الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومستشار النمسا سيباستيان كورتس (أرشيف)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومستشار النمسا سيباستيان كورتس (أرشيف)
الخميس 29 يوليو 2021 / 15:35

زيارة ولي عهد أبوظبي للنمسا .. محطة مهمة تتوج الشراكة الاستراتيجية

24- آلاء عبد الغني

زيارة ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرسمية التي بدأت اليوم الخميس إلى جمهورية النمسا، تجسد حرصاً مشتركاً من قبل قيادتي البلدين على تطوير العلاقات بينهما، ودفعها إلى الأمام باستمرار، وتوسيع آفاق التعاون والشراكة في المجالات السياسية، والاقتصادية والتجارية، والتكنولوجية وغيرها، بما يصب في مصلحة الشعبين الصديقين وتقدمهما ورفاهيتهما.

ويجري الشيخ محمد بن زايد آل نهيان - خلال الزيارة - مباحثات رسمية مع مستشار النمسا سيباستيان كورتس، تتناول علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات وجمهورية النمسا، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وتؤكد الزيارة حرص دولة الإمارات العربية المتحدة، على تقوية شراكاتها مع الدول الصديقة في العالم، وفي مقدمتها جمهورية النمسا، وذلك في إطار سياساتها القائمة على تنويع اقتصادها، وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وجذب الاستثمارات الخارجية.

كما تحرص جمهورية النمسا على تعزيز وتطوير أوجه علاقات التعاون مع دولة الإمارات في جميع المجالات نظراً لما تتمتع به الإمارات من مكانة اقتصادية وتجارية مؤثرة على مستوى المنطقة الخليجية والعربية، وما تشهده من تطورات تنموية وعمرانية وحضارية سريعة، وما تتمتع به من سياسة حكيمة داعية للحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار الدوليين، الأمر الذي ساهم في إكسابها سمعة عالمية ومكانة متميزة بين دول العالم المتقدم، وفي شتى المحافل الدولية.

وكانت النمسا من أوائل الدول التي رحبّت بتوقيع الإمارات لمعاهدة السلام التاريخية مع إسرائيل، ووصفتها بأنها خطوة تاريخية نحو شرقٍ أوسط أكثر سلماً وازدهاراً".

مكافحة الإرهاب
وتتطابق رؤية البلدين في مساعي تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين في العالم، والعمل على مواجهة الإرهاب ومحاربته وتجفيف منابع تمويله، والتأكيد على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق الدولي من أجل مكافحة الإرهاب من خلال تبني استراتيجية دولية شاملة للجوانب الأمنية والفكرية والسياسية، لدحر التنظيمات الإرهابية، وقطع جميع وسائل الدعم والتمويل عنها.

وكانت الإمارات من أوائل الدول التي أعلنت تضامنها مع النمسا في حربها ضد الإرهاب والتطرف، عقب الهجوم الإرهابي الذي شهدته العاصمة النمساوية فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2020، ونفذه مسلحون فتحوا النار في ستة مواقع مختلفة على الأبرياء، ما أسفر عن وقوع 4 ضحايا، وإصابة أكثر من 14 شخصاً.

وقال ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي أجراه آنذاك مع مستشار النمسا سيباستيان كورتس لتعزيته في ضحايا الهجوم الإرهابي: "نقف متضامنين مع جمهورية النمسا في حربها ضد التطرف والإرهاب، ونتطلع إلى تعزيز تعاوننا المشترك في هذا الشأن".

كورونا
ويعمل البلدان معاً بشكل وثيق على مستوى السياسة الخارجية لتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية، وتبادل أفضل الممارسات بينهما، إلى جانب جهودهما الكبيرة في احتواء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، والتنسيق القائم بين البلدين في هذا الصدد، ودعمهما الجهود العالمية من أجل القضاء على هذه الجائحة.

شراكة استراتيجية
وتشهد الزيارة توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لتتويج العلاقات التاريخية التي تربطهما، والتي تمتد إلى عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والمستشار برونو كرايسكي، اللذان جمعهما أول لقاء في العام 1973، فيما أقيمت العلاقات الثنائية بين البلدين في 10 مارس (آذار) 1974.

وبالنسبة للنمسا، فإن دولة الإمارات ليست شريكاً سياسياً فحسب، بل هي أهم شريك اقتصادي وتجاري في منطقة الخليج، وبدأت الشراكة الاقتصادية بين البلدين قبل نحو 26 عاماً عندما استحوذت شركة مبادلة في أبوظبي على 13% من أسهم شركة "OMV" في عام 1994، وفي العام 2019، رفعت مبادلة الحصة إلى 25%.

