صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
السبت 17 يوليو 2021 / 11:03

صحف عربية: الضباب السياسي يعم لبنان

تعكس الصورة اللبنانية اليوم مشهداً ضبابياً، فلا يزال تشكيل حكومة جديدة مطلباً محلياً ودولياً، قبل أن يتقدم المجتمع الدولي لوضع لبنان تحت الوصاية عبر تدخل إنساني لإنقاذ شعبه.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، فإن البحث عن اسم بديل لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري سيكون في غاية التعقيد، فالكل يخشى أن يلقف كرة النار وخوض معارك مع شخصيات لا تريد تقديم أية تنازلات.

سقوط الراهنات 
واعتبر الكاتب إبراهيم حيدر أن "اعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة ليس مسألة تفصيلية في الوضع اللبناني الراهن. بل هو منعطف يشير الى أن الانسداد السياسي في النظام وفي الصيغة، بلغ ذروته ووصل الى مرحلة الانفجار بين مكونات التركيبة السياسية والطائفية اللبنانية".

وقال حيدر في مقال بصحيفة "النهار" اللبنانية إن "كلام الحريري عن "عدم التفاهم" بينه وبين الرئيس اللبناني ميشال عون شكٌل النقطة التي فتحت على أصل المشكلة، وهي الطريقة التي جاء فيها عون إلى رئاسة الجمهورية في 2016 بانتخاب أشبه بالتعيين، حيث علّق البلد بالفراغ لأكثر من سنتين إلى حين إيصال المرشح الأوحد إلى الرئاسة بدعم من حزب الله".

وأشار الكاتب إلى أن "كل الرهانات على إمكان تجديد التسوية بين عون والحريري سقطت، وهو أمر ينسحب على كل القوى في لبنان التي أدارت البلد عبر المحاصصة والتنفيعات ومحاولة التحكم بالقرار، خصوصاً التحالف الذي قام بين ميشال عون وتياره و"حزب الله" وجاء بحكومة حسان دياب التي لم تحظَ بأي تأييد عربي ودولي ولا بثقة داخلية لبنانية، فتمكن رئيس الجمهورية من حصر الصلاحيات بيده والهيمنة على القرار بدعم واضح وصريح من "الحزب" مقابل التغطية على مشاريعه وفائض قوته المحلية والإقليمية".

كما حذر حيدر من أن "المشكلة تبدو اليوم أكثر تعقيداً في ظل الانهيار المتسارع في لبنان وغياب معالم الدولة والفوضى التي بدأت تأكل ما تبقى من رصيد اللبنانيين وتهدد بالانفجار ونهاية البلد والكيان".

لبنان في العصر الحجري

فيما وصف الكاتب راجح الخوري الأزمة في لبنان بأنها "من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، وعندما تصبح عناوين الصحف والمجلات في العالم تقريباً، "لبنان..أهلاً بكم في العصر الحجري"، ويصبح كلام وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان عن الإجماع السياسي الأوروبي، على اتخاذ عقوبات ضد أطراف لبنانية قبل نهاية الشهر، لدفعها إلى تسهيل تشكيل حكومة، مبعثاً للاستغراب والذهول، من منطلق بسيط يعرفه الأوروبيون واللبنانيون والعالم كله، وهو أن المسؤولين السياسيين، الذين صنعوا الكارثة التي أودت بلبنان ليس في وسعهم إطلاقاً أن يصنعوا حلولاً تعاقبهم وينفذوا خططاً تنقذ البلد المنكوب، الذي بات معدل دخل الفرد فيه دولاراً واحداً يومياً!".

وأشار الخوري في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن "المشكلة في لبنان هي تماماً كما وصفها رئيس مؤسسة "تاسك فورس فور ليبانون" إدوار غابريال في العام الماضي، عندما زار لبنان وقابل كل المسؤولين وبحث معهم في معالجة الأزمة الاقتصادية وموضوع الفساد والنهب الذي دمر البلد، ثم سافر ليكتب مقالاً في مجلة "ذي هيل" قال فيه، ما يشكّل إدانة قاطعة ومهينة للمسؤولين اللبنانيين، "لا يمكنكم تنظيف البيت بالممسحة الوسخة"، بما يعني كما هو واضح، أن هؤلاء هم الممسحة التي لن تتمكن قطعاً من تنظيف البيت اللبناني ووقف الفساد والهدر ما داموا هم السلطة".

