الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أرشيف)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أرشيف)
السبت 19 يونيو 2021 / 14:13

إبراهيم رئيسي.. متشدد تحت العقوبات

فاز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، بنيله 62% من الأصوات وفق نتائج رسمية شبه نهائية أعلنت اليوم السبت، غداة اقتراع أتى في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية ورافقته تساؤلات عن نسبة المشاركة.

وأفاد رئيس لجنة الانتخابات جمال عرف في مؤتمر صحافي أن رئيسي حصل على "أكثر من 17.8 مليون" صوت من أصل 28.6 مليوناً من أصوات المقترعين. وأوضح أن هذه الأرقام هي نتيجة فرز "أكثر من 90٪" من الأصوات، علما بأن العدد الاجمالي للناخبين الإيرانيين كان أكثر من 59.3 مليوناً. ولم تحدد اللجنة العدد النهائي للمقترعين ونسبة المشاركة، إلا أن أرقام الأصوات المفرزة تؤشر إلى تجاوزها 53٪.

ويخلف رئيسي (60 عاماً) الذي يتولى رئاسة السلطة القضائية منذ 2019 والذي كان فوزه مرجحاً منذ بداية الحملة الانتخابية، الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي لا يحق له دستورياً السعي لولاية ثالثة متتالية. وكشف الأخير صباحاً، أن الانتخابات التي أجريت أمس، توّجت رئيسي رئيساً جديداً من الدورة الأولى. وبينما لم يذكر روحاني اسم الفائز، تكفّلت التهاني التي بدأ رئيسي يتلقاها من منافسيه، بحسم هوية الرئيس المنتخب.

وتقدّم رئيسي بفارق كبير على منافسيه، وضمن الغالبية المطلقة من الدورة الأولى. وحل ثانياً المحافظ المتشدد محسن رضائي (أكثر من 3.3 ملايين صوت)، ثم الإصلاحي عبد الناصر همّتي (أكثر من 2.4 مليون)، والمحافظ المتشدد أمير حسين قاضي زاده هاشمي (نحو مليون).

وُلد رئيسي في مدينة مشهد شمال شرقي إيران. وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، فلا توجد معلومات دقيقة عن سجله الدراسي التفصيلي، رغم أنه درس لأول مرة عندما كان يبلغ 15 عاماً، في إحدى مدارس قم، سابع أكبر مدن البلاد على بعد 140 كيلومتراً جنوبي طهران.

ويقول رئيسي في أحد ملصقات حملته الانتخابية: "لقد ذقت الفقر، ولم أسمع عنه فقط"، في إشارة إلى أنه "مرشح الفقراء".

محبوب خامنئي
ويعد رئيسي أحد المقربين الأكثر ثقة بالنسبة لخامنئي. ويؤمن الاثنان بتفسير صارم للفقه، كأساس للدولة والحكومة.

وفضلاً عن كونه يُعارض فتح إيران أمام المستثمرين الأجانب، ويكيل الانتقادات للولايات المتحدة، فإنه يدعم فكرة المحادثات بشأن الاتفاق النووي، التي قد تُفضي إلى إزالة العقوبات عن طهران.

محادثات فيينا
ومع ذلك، لا يتوقع أن يكون للانتخابات تأثير على المفاوضات الجارية في فيينا مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والقوى العالمية بشأن إحياء الاتفاق النووي، ومن غير المرجح أن يتأثر الحوار مع السعودية برئاسة رئيسي، على اعتبار أن القرارات الاستراتيجية تُترك إلى حد كبير ليس للرئيس، ولكن للمرشد الأعلى.

وأفادت وكالة "رويترز" في 25 مايو (أيار) الماضي، بأن الموافقة على ترشح رئيسي المنتمي لتيار غلاة المحافظين، واستبعاد بعض كبار منافسيه المحتملين مثل الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، زاد من فرص نجاحه، كحليف مقرب من خامنئي.

تاريخ دموي
بالنسبة للعديد من الإيرانيين، يرتبط اسم رئيسي بسلسلة من المحاكمات السياسية خلال الحرب مع العراق في الثمانينات.

وتذكر شبكة "سي إن إن"، أن رئيسي لعب بصفته نائب المدعي العام في طهران، دوراً كبيراً في أحد أحلك فصول الجمهورية: الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين عام 1988، بعد فتوى أصدرها مؤسس الجمهورية الخميني.

في ذلك الوقت، كان رئيسي قاضياً في محكمة طهران الثورية، التي كانت تخضع لعملية تطهير ضد المعارضين، بعد استيلاء المتشددين على السلطة عام 1979. ووصفت "سي إن إن" احتمالية فوز رئيسي بالانتخابات بأنه سيعيد إيران إلى "ماضٍ مظلم" في وقت يتطلع المواطنون فيه إلى التغيير. وتشير تقارير حقوقية إلى أن رئيسي كان عضواً في ما يسمى "لجنة الموت"، التي استجوبت السجناء بشأن معتقداتهم الدينية وانتماءاتهم السياسية، وأرسلت آلاف الإيرانيين إلى حتفهم، غالباً بعد محاكمات دامت بضع دقائق.

شخصية خطيرة
واليوم مع فوزه بالرئاسة، ينظر الكثيرون إلى رئيسي على أنه شخصية خطيرة، يمكن أن تساعد في تعزيز قوة المتشددين والأجهزة الأمنية المخيفة في البلاد، بما في ذلك جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي كان وراء اعتقال عشرات النشطاء.

كذلك، تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد. وبعدما حسمت نتيجة التصويت، تبقى نسبة الاقتراع موضع ترقب، علماً بأن أدنى مشاركة في انتخابات رئاسية بلغت 50.6 بالمئة (عام 1993). وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل أربعة أعوام 73٪، في حين شهدت الانتخابات التشريعية في فبراير (شباط) 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57٪.

ودعا خامنئي الجمعة خلال إدلائه بصوته الى المشاركة الكثيفة لأن "ما يفعله الشعب الإيراني اليوم يحدد مصيره ويبني مستقبله لعدة سنوات". وهو دعا مراراً في الآونة الأخيرة إلى المشاركة بكثافة، بينما قام معارضون في الخارج وعبر مواقع التواصل الاجتماعي بحملات تدعو إلى المقاطعة. ويحظى الرئيس بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود إلى المرشد.