وتدعم الزيارة مسار العلاقات الإماراتية - النمساوية الذي شهد خلال السنوات الماضية - خاصة على مستوى التبادل التجاري والتعاون في مجالي الطاقة والتكنولوجيا وغيرهما - نمواً كبيراً في ظل ما توافر لها من أسباب التقدم والازدهار على المستويات المختلفة بدعم قيادتي البلدين وتوافقهما على مبادئ الانفتاح الاقتصادي وتحرير التجارة وعدم اللجوء إلى الحمائية، ما من شأنه توسيع آفاق التعاون المستقبلي.

إكسبو 2020 دبي
وتمثل مشاركة النمسا في "إكسبو 2020 دبي" بميزانية قدرها 16.45 مليون يورو، فرصة كبيرة أمام الشركات النمساوية لتقديم منتجاتها إلى الملايين الذين سيزورون المعرض، وإظهار تنوع وكفاءة الاقتصاد النمساوي في مجالات مختلفة تشمل العلوم والفن والثقافة، وتقديم النمسا كدولة حديثة رائدة في مجال الابتكار تتمتع بمزيج كبير من الصناعات وموقع جيوسياسي مثالي.

التعاون الاقتصادي
وتولي النمسا اهتماماً متزايداً بتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع دولة الإمارات، ويظهر ذلك جلياً من خلال عدد المشاركين الكبير في المعارض والمناسبات التي ينظمها المكتب التجاري النمساوي في دبي وأبوظبي، إلى جانب زيادة عدد الشركات النمساوية التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، بما يعكس جاذبية السوق الإماراتي للشركات النمساوية.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2019 نحو 1,116 مليار دولار بما في ذلك المناطق الحرة، وارتفع حجم الاستثمارات الإماراتية المباشرة في النمسا إلى 10.445 مليار يورو، كما ارتفع أيضاً حجم الاستثمارات النمساوية المباشرة في دولة الإمارات خلال 2018 إلى 5.589 مليار يورو، ووصلت إلى ما يزيد عن 7 مليارات يورو.

وتعمل أكثر من 400 شركة نمساوية في دولة الإمارات كمركز رئيسي لإدارة أعمالها في الخليج وشمال وشرق أفريقيا وأجزاء من الهند، وفي الوقت نفسه، أصبحت الإمارات المعبر الرئيسي لصادرات النمسا إلى منطقة الشرق الأوسط.

وأنهت العديد من الشركات النمساوية مشاريع مهمة في دولة الإمارات، من بينها جسر المقطع، وجسر الشيخ خليفة، وجسر دبي العائم، وقبة متحف اللوفر، وقوالب برج خليفة، ومركز الشيخ زايد لتعلم الصحراء.

ووقعت وزارة المالية الإماراتية في يوليو (تموز) الجاري، على بروتوكول لتعديل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل، الموقعة سابقاً بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية النمسا في سبتمبر (أيلول) 2003، في إطار سعيها لتعزيز أطر التعاون في المسائل الضريبية، وتوفير الحماية الكاملة للمكلفين من الازدواج الضريبي، وتفادي عرقلة التدفق الحر للتجارة والاستثمار.

الطاقة والهيدروجين
وتأمل النمسا بأن تسهم الشراكة الاستراتيجية المزمع إعلانها اليوم بينها وبين الإمارات إلى دفع العلاقات الثنائية لمستويات أكثر ازدهاراً، خاصة في مجالات السياسة والأعمال والتعليم والثقافة والتبادل الشبابي، وتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما، لا سيما في مجال مصادر الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الهيدروجين، في ظل اهتمام دولة الإمارات بالابتكارات الحديثة وتقنيات المستقبل، وإقامة مشروع "تحالف هيدروجين" بين الإمارات والنمسا، الذي يعد ناتجاً طبيعياً لسجل الإمارات الحافل وقدراتها الصناعية عبر سلسلة القيمة في مجال الطاقة، إلى جانب الاستفادة من موقعها الجغرافي المتميز، وتزايد الطلب للاستهلاك المحلي والتصدير، الأمر الذي يرسخ حضورها ويؤهلها لتأسيس اقتصاد هيدروجيني نظيف محلياً وعالمياً.

قطاع الطيران
وشهد قطاع الطيران مؤخراً بين البلدين تطوراً ملحوظاً، انعكس في وصول رحلات الشركتين الوطنيتين "الاتحاد للطيران"، و"فلاي دبي" لأول مرة إلى مطاري فيينا، وسالزبورغ، أهم مطارات النمسا، الأمر الذي يُظهر نمو العلاقات الثنائية المثمرة بين الإمارات والنمسا، وحرص قيادتي البلدين على تعزيزها.

ويسهم قطاع الطيران في تعزيز العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات والنمسا، ودعم العلاقات الثقافية بين الشعبين الصديقين.

وعقب توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية اليوم، فإن العلاقات بين البلدين ينتظرها مستقبل واعد، يقودها إلى مستويات أعلى، واستكشاف مجالات جديدة في مختلف الميادين الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وفي مجال الطاقة النظيفة، والقطاع المالي والتعليم والصحة، بما يحقق الرؤى والمصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما.