الرئيس الأذري إلهام علييف والتركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس الأذري إلهام علييف والتركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الجمعة 18 يونيو 2021 / 15:04

الطمع يخرج إلى العلن..أردوغان يدعو أذربيجان للفوز بنصيب من الكعكة الليبية

يمعن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتهاك سيادة ليبيا بالتدخل العسكري، وإرسال المرتزقة، ونهب الثروات، وصولاً إلى دعوة أذربيجان للاستثمار في صناعة النفط في ليبيا.

وأكدت مصادر تركية اليوم الجمعة، أن أردوغان قال في تصريحات صحافية في أذربيجان الثلاثاء الماضي، إن تركيا وأذربيجان، يمكنهما "العمل في قطاع الهيدروكربونات في تركيا، أو ليبيا، أو دول أخرى، ويمكنهما أيضاً التشارك في تكرير النفط".

ولم يصعب على المراقبين، أن يجدوا في التصريحات الأخيرة، محاولة جديدة من أردوغان لتوسيع نفوذ تركيا في ليبيا التي استباحتها أنقرة سياسياً، وعسكرياً، وإعلامياً، وسيادياً بعد الاتفاق على تقاسم الحدود البحرية مع الحكومة المنتهية ولايتها في طرابلس.

ترسيخ نفوذ
ورغم الدعوات الدولية العديدة لتركيا بسحب مرتزقتها من ليبيا لإعادة الاستقرار إليها، وتوحيد مؤسسات البلاد، تمهيداً لانتخابات نهاية العام الجاري، إلا أن أنقرة تصمم على المضي قدماً في ترسيخ نفوذها وسيطرتها الكاملة على ليبيا.

وفي الأسبوع الماضي مثلاً تحول وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في زيارة إلى طرابلس جدد خلالها، موقف بلاده الرافض لسحب قواتها من ليبيا، مبرراً رفضه بأن قواته في البلاد ليست أجنبية لأنها "دخلت بناءً على، اتفاقيات ثنائية".

وترافقت زيارة الوزير التركي ، مع انتقادات واحتجاجات، انتهت في البرلمان الليبي بتبادل للعنف بين النواب المؤيدين لتركيا، والمعارضين لها، بسبب خرق أكار لكل مقومات السيادة الليبية عند نزوله في مطار معيتيقة، بطرابلس الذي تحول إلى قاعدة جوية، تسيطر عليها تركيا بالكامل، حتى أن المسؤولين الليبيين في طرابلس، لم يسمح لهم بدخولها، لاستقبال الزائر، واقتصر الأمر على الضباط والعسكريين الأتراك وحدهم. 

وفي مداخلته أمام البرلمان الليبي يوم الثلاثاء الماضي، قال النائب مصباح دومة، عن مدينة سبها، إن زيارة الوفد التركي، برئاسة وزير الدفاع خلوصي أكار إلى طرابلس "إهانة لليبيين"، وأضاف "إذا كان أكار في زيارة خاصة، فلم يكن هناك ما يستدعي التصوير. لكنه حضر وصور، وهذه إهانة... يجب استدعاء المجلس الرئاسي الذي يعد نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي للمسائلة".

ورداً على محاولة النائب عبد الوهاب زوليه إسكاته، رد دومة بعنف، "نحن الليبيين جاهدنا الأتراك منذ عام 1825، وليس اليوم... وإذا كان في القاعة أتراكاً فليرحلوا... هذه قاعة ليبيين".

احتلال 
ومنذ بداية التدخل التركي، والتسلل إلى القواعد الجوية والبحرية، من الغرب الليبي وصولاً إلى عمق الصحراء، كان واضحاً أن مبررات الاحتلال العثماني الجديد، ليست سياسية، ولا إنسانية، كما روجت تركيا، ولكن دافعها السيطرة على ذهب ليبيا الأسود، الذي تفتقر إليه تركيا بشدة، والذي تسيطر عليه شركات أجنبية كبرى، خاصة الإيطالية والفرنسية، ما أغاظ أردوغان، الذي لم يتورع يوماً عن تأكيد أنه ورث ليبيا، عن أجداده العثمانيين، في كل مناسبة.

وتفيد التقارير المختلفة، أن التدخل التركي في ليبيا كان لتأمين مصالح أنقرة الاقتصادية والجيوسياسية، ووالهيمنة على البلاد، بانتزاع قواعد عسكرية تسيرها وتشرف عليها، بعيداً عن الليبيين أنفسهم، مثل  قاعدة الوطية الجوية، أو القواعد التي أقامتها حول بضواحي طرابلس، بالإضافة إلى قاعدة مصراتة، وميناء الخمس البحري، حسب موقع "war on the rocks" الأمريكي في تقرير نشره بمايو (أيار) الماضي.

صفقات
ويكشف التقرير أن أنقرة سعت إلى استخدام اتفاقها البحري مع طرابلس لانتزاع تنازلات في صراعها  مع قبرص واليونان، إلى جانب الظفر بعقود مجزية في قطاعات الكهرباء مثلا، أو الإنشاءات والمقاولات، وتصدير السلع التجارية الاستهلاكية المختلفة، وتحويل ليبيا لاحقاً إلى معبر، إلى إفريقيا جنوب الصحراء.

وفي السياق ذاته قالت صحيفة "ذا ناشيونال" في تقرير، الأسبوع الماضي، إن أنقرة سعت إلى دعم الميليشيات، وتنظيم الإخوان في ليبيا، لإحياء صفقات سابقة بحوالي 20 مليار دولار في البنية التحتية أبرمتها مرة مع نظام العقيد القذافي الراحل.

واليوم وبعد التطورات في منطقة شرق المتوسط، واقتناع أردوغان بصعوبة انتزاع مناطق بحرية غنية بالنفط، في المتوسط من اليونان، وقبرص، وحتى إسرائيل، وقطاع غاز، لرفض الدول الأوروبية، وأمريكا، ودول الجنوب وفي مقدمتها مصر، التفت أردوغان إلى الشقيق الأصغر والحليف الثري في أذربيجان، ليغريه، بالنفط الليبي.

رائحة النفط
والملاحظ في تصريحات أردوغان الأخيرة عن النفط العربي، أنه يأتي بعد حديثه عن اكتشافات ضخمة في بحر مرمرة، والبحر الأسود، إلى جانب البحر الأبيض المتوسط، ورغم أنه تحدث عنها أكثر من مرة، إلا أن الأتراك لا يزالون ينتظرون تنسم رائحة النفط التركي حتى اليوم، و المثير أن أردوغان الذي وعد مواطنيه بكميات هائلة من النفط، لم يدع أذربيجان للاستثمار في تركيا، القريبة جغرافياً، والتي لا تعرف مشاكل أمنية وعسكرية مثل ليبيا.

ولكن أردوغان دعا باكو، إلى نفط يبعد عنه آلاف الكيلومترات، "في ليبيا وفي دول أخرى"، يعني سوريا، التي ترزح أقسام واسعة منها تحت احتلال تركي مباشر، قريباً من آبار نفط وغاز أيضاً.

واللافت في تصريحات، أردوغان أخيراً أنه لم يدع نظيره الأذري، لا من باب اللياقة الدبلوماسية، ولا حتى من باب المفاوضات التجارية، للتحادث مع سلطات طرابلس، على استغلال النفط، بل دعاه دعوة المالك والمتصرف لنهب النفط والغاز الليبيين، في برهان جديد، على تعطشه ونهمه.