الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 16 يوليو 2021 / 11:12

أردوغان مستمرّ في الانقلاب على نفسه

بمناسبة الذكرى الخامسة لمحاولة الانقلاب المزعوم في 15 يوليو(تموز) 2016، رأى الكاتب التركي تركمان تيرزي أن أردوغان يستمرّ بالانقلاب على نفسه من خلال عدم السماح بتحقيق حقيقي وصحيح في محاولة الانقلاب.

بينما يُواصل أردوغان اختطاف المعلمين من كوسوفو وقيرغيزستان وكينيا في انتهاك للقانون الدولي، فانه من المثير للاهتمام أن القوى الغربية الكبرى فشلت في اتخاذ موقف صارم ضدّ انتهاكاته لحقوق الإنسان

وكتب تيرزي، لموقع "تيركش مينيت"، أنه من دون انتظار أي حكم قضائي، سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى اتهام فتح الله غولن، بتدبير الانقلاب. وأعلنت الدولة التركية رسمياً أن الحركة هي منظمة إرهابية وتشكّل التهديد الأول للبلاد، علماً أن خمس سنوات مرت على محاولة الانقلاب، دون أن يُسلّط الضوء على ذلك التهديد.

ولم يسمح حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والذي يحتل مع حليفه، حزب الحركة القومية، أغلبية المقاعد في البرلمان، للهيئة التشريعية أو أي هيئة دولية بالتحقيق بشكل صحيح في محاولة الانقلاب.

البرلمان التركي
وعقدت لجنة تحقيق برلمانية تمّ تشكيلها بموافقة البرلمان التركي اجتماعها الأول في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2016. وقررت الاستماع إلى العديد من الجنرالات المتقاعدين والوزراء ورؤساء البلديات السابقين، ولكن ليس الجهات الحكومية الرئيسية. ولم يُطلب من رئيس الأركان العامة آنذاك الجنرال خلوصي أكار ورئيس جهاز المخابرات الوطنية هاكان فيدان المثول أمام اللجنة. لكن لجنة التحقيق أنهت عملها بأمر من أردوغان.

أردوغان كان يعلم
ولا تزال المعارضة التركية تُشكك في دور أردوغان وأعضاء حزب العدالة والتنمية في محاولة الانقلاب.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا كمال كيلتشدار أوغلو أن محاولة الانقلاب كانت "خاضعة للسيطرة"، مدعياً أن أردوغان كان لديه معلومات حول خطط الانقلاب، لكنه سمح بحدوثه، وأنه يمتلك ملف أدلة يظهر أن محاولة الانقلاب تمّت بعلم أردوغان.

انقلاب ذاتي
كما زعم صلاح الدين دميرطاش، العضو السابق في حزب "الشعوب الديمقراطي" الموالي للأكراد، أن أردوغان كذب عندما قال إنه علم بمحاولة الانقلاب من صهره. وأكد أن أردوغان علم مسبقاً بمحاولة الانقلاب، وأن أكبر مؤامرة في 15 يوليو كانت انقلاباً داخل الانقلاب: انقلاب أردوغان المضاد، مضيفًا أن كل النواب يتحدّثون عن هذا الواقع في قاعات البرلمان، لكنّهم يخشون التحدث عنه بشكل علني.

وبصرف النظر عن المعارضة التركية، وصف خبراء المخابرات الأجنبية والصحفيون أحداث 15 يوليو بأنها محاولة انقلاب مضاد قام بها أردوغان.

وقال واين مادسن، ضابط البحرية الأمريكية المتقاعد إن محاولة الانقلاب في تركيا كانت انقلاباً ذاتياً من أردوغان.

فلين كان يعلم ايضاً
وأضاف مادسن إن مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأول للرئيس السابق دونالد ترمب، عقد عدة اجتماعات مع ممثلي الحكومة التركية في أبريل (نيسان) 2016 لخطف غولن.

وأشار مادسن إلى أن فلين خبير في "الخداع العسكري"، وأنه استخدم هذه المهارات عندما أشاد بمخطّطي الانقلاب التركي في خطاب ألقاه في الولايات المتحدة أثناء الانقلاب، لكنه دعم فيما بعد نظام أردوغان.

من جهته، قال يورغن لورنتزن، المخرج النرويجي للفيلم الوثائقي "هدية من الله" حول محاولة الانقلاب في 15 يوليو والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي أعقبت الانقلاب في تركيا، إن أجهزة المخابرات الغربية لا تعتقد أن غولن هو العقل المدبر لمحاولة الانقلاب، وإنهم يعرفون كل شيء حول أنشطة أردوغان غير القانونية، ولكنه التزم الصمت لأن تركيا عضو قوي في الناتو.

وأشار لورنتزن إلى أن خلفية محاولة الانقلاب لا تزال غامضة، وأن أعضاء الناتو وافقوا على عدم الكشف عن أسرار ليلة 15 يوليو.

بنادق غير مرخّصة
وبدوره، كشف زعيم المافيا التركي سيدات بيكير، أحدث المعلومات المهمة حول محاولة الانقلاب، حيث ادعى أن وزير الداخلية التركي الحالي سليمان صويلو قام بتسليح عدد كبير من المدنيين ببنادق غير مرخّصة خلال محاولة الانقلاب، وأنه استولى على العديد من الشركات التابعة لأتباع غولن.

وأضاف بيكير أن توزيع البنادق غير المسجّلة على المدنيين ليلة محاولة الانقلاب، كان يتطلّب تحضيراً مسبقاً. وهذا ما يُرجّح أن حكومة أردوغان علمت بمحاولة الانقلاب منذ فترة طويلة واستعدّت لها. ذكر العديد من شهود 15 يوليو أن بعض المدنيين أطلقوا النار على الحشد.

ولم يسمح حزب "العدالة والتنمية" قط بتشريح جثث الأشخاص الذين لقوا حتفهم ليلة الانقلاب. لذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأسلحة غير المرخّصة قد استُخدمت لقتل المدنيين الذين كانوا في الشوارع لوقف محاولة الانقلاب.

أردوغان يُواصل الاعتقالات
لم تُظهر حكومة أردوغان قط أي نية لإلقاء الضوء على أحداث 15 يوليو (تموز)، وبدلاً من ذلك، تواصل حكومة أردوغان والمحاكم التركية ذات الدوافع السياسية اعتقال النساء الحوامل وكبار السن والمدرسين ورجال الأعمال الذين تبرّعوا للفقراء أو الذين لديهم حساب مصرفي في بنك آسيا المرتبط بحركة غولن.

وتم التحقيق مع أكثر من 500 ألف شخص، واعتُقل حوالي 100 ألف، وتوفي العشرات في السجون التركية، بعضهم في ظروف مشبوهة، في إطار سياسة التطهير التي مارسها أردوغان بعد الانقلاب.

وخلص تيرزي أنه بينما يُواصل أردوغان اختطاف المعلمين من كوسوفو وقيرغيزستان وكينيا في انتهاك للقانون الدولي، فانه من المثير للاهتمام أن القوى الغربية الكبرى فشلت في اتخاذ موقف صارم ضدّ انتهاكاته لحقوق الإنسان.