إحدى جلسات التفاوض على العودة إلى الاتفاق النووي في فيينا.(أرشيف)
إحدى جلسات التفاوض على العودة إلى الاتفاق النووي في فيينا.(أرشيف)
الجمعة 16 يوليو 2021 / 11:55

لماذا سيفشل مخطط إيران بشأن الاتفاق النووي الجديد؟

دعا كبير المستشارين في شركة كوفينغتون أند بورلينغ للمحاماة ستيفن ريدمايكر النظام الإيراني إلى عدم توقع نجاح مخططه في مفاوضات فيينا الهادفة إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي.

هذا "الخط الأحمر" الجديد مهم لدرجة أن مسؤولاً إيرانياً بارزاً حذر من أن بلاده لن تعود إلى طاولة التفاوض حتى تتخذ واشنطن "قراراً سياسياً صعباً"

فبعد انتخاب ابراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية الإيرانية، أضافت طهران شرطاً جديداً للعودة إلى الاتفاق النووي: ضمان عدم تكرار انسحاب واشنطن مستقبلاً من الاتفاق النووي وفرض عقوبات عليها.

وأوضح ريدمايكر في موقع "ريل كلير وورلد" أن طهران أرادت تحقيق هذه الضمانة عبر إلزام الولايات المتحدة بالحصول على موافقة الأمم المتحدة قبل أن تستطيع الانسحاب منه. وحتى اليوم، لم توافق إدارة بايدن على هذا الشرط، لكنها تحت ضغط ملحوظ لفعل ذلك.

خط أحمر ساقط

هذا "الخط الأحمر" الجديد مهم لدرجة أن مسؤولاً إيرانياً بارزاً حذر من أن بلاده لن تعود إلى طاولة التفاوض حتى تتخذ واشنطن "قراراً سياسياً صعباً". تقول إيران إنها لن تستطيع تحقيق المنافع الاقتصادية الناجمة عن رفع العقوبات الأمريكية إذا اشتبه شركاء الأعمال في أوروبا وخارجها بأن أي إدارة مقبلة قادرة على التراجع عن هذه الخطوة. لكن وفقاً للقانون الأمريكي، لا يمكن لإدارة بايدن أن تقوم بأي تحرك لمنع إدارة لاحقة من مغادرة الاتفاق مجدداً.

تم اعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة كاتفاق تنفيذي "ملزم سياسياً" سهّل على إدارة ترامب تمزيقه. لو حصل الاتفاق على مصادقة مجلس الشيوخ لأصبح ملزماً قانونياً. تفادى أوباما تحويل الاتفاق إلى الكونغرس. لكن حتى لو حدث ذلك، لما كان بإمكانه منع ترامب من الانسحاب. فالرؤساء ينسحبون من المعاهدات طوال الوقت.

أضاف ريدمايكر أنه من الناحية النظرية، يمكن لمجلس الأمن، لو قبلت إدارة بايدن بذلك، أن يتبنى قراراً يمنع الولايات المتحدة من مغادرة الاتفاق بدون موافقته. بحسب إجراءات مجلس الأمن، تقول المزاعم إن هذه الآلية تعطي روسيا والصين حق نقض أي قرار أمريكي بالانسحاب. يرى أنصار الأمم المتحدة أن هذه الآلية ستجعل أي انسحاب أمريكي مستقبلي من الاتفاق أمراً غير مشروع وفقاً للقانون الدولي. لكن في الولايات المتحدة، للدستور الأمريكي المكانة العليا داخل البلاد ولهذا السبب ستكون هذه الآلية غير ملزمة لأي إدارة.

لتخيل ردة فعل الكونغرس
يذكر ريدمايكر مثلين عن استعداد واشنطن لتحدي قرارات مجلس الأمن "الملزمة". قاد بايدن نفسه حين كان سيناتوراً سنة 1995 جهداً كهذا لسن تشريع ينتهك حظر السلاح الأممي على البوسنة. وبالتأكيد، لم تنسَ إيران زعمها بأن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي انتهك قرار مجلس الأمن الذي دعمه. يظهر هذان المثلان أن آلية نقض أممية لن تكون فعالة بالنسبة إلى إيران. لكنها ستثير مخاوف دستورية جدية. يدعو الكاتب إلى تخيل ردة فعل الكونغرس إذا تدبرت إدارة بايدن مع إيران وروسيا والصين الحد من مرونة واشنطن في الانسحاب من اتفاق دولي، خصوصاً إذا اختارت الإدارة عدم تحويل الاتفاق إلى مجلس الشيوخ للمصادقة عليه كمعاهدة.

سخرية
إن تخطي مجلس الشيوخ عمداً لصالح إبلاغ سائر دول العالم بأن اتفاقاً أصبح ملزماً قانونياً للولايات المتحدة عبر تحرك من مجلس الأمن سوف يجعل من الدور الدستوري لمجلس الشيوخ موضع سخرية. في الواقع، إن الضمانة الوحيدة لاكتساب أي اتفاق نووي احترام الإدارات المستقبلية تكمن في أن يتمتع الاتفاق بشرعية سياسية لدى الحزبين. ولم تكن هذه حالة اتفاق 2015.

ويذكّر الكاتب بأنه حين تم تحويل الاتفاق إلى الكونغرس بموجب قانون يفرض مراجعة السلطة التشريعية الأمريكية للاتفاقات النووية مع إيران، أدلت غالبية كبيرة في كلا المجلسين بأصوات معارضة للاتفاق، لكنها لم تكن فعالة لإبطاله. صوت جميع الجمهوريين في المجلسين بـ"لا" على خطة العمل الشاملة المشتركة. وكذلك فعل أربعة ديموقراطيين في مجلس الشيوخ وخمسة وعشرون في مجلس النواب.

مخاطرة
يحض جمهوريو مجلس النواب إدارة بايدن على الامتثال للقانون نفسه في حال أرادت التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، لكن الإدارة لم تطلق أي وعود. إذا قررت الإدارة تخطي الكونغرس خلال تطبيق أي اتفاق مقبل مع إيران فستضع أسساً لمعارضيه كي يقولوا إن الاتفاق ليس مجرد سياسة سيئة وحسب، بل إنه يخضع للتنفيذ بطريقة غير شرعية.

إن محاولات اختصار الطريق عبر السعي إلى الحصول على مصادقة الأمم المتحدة عوضاً عن مجلس الشيوخ، أو عبر السعي إلى تخطي الكونغرس كلياً، تخاطر بإطلاق نتائج عكسية مما يؤدي إلى تقليص ديمومة الاتفاق الجديد. ما على بايدن وإيران فعله بحسب الكاتب هو التفاوض على اتفاق لا تخشى الإدارة تحويله إلى الكونغرس لأنها واثقة من حصوله على دعم الحزبين. عندها فقط، سيكون الإيرانيون وشركاؤهم التجاريون المحتملون قادرين على الاسترخاء حين يفكرون بما قد يفعله الرئيس الأمريكي المقبل.