جنديان أمريكي وعراقي.(أرشيف)
جنديان أمريكي وعراقي.(أرشيف)
الجمعة 30 يوليو 2021 / 10:23

لماذا ينهي بايدن المهمات القتالية للقوات الأمريكية في العراق؟

24-زياد الأشقر

تناولت مجلة "إيكونوميست" البريطانية قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن تغيير المهمة القتالية للقوات الأمريكية في العراق بحلول نهاية العام الجاري، مذكرة بأنه عندما بدأت أولى القذائف الأمريكية تتساقط على بغداد في 19 مارس (آذار) 2003، توقع الرئيس الأمريكي عامذاك جورج دبليو بوش نصراً صعباً، وحذر من إن "حملة على أراضي دولة بحجم كاليفورنيا يمكن أن تكون أكثر صعوبة مما يتوقعه البعض".

البنتاغون يريد الإنتقال إلى ما يصفه بوضع توزيع القوات، أي الإعتماد على قواعد أصغر تمتد على مساحات أكبر، بحيث تكون قادرة على التعامل مع هجمات صاروخية

وفي حينه أيضاً، قال بوش إن "مساعدة العراقيين على إيجاد بلدٍ موحدٍ ومستقرٍ وحرٍ، ستتطلب إلتزاماً دائماً". ومع ذلك، فإنه لم يكن ليتخيل أن الجنود الأمريكيين سيبقون في العراق 18 عاماً، وأن آباء وبنيناً سيخدمون في الحرب نفسها.

ولفتت المجلة إلى أن ذاك العصر يقترب الآن من نهاية رمزية. إذ أعلن الرئيس جو بايدن أن المهمة القتالية للقوات الأميركية في العراق ستنتهي بحلول العام الجاري. وهذا الإنهاء الذي يأتي – في الوقت الذي تنسحب أمريكا من أفغانستان- يحصل بعد نحو عقد من سحب الرئيس السابق باراك أوباما القوات الأمريكية من العراق، قبل مسارعته إلى إعادتهم عام 2014 بعدما اجتاح تنظيم "داعش" المدن العراقية مرتكباً الفظاعات. وفي الأعوام التي تلت ذلك، مكنت الإستخبارات الأمريكية والقوات الخاصة والغارات الجوية القوات العراقية والمقاتلين الأكراد والميليشيات المدعومة من إيران، من تفكيك "الخلافة" التي أقامها "داعش" عبر الحدود في العراق وسوريا.

التدريب وتقديم المشورة
وفي حقيقة الأمر، تقول المجلة إن الولايات المتحدة لن تغادر فعلياً. وبايدن الذي يدرك أن الحكومة العراقية وصلت إلى حدود الإنهيار عام 2014، يقول إن الجنود الأمريكيين سيواصلون التدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية و"التعامل مع الوضع في حال صعود داعش" مجدداً. وهكذا، فإن معظم الجنود الأمريكيين البالغ عددهم 2500 سيبقون في العراق، ولن تتغير مهمتهم على نحوٍ واسع، وباستثناء القوات الخاصة، لم يشارك الجنود الأمريكيون في عمليات فعلية العام الماضي.

مقارنة صارخة مع أفغانستان
ويرى أن المقارنة مع أفغانستان صارخة.، إذ أعلن بايدن في أبريل (نيسان) عن انسحاب أكثر شمولية من هناك، وأبقى فقط على بضع مئات من الجنود لحراسة السفارة في كابول.
 
تشارف تلك العملية على الإنتهاء، ويرافقها تقدم مهم لـ"طالبان". ولكن الإختلاف في المقاربة يعكس التهديدات التي تمثلها الجماعتان. فرغم أن "طالبان" تبقى قريبة من تنظيم "القاعدة"، فإن طموحاتها تتركز في أفغانستان، بينما الموالون لـ"داعش"، شنوا هجمات في مختلف أنحاء العالم.

وأكدت المجلة أن وضع حد للمهام القتالية للقوات الأمريكية في العراق والإنسحاب من أفغانستان، يشكلان بداية تحول كبير في الوضعية الأمريكية في الشرق الأوسط الموسع. وأنشات أمريكا أول الأمر قواعد ضخمة في الشرق الأوسط في التسعينات كجزء من جهودها لإحتواء إيران الثورية وصدام حسين في العراق. وقد تضخم ذاك الوجود في المدى والحجم بعد هجمات 11 سبتمبر 2001(أيلول)، في الوقت الذي سعت إدارة بوش إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط. وعلى طريقتهم، سعى أوباما والرئيس السابق دونالد ترامب والآن بايدن إلى وضع حد لحروب أمريكا الطويلة.

مكافحة الإرهاب والتمرد
وتقول المسؤولة السابقة في "البنتاغون" ميشيل فلورنوي التي كانت من بين الأسماء المطروحة لتولي وزارة الدفاع في عهد بايدن: "هناك فرضية مفادها أنه بعد عشرين عاماً من مكافحة الإرهاب والتمرد في أفغانستان والعراق، كانت هناك مبالغة في الإستثمار بالشرق الأوسط...ورغم النقاشات التي تمنح أولوية لمنطقة آسيا-المحيط الهادئ، فإننا لم ننقل بعد كل ثقلنا في ذاك الإتجاه".


وفي الوقت الحاضر، وكجزء من مراجعته الأولى للوضعية العالمية، يعمد البنتاغون إلى تقويم قواته العسكرية في أنحاء العالم. وهناك علامات على عملية خفض في أنحاء المنطقة. وفي يونيو (حزيران)، أعلنت إدارة بايدن أنها سحبت 8 بطاريات للدفاع الجوي من طراز باتريوت من العراق والكويت والأردن والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن درع صاروخي منفصل من المملكة.

قواعد أصغر
وتقول فلورنوي أن هناك سؤالاً كبيراً حول ما إذا كانت أمريكا لا تزال تريد الاحتفاظ بوجود دائم لحاملة طائرات في الشرق الأوسط، وهذا التزام قديم، تسبب بضغط كبير على البحرية فضلاً عن تركه فجوات في مناطق أخرى.

وبحسب بيكا فاسر من مركز الأمن الأمريكي الجديد، فإن البنتاغون يريد الإنتقال إلى ما يصفه بوضع توزيع القوات، أي الإعتماد على قواعد أصغر تمتد على مساحات أكبر، بحيث تكون قادرة على التعامل مع هجمات صاروخية –على غرار تلك التي أطلقتها إيران على القوات الأمريكية في العراق بعد اغتيال قاسم سليماني العام الماضي.