع 40%، من 73% في انتخابات 2017.

يعود هذا الانخفاض بشكل جزئي إلى سعي النظام أكثر من أي وقت مضى لهندسة الانتخابات، لكنه رغم ذلك، لا يزال متوتراً بسبب الخوف من تقلبات مزاجية متأخرة كما حصل في ثلاث مناسبات سابقة على الأقل.

يستحيل أن أصوت

المنافس الأساسي لرئيسي هو الوسطي عبد الناصر همتي الذي تولى رئاسة البنك المركزي الإيراني، والذي يحاول إقامة موجة شعبية في الأيام الأخيرة من حملته مع تحذيرات يائسة بشكل متزايد من عزلة إيران الدولية ومن انقلاب رسمي.

وقال همتي إن أكبر عدو له ليسوا المنافسين الآخرين بل اللامبالاة وخيبة الأمل اللتين انتشرتا بعد انتخابات 2009، المثيرة للجدل. وتساءل همتي، عما حدث للشباب الإيراني في الأعوام الـ12 الماضية فبدل شعاراته من "أين هو صوتي؟" إلى "يستحيل أن أصوت".

يحتاج همتي إلى منع رئيسي من تأمين 50% من غالبية الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات للوصول إلى الجولة الثانية. وستُعرف النتائج يوم السبت. وتظهر استطلاعات الرأي أن همتي يحل في  الثانية بعد رئيسي الذي تحوم شعبيته عند حوالي 50%.

تهديد جدي
أضاف وينتور، أن همتي ليس خبيراً في السياسات اليومية، وبدا أحياناً غير متناسق في المناظرات التلفزيونية الثلاث. ولكن يُنظر إليه على أنه التهديد الجدي الوحيد لرئيسي الذي تعززت حظوظه بعد رفض مجلس صيانة الدستور ترشح تسعة إصلاحيين، وبشكل مفاجئ أكثر، رئيس البرلمان السابق المحافظ علي لاريجاني الموالي تماماً للنظام.

وطالب لاريجاني في تغريدة بتوضيح سبب استبعاده عن لائحة المرشحين الرسميين للانتخابات، لكنه دعا الإيرانيين يوم الثلاثاء إلى رفض مقاطعة التصويت.

إحراج إضافي
تصاعد إحراج الدولة العميقة في إيران هذا الأسبوع، بعدما أعلن وزير الاستخبارات الإيراني السابق 2009-2013 حيدر مصلحي في حديث تلفزيوني أنه أمر مجلس صيانة الدستور بمنع قبول ترشح الإصلاحي هاشمي رفسنجاني إلى انتخابات 2013، لأن المسؤولين وصلوا إلى نتيجة مبنية على استطلاعات رأي مفادها أن رفسنجاني قد يكسب بين 60 و 70% من الأصوات.

واستذكر مصلحي كيف قال للمجلس إن "من واجب أبناء حزب الله" منعه من الترشح وأذعن المجلس لأمره.

عاد فيديو قديم لرفسنجاني، الذي توفي في 2017، للانتشار يوم الثلاثاء وظهر فيه يجري على جهاز للمشي، وقال إنه أدى واجبه بالترشح.

كان تقدمه في السن من الأسباب التي بررت استبعاده، فكانت ممارسته الرياضة رفضاً ضمنياً لقرار المجلس.

إن إخضاع المرشحين للتصفية السياسية أمر شائع في إيران، لكن من النادر سماع مسؤول من صلب الآلة الاستخبارية يؤكد هندسة الانتخابات بهذه الطريقة.

دفع كلام مصلحي نجل رفسنجاني الذي حُرم أيضاً من الترشح لانتخابات 2021 إلى توجيه رسالة للمرشد الأعلى علي خامنئي لسؤاله، هل العملية الانتخابية مجرد عمل تزيين؟. وقالت شقيقته فائزة هاشمي، هذه "لم تعد انتخابات. إنها تعيين".

انقسامات
تركت هندسة الانتخابات التيار الإصلاحي الضعيف في معاناة وانقسام بين من يريد مقاطعة الانتخابات لحرمانها من الشرعية وبين من يعتقد أن أربعة أعوام، تحت رئاسة بقيادة رئيسي، ستُنهي الجمهورية.

ويطلب البعض من الإصلاحيين السماح للمتشددين بالسيطرة على جميع هيئات الدولة منتخبة كانت أم غير منتخبة ليُحرم هؤلاء من أي سياسي يمكنهم لومه.

وذكر وينتور أن نصف الجمعية العامة لجبهة الإصلاح التي تشكل مظلة المجموعات الإصلاحية دعمت همتي، يوم الثلاثاء. لكن كانت تنقصها سبعة أصوات إضافية للحصول على غالبية الثلثين. ودعت بعض الفصائل الإصلاحية همتي ليعرض نيابة الرئاسة على وزير الخارجية جواد ظريف.

محاصرة همتي في المناظرات
اتخذ همتي مساراً شبه إصلاحي في المناظرات الرئاسية، تضمن انتقاد مصارف يديرها الحرس الثوري بشكل فاسد. ووعد بتعيين خمس نساء في الحكومة، وبمعارضة توجيه رسائل تهديدية للنساء بسبب التراخي في وضع الحجاب. كما تعهد بنشر نتائج تحقيقات في قتل متظاهرين سنة 2019.

ولكن المناظرات كانت مؤطرة حول الاقتصاد، وتفادى المشرفون عليها التطرق إلى شؤون القضاء، والسياسة الخارجية الانعزالية، ولهذا السبب قوطع همتي.

وساعد المرشحون المحافظون الأربعة الآخرون رئيسي في محاصرة همتي خلال المناظرات. لكن الأخير اتهمهم بأنهم مجرد غطاء وكان مصيباً في ذلك، بعد انسحاب بعضهم لصالح رئيسي.

ذبح الجمهورية
فاز همتي بدعم رجل الدين البارز وقائد الثورة الخضراء مهدي كروبي، الذي وضع قيد الإقامة الجبرية منذ 10 أعوام، أما مرشح المعارضة الآخر في 2009 مير حسين موسوي، الذي يخضع أيضاً للإقامة الجبرية، فأصدر بياناً مموهاً في نهاية الأسبوع الماضي، قال فيه: "أقف بجانب هؤلاء الذين نجوا من الانتخابات المذلة والمهندَسة" مضيفاً أنه لن يستسلم للمشاركين في الصفقات السرية.

كان ذلك أول بيان لموسوي منذ عقد، وقالت بعض الصحف المتعاطفة معه إنه اصطف إلى جانب الذين قاطعوا صناديق الاقتراع.

وكانت زوجته زهراء رهنورد واضحة، فقالت عن الانتخابات: "لم يعد الشعب يعتبر جزءاً من الجمهورية". وأضافت "الجمهورية، تُذبح أمام كل العالم وفي النهاية يُقضى عليها بشكل كامل".