وأكد الكاتب راجح الخوري أن الحريري قبل أن يصعد يوم الأربعاء الماضي للمرة الـ19 إلى القصر ويقابل عون، بعد زيارته إلى مصر ويقدم له تشكيلة جديدة من 24 وزيراً، قال إن تشكيلته الجديدة تلتقي مع «المبادرة الفرنسية» ومع اقتراح الرئيس نبيه بري توسيع الحكومة إلى 24 وزيراً، لكن كان من الواضح أن عون لن يقبل بها على خلفيتين؛ أولاً القول، إنها ضمت أسماء جديدة لم يسبق النقاش وتبديلاً في المحاصصة الطائفية لبعض حقائبها، وثانياً أن الحريري حدد له ساعات، أي حتى منتصف يوم الخميس، للرد قبولاً أو رفضاً، وهو ما بدا للكثيرين محاولة لإحراج عون عبر وضع عقدة الفراغ الحكومي عنده، في وقت يبدو أن من الصعوبة بمكان إيجاد شخصية سنية وازنة تقوم بتشكيل الحكومة بعد اعتذار الحريري.

وختم الخوري مقاله قائلاً "المشكلة تفرض عملياً تغيير الممسحة السياسية الوسخة التي يحاول الأوروبيون عصرها عبر العقوبات، بهدف تشكيل حكومة تنتشل لبنان من جهنم الذي قال عون قبل أشهر إننا ذاهبون إليها ولقد وصلنا فعلاً".

حالة من الغضب

فيما سلطت صحيفة "العرب" الضوء على مبادرة فرنسا لاستضافة مؤتمر دولي لإعمار لبنان تزامناً مع اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة، وهو ما حمل رسالة غضب واضحة من باريس على الطبقة السياسية بسبب انقضاء 9 أشهر من المماطلات المتبادلة دون التوصل إلى نتيجة في وقت يعيش فيه لبنان وضعا صعبا اقتصادياً واجتماعياً وصحياً.

وأوضحت الصحيفة أن الرسالة الفرنسية ليست عامة، وهي موجهة بالأساس إلى السياسيين المباشرين لملف تشكيل الحكومة، الأول رئيس الحكومة المكلف الذي دعمته باريس وراهنت عليه، وأضاع على مبادرتها لحل الأزمة تسعة أشهر كاملة من أجل نتيجة كان يمكن التوصل إليها من الشهر الأول، أما الثاني فرئيس الجمهورية ميشال عون الذي اكتفى بلعب دور المعرقل أمام تحركات الحريري ومبادرة نبيه بري رئيس مجلس النواب، ولم يكن له من هدف سوى الاحتفاظ بالتوازنات الحالية الخادمة لحليفه حزب الله ولصهره زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل.

ونقلت الصحيفة عن متابعين للشأن اللبناني أن فرنسا تخلت عن المجاملة وباتت توجه رسائل واضحة للمسؤولين اللبنانيين، وتلوّح في وجوههم بالعقوبات، والجديد أنها ستعقد مؤتمراً دوليا لمساعدة اللبنانيين ولن تقبل أن تذهب أموال المانحين إلى أيدي هؤلاء السياسيين الذي تثار حول أغلبهم شبهات فساد، كما أنهم يعيقون التحقيقات المحلية والدولية التي تسعى لمعرفة حقيقة ما يجري سواء ما تعلق بالاغتيالات أو الفساد.

وأشارت صحيفة "العرب" إلى أن السياسيون اللبنانيون بمن فيهم الحريري يضعون “أيديهم على قلوبهم” من القائمة الفرنسية – الأوروبية للعقوبات ومنع سفرهم، بسبب فشلهم في حل معضلة الحكومة.