صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الجمعة 30 يوليو 2021 / 11:04

صحف عربية: غضب اللبنانيين يزداد.. والطبقة الحاكمة تحاول امتصاصه

يسود الشارع اللبناني حالة من الغضب بسبب تراخي الطبقة السياسية في محاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها البلاد منذ أواخر 2019، في ظل الجهود الذي يبذلها رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة للحد من الأزمة التي يبدو أنها أبعد من أي حل قريب.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الجمعة، اعتبرت مصادر أن قرار رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري برفع الحصانة عن جميع المسؤولين، خطوة لامتصاص نقمة وغضب الشعب، فيما تسعى إيران لإبقاء البلاد معلقة لحين الانتهاء من مفاوضاتها النووية مع واشنطن.

امتصاص الغضب
ذكرت صحيفة العرب اللندنية، أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وافق على اقتراح قدمه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري يقضي برفع الحصانة عن جميع المسؤولين في لبنان، بمن في ذلك رئيس الجمهورية ميشال عون وجميع أعضاء مجلس النواب، في خطوة يرى مراقبون أنها تستهدف امتصاص النقمة الشعبية قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت.

وقالت "من المتوقع أن تثير موافقة بري على اقتراح الحريري الذي قدمه له وفد من كتلة نواب المستقبل، حفيظة رئيس الجمهورية الذي يعتبر أن لديه حصانة تمنع أيّ ملاحقة قضائية له".

واعتبرت مصادر سياسية لبنانية للصحيفة، أن اقتراح الحريري يستهدف إخراج رئيس الجمهورية الذي اعترف بالصوت والصورة قبل 3 أسابيع من التفجير الذي وقع في مرفأ بيروت، بأنه كان على علم بوجود مادة نيترات الأمونيوم في عنابر المرفأ، لكنه لم يقدم على أيّ خطوة لإخراجها نظراً إلى أنه "لا يمتلك الصلاحيات" التي تسمح له بذلك.

وأوضح بري أن المجلس مستعد لرفع الحصانة عن أعضائه للسماح بإجراء الاستجوابات ذات الصلة بالانفجار الذي وقع بمرفأ بيروت العام الماضي، وفاجأت تصريحاته المتابعين للشأن السياسي في لبنان الذين لم يستبعدوا وجود ضغوطات دولية أجبرته على الموافقة على مقترح الحريري، ولم يحدد بري موعداً لرفع الحصانة ولا كيفية رفعها، وهو ما يعزز الشكوك في جدية الخطوة.

تأليف مفخخ انتخابياً
وبدوره، قال مصطفى فحص في صحيفة الشرق الأوسط "في التكليف أجمعت قوى السلطة على تمريره لكنها تفرقت على التأليف، ونصب كل طرف أفخاخه".

وأضاف "لقد أردك سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة الدكتور نواف سلام، أن الحديث عن تسميته أو تكليفه أقرب إلى مناورة كيدية من بعض أطراف السلطة، تهدف إلى إحراجه سياسياً وشعبياً في زاوية التواطؤ في إعادة تعويم السلطة والتغطية على فسادها وجرائمها".

وتابع "عملياً سقط المكلف نجيب ميقاتي في امتحان المعايير والشروط، لكنه يعرف أن تكليفه أشبه بانقلاب مضاد قامت به المنظومة مستخدمة ما تعدها شرعية دستورية تعوّض لها خسارتها للمشروعية الشعبية، لذلك استجاب لمهمة إعادة تعويم السلطة وإعطائها مزيداً من الوقت حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود على المستويين الإقليمي والدولي".

وأوضح الكاتب أن ما لم تدركه باريس وكل الأطراف الداعمة لتكليف نجيب ميقاتي، أن تفاهم الطبقة السياسية وإن حصل على التأليف، فهو لا يتعدى لتفاهم ضمني على ضرورة أن تشرف هذه الحكومة على الانتخابات النيابية، والمطلوب من الحكومة العتيدة أن تقدم بعض الرشى الانتخابية لجمهور الطبقة السياسية من خلال زيادة في النفقات، إضافةً إلى وضع اليد على منحة البنك الدولي لتمويل البطاقة التموينية التي ستسيطر عليها أحزاب السلطة وتستغلها انتخابياً.

وأردف قائلاً "على الأرجح أن يكون التأليف مرتبطاً بإجراء الانتخابات وليس الإصلاحات" مشيراً إلى أن الجماعة الموالية للمقيم بقصر بعبدا لن تعطي لميقاتي ما رفضت أن تقدمه للحريري وتحديداً وزارة الداخلية، وأما طامة ميقاتي الكبرى أنه حظي بتأييد علني من "حزب الله"، الأمر الذي سيضع علامة استفهام كبرى داخلياً وخارجياً على حكومته.

