الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراق مصطفى الكاظمي.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراق مصطفى الكاظمي.(أرشيف)
الجمعة 30 يوليو 2021 / 11:39

العراق بحاجة إلى استثمارات ذكية لا وعود فارغة

أمور كثيرة تغيرت بين الزيارتين الأولى والثانية اللتين أجراهما رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة. الأولى كانت أواخر ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب في أغسطس (آب) 2020 والثانية في يوليو (تموز) الحالي.

إذا أراد بايدن فعلاً مساعدة الكاظمي أو خلفائه في هزيمة الفساد، فعندها من المهم تفضيل المحافظات التي تبرهن من خلال العمل، لا من خلال الكلمات وحسب، أن المناطق الفاسدة وغير الكفوءة ستُهمل

 يشير الكاتب السياسي في موقع "1945" مايكل روبين إلى أن ترامب أعلن السنة الماضية أمام الكاظمي أن الحرب ضد داعش انتهت لكنه حذر إيران من أن بلاده ستقف إلى جانب العراقيين لو ارتكبت أي خطأ. أشاد ترامب بالاتفاقات التجارية لكنه شدد خصوصاً على القطاعين العسكري والنفطي.

بايدن بين الخطأ والصواب
حين استقبل بايدن الكاظمي في 26 يوليو، تحدث الرئيس الحالي عن إنهاء المهمة القتالية لقواته وعن قضايا أخرى مثل التغير المناخي والرعاية الصحية والطاقة. وأرسل الموفد الأمريكي الخاص للشؤون المناخية جون كيري ممثلين إلى الاجتماعات الحكومية للتركيز على الأهمية التي توليها الإدارة الحالية للقضايا المناخية. كتب روبين أن بايدن لم يذكر إيران في ملاحظاته المعدة سلفاً. لكنه أضاف أن الإعلان عن التحول إلى مهمة التدريب والدعم لم يقدم الكثير كي تتعزز ثقة الأمريكيين بأن الهدف النهائي لبايدن ليس انسحاباً أحادياً على الطريقة الأفغانية. ومع أنه من الخطأ افتراض أن العلاقات العسكرية وغير العسكرية متنافيتان، يبقى أن بايدن محق في التركيز على أهمية العلاقات الاقتصادية بحسب الكاتب.

استياء عراقي من السلع الإيرانية
يشرح روبين أن العراق أرض خصبة للاستثمار. يستاء عراقيون كثر من إغراق إيران بلادهم بالسلع الرخيصة ويسعون إلى منتجات ذات جودة أعلى يمكن للشركات الأمريكية أن توفرها. بينما ضمت طاولة أعمال مستديرة الوفد العراقي وشركات أمريكية بارزة، من غير المؤكد أن يكون فريق بايدن ووزارة الخارجية مستعدين لتنفيذ تعهداتهما بطريقة منتجة للعراقيين والأمريكيين معاً. مناخ الاستثمار في العراق غير متكافئ والفساد يبقى متفشياً. قبل وصول صدام حسين إلى الحكم، كان العراق أقل دولة عربية فساداً. جعلته عقود من الديكتاتورية والحرب والعقوبات بين أكثرها فساداً. بعد إطاحة صدام، تدفق العديد من المستثمرين إلى كردستان العراق فقط لكي يتم خداعهم من قبل العائلة الحاكمة بمليارات الدولارات بحسب روبين.

الموصل والبصرة
في حين يجدر بالموصل أن تكون نظرياً خصبة للاستثمارات بعد دمارها بفعل المعارك مع داعش، أدى الشلل البيروقراطي، إن لم يكن الفساد، إلى شلل عملية إعادة الإعمار. ولا تزال البصرة، ثاني أكبر مدن العراق، تواجه عقبات بسبب الفساد والخلل الوظيفي. وسط ظروف طبيعية، على المدينة أن تزدهر مع إمكان أن تتحول إلى جوهرة الخليج. لكن حكومة غير فعالة على مدى 18 عاماً وعقوداً من التجاهل الخبيث الذي أبدته بغداد تركت قنواتها أكثر بقليل من مجرد مجار مفتوحة للصرف الصحي، كما تركت رصيفها البحري في حال من التخلف. حين حاول السياسيون الموالون لإيران تعيين محافظ البصرة أسعد العيداني رئيساً للحكومة بعد استقالة عادل عبد المهدي في 2020، غضب العراقيون لأنهم نظروا إليه كفاسد مما دفع الرئيس العراقي برهام صالح إلى رفض التوقيع على تسميته.

الأنبار... الوجه الآخر
لم يواجه كل المحافظين فشلاً في إدارة محافظاتهم. في ربيع 2021، زار روبين الفلوجة والرمادي الواقعتين في الأنبار. كانت المدينتان من بين أخطر المدن العراقية. اليوم، أصبحتا من بين الأكثر ازدهاراً. يعطي العراقيون من مختلف الأطياف السياسية والإثنية والطائفية الفضل لرئيس مجلس النواب الحالي ومحاظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي ومحافظها الحالي علي فرحان الدليمي. لم ينسَ الحلبوسي جذوره ويسعى دوماً إلى تحويل الأموال لمحافظته. ينظر العراقيون إلى الدليمي بدهشة لأن مساعيه للفوز بالمشاريع لا تتوقف مطلقاً. في حين يجلس محافظون عراقيون في مكاتب كبيرة وفاخرة منتظرين ممولين محتملين كي يأتوا إليهم، يجد العراقيون غالباً الدليمي في فنادق ومكاتب حول بغداد وهو يبذل جهداً كي يفوز باستثمارات في الرمادي. وهنا تكمن الأمثولة، بحسب روبين.

متى تزدهر شراكات الأعمال؟
يوضح الكاتب أن مجرد تحويل الأموال إلى العراق كما فعلت الولايات المتحدة بعد الاجتياح يمكن أن يؤدي إلى أضرار أكبر من المكاسب. وتشجيع الشركات على الاستثمار في مناطق مثل كردستان العراق من دون أن إعطاء الأولوية لمكافحة الفساد يمكن أن يؤذي العلاقات الثنائية على المدى الطويل. عوضاً عن ذلك، إذا شجعت السفارة وشركة تمويل التنمية الدولية الأمريكية الاستثمارات فقط في المحافظات التي تتمتع بالمقدرة على التعامل مع الاستثمار كفرصة لا كامتياز، فسيكون بالإمكان عندها أن تزدهر شراكات الاعمال.

المساعدة الحقيقية للكاظمي

يؤكد روبين في الختام أن العراق ديموقراطية ولو كانت معيوبة ومعوقة من نظام تتقاسم فيه النخب المحسوبيات. إذا أراد بايدن فعلاً مساعدة الكاظمي أو خلفائه في هزيمة الفساد، فعندها من المهم تفضيل المحافظات التي تبرهن من خلال العمل، لا من خلال الكلمات وحسب، أن المناطق الفاسدة وغير الكفوءة ستُهمل، حتى تقرر أن تتصرف وفقاً للنظام، كما هي الحال في الأنبار.