رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو (أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الأحد 20 يونيو 2021 / 11:13

ادعاءات حول "تركة" نتانياهو الباقية

جيمس زغبي - الاتحاد

انتهت الخمسة عشر عاماً التي قضاها بنيامين نتانياهو في منصب رئيس وزراء إسرائيل، لكن تركته ما زالت قائمة، فما هي بالضبط هذه التركة؟.

أعلن نتانياهو إنجازاته في كلمة مغادرة المنصب أمام الكنيست الإسرائيلي، وتباهى على طريقة ترامب بأنه هو، وهو وحده، الذي جعل إسرائيل قوة عالمية تتصدى للأعداء وتقاوم الضغوط من الحلفاء، وقضى على صفقة إيران، وأقام مستوطنات بقدر ما أراد، وقضى على اقتصاد إسرائيل الاشتراكي محولاً البلاد إلى ملاذ لاقتصاد السوق، وأحل مبدأ "السلام مقابل السلام" محل مبدأ "الأرض مقابل السلام"، دون أن يتخلى عن بوصة من الأرض، وأصبحت إسرائيل في عصره قوة عسكرية بارزة وحوّل إسرائيل إلى قوة سيبرانية.

وأكثر ما أثار انتباهي في عرض نتانياهو هو مدى التزامه بالنهج نفسه الذي وضعه وطبقه المحافظون الأمريكيون الجدد رغم أن نتانياهو لن يعترف بهذا أبداً.

فحين اُنتخب نتانياهو للمرة الأولي في منصب رئيس الوزراء، على أساس برنامج التزم فيه بإنهاء عملية السلام دعاه الزعيم الجمهوري نيوت جينجريتش ليلقي كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس، وفي إعداده لكلمته كتب مستشارو نتانياهو الأمريكيون من المحافظين الجدد، كلمة تحدد موقفاً بشأن الانفصال التام عن الضعف الذي اتسمت به الحكومات الإسرائيلية السابقة والتأكيد على إظهار القوة، وتفوق إسرائيل والغرب ومقاومة أي ضغوط للتنازل.

وأكدوا على إنهاء عملية السلام وإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وإقامة بديل لقيادتها، وعرقلة أي وجود فلسطيني رسمي في القدس، وبناء تحالفات إقليمية على أساس القوة لمواجهة الأعداء، وخص بالذكر سوريا، والتخلص من صدام حسين في العراق، والتخلي عن المساعدات الاقتصادية الأمريكية لتقليص أي ضغط لكن مع استمرار الحصول على المساعدات العسكرية الأمريكية.

كان هذا في عام 1996، وفي 15 عاماً من الأعوام الخمسة والعشرين التالية، طبّق نتنياهو هذه المسودة وبكلفة طائلة، ولم يفعل هذا بمفرده، لقد ساعده في تنفيذ مزاعمه حلفاؤه من المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري وبعض الديمقراطيين الضعاف.

لكن إسرائيل لم تصبح قوة اقتصادية وعسكرية من ذاتها، فالولايات المتحدة تضخ 3.8 مليار دولار سنوياً في صورة مساعدات عسكرية بعضها يذهب إلى صناعة إسرائيل في السلاح، مما سمح لها بأن تصبح دولة مصدرة بارزة للسلاح، بالإضافة إلى مليارات الدولارات الأمريكية التي ساعدت في دعم قطاع التكنولوجيا المتقدمة.

وتضخ الولايات المتحدة مليارات أخرى في صورة ضمانات قروض من البنوك الأمريكية التي ساعدت في دعم الاقتصاد، والتبرعات المعفاة من الضرائب من الجماعات الأمريكية تقدم كل شيء من الدعم في الإعانات الاجتماعية إلى الشراء غير القانوني للأراضي والتنمية في الأراضي المحتلة، ويزعم نتانياهو أنه يقف في وجه الولايات المتحدة، لكن لولا تجاهل الولايات المتحدة لانتهاكات إسرائيل وتقديم التغطية الحمائية ومنع فرض عقوبات ضدها من منظمات دولية، لعوقبت إسرائيل على تصرفاتها غير القانونية.

ومن ثم، فإن ادعاء نتانياهو أن قيادته هي التي جعلت إسرائيل قوية وقادرة على مقاومة الضغوط ينطوي على قدر كبير من المغالطة، وادعاء أن إسرائيل أكثر أمناً وأن المنطقة مستقرة هو أيضاً خطأ لا لبس فيه.

الآن، تعم الفوضى الشرق الأوسط الذي صاغه المحافظون الجدد، مازالت المنطقة تترنح من حرب العراق الكارثية، التي أطاحت بصدام حسين، لكنها زادت إيران جرأة وعضدت حركات المتطرفين، وتركت الولايات المتحدة تواجه منطقة متعددة الأقطاب في حالة من الاضطراب، وتكشف أحداث الآونة الأخيرة الحقيقة، صحيح أن إسرائيل قوية عسكرياً، لكنها تعاني من التمزق داخلياً ولا تستمتع بالسلام، لأن الفلسطينيين مازالوا يثورون ضد إنكار حقوقهم.

هذه هي تركة نتانياهو وليس ما يتباهى به، والفجوة عميقة للغاية بين الأمرين لدرجة أنها ستستغرق عقوداً، قبل أن نرى سلاماً حقيقياً واستقراراً قائماً على العدل والحقوق وليس مزاعم القوة الكاذبة.