معبر باب الهوى.(أرشيف)
معبر باب الهوى.(أرشيف)
الجمعة 23 يوليو 2021 / 12:30

ناشونال إنترست: المساعدات عبر الحدود لسوريا تنطوي على أبعاد سياسية أيضاً

24-زياد الأشقر

تناول الكاتب ألكسندر لانغلويس في مقال نشر بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، الصعوبات التي يعانيها السوريون في الحصول على المساعدات الإنسانية، قائلاً إن تحولاً مهماً حصل في مجلس الأمن، الذي نجح في تجديد إيصال المساعدات لملايين السوريين عبر الحدود في 9 يوليو (تموز) الجاري، عشية انتهاء قرار للمجلس في هذا الشأن.

ستبقى سوريا البلد الأسوأ في العالم بالنسبة للحصول على المساعدات الإنسانية في المدى القريب. وتجديد التفويض لإدخال المساعدات من معبر باب الهوى، يلبي فقط الحد الأدنى من الحاجات الإنسانية

وشكل القرار مفاجأة للكثير من المراقبين وخصوصاً بعد موافقة روسيا التي شاركت في نقاشات حول هذه المسألة قبل أيام من التصويت. وستترتب على تجديد التفويض بإدخال المساعدات بموجب القرار 2585، تبعات لا في ما يتعلق بالظروف الإنسانية في شمال غرب سوريا فحسب، وإنما على الوضع الجيوسياسي الإقليمي أيضاً. ويُعتبر أمراً في غاية الأهمية، فَهمُ الأبعاد السياسية التي وقفت خلف الإتفاق على تجديد التفويض ومضاعفاته على سوريا.

استلزم التصويت على التجديد سلسلة من النقاشات المطولة بين القوى العالمية في مجلس الأمن. ولطالما أبدت روسيا استياءها من آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، التي جرى التصويت عليها في الأصل عام 2014 بموجب القرار 2165 واستطراداً بموجب القرار 2533 عام 2020. ولم يشارك الوفد الروسي في المفاوضات التي أدت إلى الإتفاق، وهي إشارة تركت الكثير من المراقبين يتوقعون فيتو روسياً، لا سيما وأن موسكو كانت لوحت به قبل عام.

وعوض ذلك، وبعد اجتماعات عقدها مندوبو الدول الأعضاء في مجلس الأمن، صوت المجلس بالإجماع على تجديد التفويض لإدخال المساعدات من معبر باب الهوى التركي لمدة ستة أشهر. والمهم في الأمر، أن المعبر سيفتح لمدة ستة أشهر أخرى بعد أن يصدر الأمين العام للأمم المتحدة "تقريراً جوهرياً" يؤكد "شفافية" العملية والتقدم الحاصل على صعيد إدخال المساعدات عبر "خطوط الجبهة"، مما يعني تطوير آلية لتوزيع المساعدات من داخل سوريا عبر خطوط النزاع، لأغراض إنسانية.

الاشهر الستة التالية
ولفت الكاتب إلى أن اللغة بالنسبة للأشهر الستة التالية غامضة، وخصوصاً أن الجانبين ركزا خلال النقاش، على سرديات مختلفة بالنسبة إلى المدة الحقيقية للتمديد. ومن الناحية الواقعية، فإن موسكو قد تحاول استخدام الفيتو بعد الأشهر الستة الأولى، على رغم أن ذلك ليس مضموناً ويمكن أن يعتبر خارج نص القرار-مما سيؤدي إلى نقاش جدي في المستقبل.

وحتى مع هذا النصر المحدود، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا من تأمين توسيع القرار 2533 إلى شمال شرق سوريا من خلال معبر اليعربية على الحدود العراقية-السورية. وكان من شأن ذلك، أن يوفر مساعدة ضرورية للسوريين والأكراد الذين يعيشون تحت سلطة الإدارة الذاتية الكردية لشمال شرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية. ولطالما أعلنت واشنطن بوضوح دعمها للتوسيع، لكنها اتخذت موقفاً أقصى بالنسبة إلى معبر باب الهوى. وبالمحصلة، جاء تصويت مجلس الأمن بمثابة فوز لشمال غرب سوريا وخسارة رئيسية بالنسبة إلى شمال شرق سوريا، وفق ما قالت منظمات إنسانية.

تنازلات
والخلاصة التي يمكن استنتاجها هي أن كلاً من روسيا والولايات المتحدة، قدم تنازلات حيث اقتضت مصالحهما القومية-وتحديداً الموقف الروسي المعارض لإعادة التفويض وواشنطن على صعيد التوسيع. وعلى الأرجح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتفهم أن زيادة المساعدات لسوريا لا تزال تشكل منفعة لحليفه الرئيس بشار الأسد، خصوصاً في ظل الوضع الكارثي للإقتصاد السوري. وهذا التفهم يمكن أن يكون معطوفاً على حقيقة أن روسيا تستخدم إدخال المساعدات كورقة مساومة قوية- ويمكن أن تستخدمها في الحصول على تنازلات في ما يتعلق بالملف السوري. وأمر آخر لم يقله الروس صراحة، وهو أنهم كانوا يفضلون تجديد التفويض في مقابل الحصول على تنازلات أعمق-مثل تخفيف العقوبات عن سوريا ودعم جهود إعادة الإعمار في المستقبل.

عقوبات "هادفة"
ويرى الكاتب أن العقوبات المطبقة على المصرف المركزي السوري تسلط الضوء على أن كلمة "الهادفة" كمصطلح لا تعني تطبيق العقوبات على نظام مالي بكامله. ومن المؤكد أن الأزمة الإقتصادية في لبنان والنزاع فيه، قد ساهما في الوضع الراهن في سوريا، لكن إنكار دور العقوبات هو تضييع للهدف. وإلى أن تقرر واشنطن انخراطاً حقيقياً في القضية، فإن العقوبات تؤذي فقط السوريين العاديين بينما شبكات النظام تزيد من الأعمال غير المشروعة. والأسوا من ذلك، فإن العقوبات تستخدم الفقر كسلاح للتفاوض والحرب.

ولهذه الأسباب، ستبقى سوريا البلد الأسوأ في العالم بالنسبة للحصول على المساعدات الإنسانية في المدى القريب. وتجديد التفويض لإدخال المساعدات من معبر باب الهوى، يلبي فقط الحد الأدنى من الحاجات الإنسانية المتزايدة في بلد، بات 90 في المئة من شعبه دون خط الفقر.