الثورة على الثورات
ومن جهته، قال فارس خشان في صحيفة النهار اللبنانية "ما حدث في تونس لا يتطابق مع حرفية الدستور، لكنّه ليس انقلاباً، هو في منزلة بين المنزلتين".

وأضاف أن "رئيس الجمهورية قيس سعيد منتخب مباشرة من الشعب، وفق الأنظمة الرئاسية، ليكون على رأس نظام قيل عنه إنّه برلماني معدّل، حيث يملك مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه صلاحيات كبيرة".

ولفت إلى أن تونس عملياً، حالها مثل حال فرنسا، عندما تكون وضعيتها السياسية متدهورة، إذ يضطر رئيس الجمهورية أن يتعايش مع حكومة جاءت بها أكثرية برلمانية مناهضة له، أو هي مثلها مثل لبنان، في ظل الفوضى حيث "الديموقراطية التوافقية" تضع في السلطة التنفيذية كل الأطراف المتناقضة التي يعطّل بعضها البعض الآخر.

وأوضح الكاتب أن قرارات سعيد ولو أثارت أزمة سياسية في تونس، إلّا أنّها أحيطت بحاضنة شعبية داخلية وخارجية، لا بل إنّ كثيرين تمنّوا لدولهم المأزومة "سيناريو مشابهاً"، كما هي عليه الحال في لبنان.

وتابع قائلاً "ثمة في لبنان تيّار شعبي يعتقد بأنّ الخروج من الكارثة المنسوبة إلى الطبقة السياسية يفترض أن يتم تسليم الجيش اللبناني كلّ السلطات في البلاد، لفترة محدّدة، على اعتبار أنّ المؤسسة العسكرية هي الكيان اللبناني الوحيد الذي يحافظ على احترام الكثيرين، في الداخل والخارج".

وذكر بأن لبنان ليس الجزائر ولا السودان ولا تونس ولا مصر، ففي هذه الدول يحل "العسكر" مكان السياسيين أو يستعملهم واجهات، ولكن في لبنان فإنّ الحاكم الفعلي هو "عسكر غير شرعي" يتنافس بالجوهر مع أيّ دور يمكن أن يلعبه "العسكر الشرعي"، ولهذا فإنّ تطلّع البعض إلى دور يلعبه الجيش اللبناني في هذه المرحلة، يتناقض كلّياً مع الدور الذي يلعبه "حزب الله" في الدفاع عن الطبقة الحاكمة، على اعتبارها واجهة فعلية له ولخططه وأهدافه.

حداد في حداد
وأما في صحيفة الرأي الكويتية، قال عبدالرحمن عبدالمولى الصلح "إذا كان المكتوب يُقرأ من عنوانه، فما كان على أيّ مراقب أن يُراهن على تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ليس بعد 9 أشهر بل بعد شهرٍ واحدٍ من تكليفه".

وأضاف "كان جليّاً أن رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل، لا يريدانِه بدليل توجيه رئيس الجمهورية رسالة إلى المجلس النيابي يطلب من النواب تحكيم ضمائرهم رغم أن الاستشارات النيابية أفضت إلى تكليف الحريري".

وتابع "لقد كان واضحاً أيضاً أن طهران من خلال حزب الله، تحبّذ إبقاء البلد معلّقاً لحين انتهاء طهران من مفاوضاتها مع واشنطن حول النووي خاصة بعد تأجيل الجلسة السابعة الفاصلة في فيينا، وإذا كان هناك من حكومة بعد اعتذار الحريري فهي لن تكون إلا حكومة (جبر خاطر)".

وبين الكاتب أن الجنوح نحو الهاوية ولو على حساب كل اللبنانيين، يعني أن التعويل على ضغوطات الدول المؤثرة، للتعجيل بتأليف الحكومة رهانٌ في غير محلّه، فلا حياة لمن تنادي بدليل النتائج الكارثية لما حدث عام 1989 حين كان العماد ميشال عون رئيساً للحكومة العسكريّة.

وتساءل "أليس استمرار المنظومة السياسية في قضم الدولة ومواردها وبثّ دعوات التعصُّب المذهبي والطائفي هو أيضاً يوم حداد؟، ليس 4 أغسطس(آب) فقط هو يوم حداد، بل مع الأسف، كل أيامنا أضحت حداداً في حداد".