وزير التربية الفرنسي جان ميشيل بلانكيه (أرشيف)
وزير التربية الفرنسي جان ميشيل بلانكيه (أرشيف)
الخميس 24 يونيو 2021 / 17:05

فرنسا: ألف مُدرّب لمواجهة الإسلام السياسي

مع قُرب انتهاء العام الدراسي في فرنسا في السادس من يوليو (تموز) القادم، وبالتزامن مع بدء التحضير لانتخابات الرئاسة الفرنسية 2022 التي تُعتبر مواجهة أفكار التطرّف الديني أحد أهم محاورها، نظّمت وزارة التربية الفرنسية سلسلة من ورش العمل التي سعت لتفعيل مبادئ العلمانية في البلاد ومواجهة تغلغل أفكار الإسلام السياسي.

وجاء ذلك على وقع جريمة مقتل مُدرّس التاريخ والجغرافيا صامويل باتي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بشكل بشع على يد لاجئ شيشاني إثر أزمة الرسوم الكاريكاتورية التي تناولها الأستاذ الفرنسي في إطار درس عن حرية التعبير في المدرسة التي كان يعمل بها في ضاحية غرب باريس.

وعلى إثر تلك الورش، أعلن وزير التربية الفرنسي جان ميشيل بلانكيه أنّ الحكومة الفرنسية تستعد للموسم الدراسي المقبل بإطلاق برنامج تدريب علماني يمتد على أربع سنوات، ويهدف إلى إقامة دورات تدريبية يتولاها 1000 مُدرّب مُختص ويستفيد منها مدرسو المدارس الإعدادية والثانوية الفرنسية.

ومن شأن هذه الدورات تسهيل عملية التعاطي مع مبادئ العلمانية التي يقوم عليها النظام الجمهوري الفرنسي. وسوف يلتحق المُدربون أنفسهم بجامعة السوربون وغيرها من الجامعات الفرنسية للحصول على درجة جامعية في العلمانية.

كانت عدّة تقارير كشفت أنّ العديد من أساتذة المدارس باتوا يتلقون تهديدات، يخافون من الإعلان عنها، تصل لدرجة القتل من جمعيات دينية وأولياء أمور لإجبارهم على تبنّي أطروحات متطرفة تتعلق بالدين الإسلامي خلال تعاملهم مع التلاميذ، وتتعارض مع العلمانية الفرنسية ومناهج التعليم المُعتمدة في المؤسسات التربوية الفرنسية، ولا تعترف بمبدأ فصل الدين عن الدولة.

وتنطلق الدورات التدريبية سبتمبر القادم، وسط تشكيك بمدى نجاحها وكيفية تمويلها، لتشمل في مرحلتها الأولى المُدرسين في المرحلتين الإعدادية والثانوية ومُستشاري التربية الوطنية، على أن تتوسع لاحقاً لتتوجّه لكافة العاملين في قطاع التعليم. ومن جهتهم طالب المدرسون وزارة التربية الفرنسية، بوضع مبادئ دقيقة ومتناسقة للعلمانية وقيم الجمهورية وتطبيق القوانين الفرنسية بحيث يتم شرحها وتقديمها للتلاميذ، بما لا يسمح للمُتطرّفين بتأويلها وتفسيرها خدمة لمصالح الإسلام السياسي.

وبحسب استراتيجية "ورشة تعزيز مبادئ العلمانية الفرنسية"، فمن المتوقع أن تتوسع هذه الجهود لتشمل أيضاً رياض الأطفال والمدارس الابتدائية وكافة الأسر، بالإضافة إلى كل مؤسسات الدولة الفرنسية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، بحيث يتمكن الجميع، عبر الحوار وليس الإكراه، من فهم ظاهرة التنازع على المعرفة والهجمات على العلمانية وقيم الجمهورية.

وبالتوازي مع ذلك، فقد استبدلت رئاسة الوزراء في فرنسا، مؤسسة مرصد العلمانية التي أنشأت في 2013 لكنّها فشلت في أداء مهامها، بتشكيل "اللجنة العلمانية الوزارية" التي ستبدأ عملها في يوليو (تموز) 2021، وذلك بهدف التنسيق بين مهام وزارات التربية والداخلية والمؤسسات الحكومية الأخرى، بما يسمح بالتصدي بكفاءة أكبر لأي محاولات لتعزيز الفكر المُتطرف، وتعزيز العلاقة بين الفرنسيين والمُقيمين في البلاد استناداً إلى قوانين الدولة بعيداً عن أيّ تدخل لجمعيات ومنظمات دينية تتلقى الدعم الفكري والمالي من الخارج.

كما وتتزامن الخطوات السابقة، مع استعداد البرلمان الفرنسي لإقرار مشروع قانون مُثير للجدل يهدف إلى "تعزيز العلمانية وترسيخ مبادئ الجمهورية"، والذي انطلقت فكرته الأولى صيف العام الماضي، ويُقرّ سلسلة من الإجراءات العملية التي تسعى لتعزيز مبدأ الحياد لدى موظفي القطاع العام والتصدّي لأفكار الإسلام السياسي وتحريض الخطاب الديني المتطرف من قبل جمعيات دينية فرنسية تتلقى دعماً خارجياً وبشكل خاص من تركيا.