تظاهرة مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد.(أرشيف)
تظاهرة مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد.(أرشيف)
الثلاثاء 22 يونيو 2021 / 09:47

ناشيونال إنترست: هل حان الوقت لتعاود أوروبا فتح سفاراتها في سوريا؟

24-زياد الأشقر

حول احتمال فتح السفارات الأوروبية في سوريا، كتب نامان كارل -توماس هابتوم في موقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكي، أنه بعد عقد على محاولة إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، لا تزال الحكومات الأوروبية تتجاهل الواقع على الأرض، وهو أن الحكومة السورية باقية على المدى المنظور. ومع معاودة مزيد من السفارات فتح أبوابها، فإن الأوروبية منها غائبة بوضوح، فهل حان الوقت لتغير الدول الواقعة شمال المتوسط مسارها، وتوفد ديبلوماسييها إلى سوريا؟

تعتبر العلاقات الديبلوماسية بمثابة شرط مسبق من أجل معالجة التحديات الأساسية التي تواجهها شرق المتوسط


وعندما يتحدث وزراء الخارجية الغربيون ومسؤولو الإتحاد الأوروبي عن سوريا، فإنهم يقولون عادة إنهم يتحدثون باسم بقية شعوب العالم. وهكذا كان حال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قال أمام البرلمان الأوروبي إن الغارات الجوية على سوريا في أبريل (نيسان) 2018 كانت "من أجل شرف الأسرة الدولية". لكن هذا الشعور بات على نحو متزايد غير منسجم مع الواقع.

العالم العربي
وبعيداً عن روسيا والصين والهند التي لم تقطع علاقاتها بسوريا مطلقاً، فإن دولاً أخرى بدأت بإعادة هذه العلاقات. وفي عام 2011، عندما اندلع القتال، صوتت الجامعة العربية على تعليق عضوية سوريا، لكن العالم العربي سرعان ما غير نبرته. وليست مصر والجزائر وحدهما اللتان تدعمان الدولة السورية، فإن دولاً خليجية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين أعادت فتح سفاراتها مع رحلات جوية مباشرة. وإذا ما كانت بعض الدول العربية تراجعت عن دعم سياسة فاشلة، فلماذا لا تفعل الدول الغربية؟

وفي أوروبا، تبدو الرغبة بمعاودة العلاقات الديبلوماسية موجودة أصلاً في العديد الدول. فاليونان عينت مبعوثاً خاصاً إلى سوريا في مايو (أيار)2020، وبعد عام من ذلك، بدأت قبرص في استئجار مبنى لتحويله إلى سفارة جديدة. وفي الوقت نفسه، فإن الجمهورية التشيكية لم تسحب سفيرها مطلقاً من دمشق وتواصل لعب دور القوة الحامية للولايات المتحدة في هذا البلد الذي مزقته الحرب. وأبدت المجر وبولندا والنمسا رغبة بتبني سياسة جديدة لكن من دون القفز إلى التطبيع الكامل. ومع مرور الوقت، فإن التمسك بشبح "الثوار المعتدلين" الذين سيحلون محل الحكومة القائمة لا يعبر عن سذاجة فحسب، بل إنه يحول دون المشاركة الفعالة والذكية.

وعمدت الدانمارك إلى تجريد بعض السوريين من إقاماتهم على قاعدة أن دمشق وضواحيها باتت آمنة، بينما تدفن بقية الدول الأوروبية رؤوسها في الرمال. ولا توجد في الوقت الحاضر جماعة من المعارضة أو إئتلاف رئيسي يشكل تهديداً للدولة السورية، بينما الجماعة المجهزة بتسليح أفضل وهي "قوات سوريا الديمقراطية" الكردية في شمال البلاد، بدأت فعلاً تقارباً خاصاً بها مع الحكومة. ويدرك اللاعبون المحليون أن استخدام القوة بات مركزاً في أيدي السلطات المركزية.

العلاقات الديبلوماسية شرط مسبق
وبالنسبة إلى الأسرة الدولية، تعتبر العلاقات الديبلوماسية بمثابة شرط مسبق من أجل معالجة التحديات الأساسية التي تواجهها شرق المتوسط. فإعادة توطين اللاجئين إلى التلقيح الشامل وضمان الإستقرار في لبنان ومكافحة الإرهاب، هي عينة فقط من القضايا التي يمكن سفراء ذوي خبرة على الأرض أن يحدثوا فارقاً مهماً في معالجتها.

إن إعادة فتح السفارات يجب ألا يكون هدفاً بحد ذاته وإنما مجرد خطوة للمساعدة في تطوير سوريا ما بعد الحرب، وهي مسألة ليست حيوية فقط بالنسبة لملايين السوريين الذين سيتأثرون بها مباشرة، وإنما أيضاً بالنسبة إلى الشرق الأوسط وأوروبا على حد سواء.
ومن أجل إعادة فتح السفارات، ستكون الحكومات الأوروبية بحاجة إلى شجاعة لتحمل الإنتقادات التي ستصدر عن واشنطن. لكن من الأفضل تلقي الإنتقاد القاسي لبضعة أيام على تكرار عقدٍ من الفشل الدامي.