الخميس 29 يوليو 2021 / 12:28

ميركل تسترضي أردوغان... وتهين ذكاء المراقبين

لفت رئيس التحرير السابق لصحيفة "زمان" اليوم التركية سيفغي آكارتشيشمي إلى أن الهجرة قضية حساسة في جميع أنحاء العالم تقريباً خصوصاً في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث يحاول الهاربون من الحروب والاضطهاد والفقر اللجوء إلى الدول المتطورة.

لم تفتقر تركيا إلى سياسة لجوء مخطط لها وحسب، لكن أيضاً، أصبح جمهورها وبشكل متزايد غير متسامح مع السوريين بسبب تأمينهم يداً عاملة رخيصة

 بفعل موقعها الجغرافي، شكلت تركيا جسراً للمهاجرين من الشرق إلى الغرب عوضاً عن أن تكون مضيفاً لهم. لكن منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا سنة 2011، شهدت تركيا موجة لجوء غير مسبوقة من جارتها الجنوبية التي تتشارك وإياها حدوداً أطول من 600 كيلومتر. ومع ارتفاع أعداد اللاجئين ارتفعت نسبة رهاب الأجانب بين الشعب التركي.

الانحياز أكثر ظهوراً
كتب آكارتشيشمي في موقع "توركيش مينيوت" أنه ومنذ تدخل أنقرة في الشؤون السورية الداخلية، اعتمدت تركيا سياسة الأبواب المفتوحة بالنسبة إلى السوريين بمن فيهم المقاتلون والمتطرفون مما أدى إلى بروز مخاوف بشأن الأمن داخل البلاد. بالنظر إلى الظروف غير المؤاتية للاجئين في تركيا، رأى كثر أن الأخيرة هي دولة ترانزيت نحو وجهتهم النهائية: أوروبا.

لم تفتقر تركيا إلى سياسة لجوء مخطط لها وحسب، لكن أيضاً، أصبح جمهورها وبشكل متزايد غير متسامح مع السوريين بسبب تأمينهم يداً عاملة رخيصة. على الرغم من أن أنقرة حصلت على مساعدات مالية كبيرة من الاتحاد الأوروبي لإبقاء اللاجئين داخل تركيا، تنتشر مزاعم زائفة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر حول دعم حكومي للاجئين بواسطة أموال دافعي الضرائب. تاريخياً، أضاف الكاتب، يميل الأتراك إلى التمتع بنظرة تفضل الأوروبيين على الشرق أوسطيين. ومع ضغوط تدفقات اللاجئين، أصبح هذا الانحياز أكثر ظهوراً.

عامل مقلق آخر
وفقاً لتقرير صادر عن مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة في 30 يونيو (حزيران) 2021، تستضيف تركيا 4 ملايين لاجئ وطالب لجوء بمن فيهم أكثر من 3.6 مليون سوري في ظل وضع الحماية المؤقتة، وما يقارب 330 ألف لاجئ وطالب لجوء من جنسيات أخرى. إن أي جريمة أو توتر اجتماعي ارتبطا بالسوريين لقيا تضخيماً من قبل الإعلام.

لكن مؤخراً، ارتفعت "مخاوف" الأتراك من جميع أنحاء الطيف السياسي بسبب التطورات في أفغانستان. عقب قرار الولايات المتحدة الانسحاب من تلك البلاد، وصلت موجة من اللاجئين إلى حدود تركيا عبر إيران بسبب الخوف من حركة طالبان. إن مشاهد دخول شبان من دون وثائق تلك البلاد زادت من حدة المخاوف الموجودة أساساً لدى جميع الأتراك تقريباً.

حاجة ميركل المستجدة
تتعرض الأقلية الليبيرالية التي تدافع عن اللاجئين وتسلط الضوء على معاناتهم وأوضاعهم الحقوقية المتردية إلى اتهامات بكونها من النخب المنفصلة عن الواقع في تركيا. بحسب آكارتشيشمي، غالباً ما ينقص الناس التعاطف وينسون أن أي شخص يمكن أن يصبح لاجئاً في يوم من الأيام، خصوصاً إذا كان آتياً من دولة مضطربة قد تحول حتى أكثر الناس امتيازاً إلى لاجئين.

لكن إلى جانب قسم كبير من المواطنين الأتراك القلقين من موجة لجوء أخرى، يبدو أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل شعرت بالحاجة إلى التأكيد على الدور الجوهري الذي لعبته تركيا بعد الأنباء عن القادمين من أفغانستان. وقالت ميركل في هذا السياق: "تقوم تركيا بدور ممتاز في الاعتناء باللاجئين السوريين. لقد وفرنا الدعم لتركيا، لكن طبعاً، كان ذلك مقداراً صغيراً"، في إشارة إلى اتفاق 2016 بشأن اللاجئين.

تبادل خدمات بين أوروبا وأردوغان
يضيف آكارتشيشمي أنه ليس سراً وجود تبادل خدمات بين الاتحاد الأوروبي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ سنة 2016. على الرغم من انزلاق تركيا إلى الديكتاتورية، تغض أوروبا الطرف عن الانتهاكات التركية الشاملة لحقوق الإنسان، فقط لإبقاء اللاجئين داخل تركيا. وعلى الرغم من أن أردوغان يستخدم اللاجئين علناً كورقة مقايضة مع أوروبا، بالكاد تهتم ميركل بمصالح الاتحاد الخاصة. وتزعم المستشارة الألمانية أن تمديد اتفاق اللاجئين مع تركيا "سيكون الأفضل بالنسبة إلى الأشخاص المتضررين".

قد يكون تحمّل حكم أردوغان الأحادي التعسفي لصالح حسابات سياسية داخلية أفضل خيار أمام ميركل وقادة آخرين في أوروبا. لكن الزعم بأن ذلك يصب في المصلحة الفضلى للاجئين هو إهانة لذكاء الجميع كما يؤكد الكاتب. ويضيف أن على الاتحاد الأوروبي أن يشعر بالخجل من سياسته الاسترضائية لأردوغان في مقابل معاناة ملايين الأتراك واللاجئين.