متظاهرون في تونس تأييداً للرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو (أرشيف)
متظاهرون في تونس تأييداً للرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو (أرشيف)
الجمعة 30 يوليو 2021 / 21:30

حلفاء النهضة يقفزون من سفينة الغنوشي بعد تحريضه على الرئيس

بعد الزلزال السياسي الذي خلفه قرار الرئيس قيس سعيّد، بتجميد البرلمان، ورفع حصانة النواب، وتولي السلطة التنفيذية مؤقتاً، حاولت حركة النهضة مجابهة القرار، بإطلاق حملة تجييش سرعان ما فشلت، فعمدت إلى حملة علاقات عامة دولية، للتحريض على تونس ورئيسها، ما تسبب في خسارة الحركة حلفاء بارزين لها في البرلمان، إضافة إلى علامات تصدع داخلي توحي بقرب انفجارها من الداخل.

وفي السياق، نقلت وسائل إعلام تونسية اليوم الجمعة، استقالة خليل البرعومي من المكتب التنفيذي ومن الإشراف على الإعلام في حركة النهضة.

رسائل شعبية
وأوضح البرعومي لإذاعة "موزاييك" التونسية اليوم الجمعة، أنه استقال احتجاجا على  ''عدم استيعاب قيادات حركة النهضة للرسائل الموجهة لها في 25 يوليو (تموز)" يوم المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الضخمة ضد النهضة، وقرار قيس سعيد في مساء اليوم ذاته.

وفي السياق ذاته، قال القيادي في حركة النهضة والنائب سمير ديلو، إنّ "تونس تستحقّ الأفضل، أنا أتابع ما يكتب عن بلادنا وآلمني ذلك لهذا أشعر بالفشل ولكن يحدوني الأمل في تجاوز المرحلة"، وفق "موازييك".

قصر نظر الغنوشي
وأضاف "فسّرت موقفي أنا وقيادات أخرى في النهضة لرئيس الحركة راشد الغنوشي لأن الأوضاع تغيرت، لكن هناك من اتهمني برغبتي في الحصول على منصب الغنوشي وتمت شيطنتي، وهناك من قال بأنني ارغب في القفز من سفينة غارقة".

وتابع، بعد دعوات قيادات في النهضة الصريحة والمبطنة إلى العنف والإرهاب "كل ما يعرض السلم الأهلي للخطر أو يدفع التونسيين للتقاتل أو إعلاء المصلحة الحزبية، كل من يقوم بذلك أضاع فرصة ذهبية للصمت"، مُضيفاً "اللجوء للعنف وتعريض حياة التونسيين للخطر ومواجهة قوات الأمن خط أحمر".

وطالب ديلو، من جهة أخرى قيادات الحركة بمعرقة حجمها الحقيقي "بعد 25 يوليو (تموز)، وأن يتساءلوا لماذا أحرقت مقرات الحركة في كامل ولايات الجمهورية، ولماذا خرج التونسيون للاحتفال بعد إجراءات رئيس الجمهورية قيس سعيد بشكل عفويّ".

دنيئة وخسيسة
وفي الوقت الذي عولت فيه النهضة على حلفائها السابقين من داعمي الحكومة المقالة، ومؤيديها في البرلمان، تسارعت وتيرة الانقلاب من حلفاء الأمس على الحركة، وفي هذا السياق، انتقد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، الحزب الذي يعد حليفاً دائماً للنهضة منذ تشكله بعد الانشقاق على حزب الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي، اليوم الجمعة، دعوات حركة النهضة الإخوانية لتجييش الشارع التونسي، مشدداً على أنها ستسبب في تعميق الأزمة في تونس.

وقال الشواشي لموقع الصباح نيوز: "الدعوات في هذه المرحلة الدقيقة إلى تجييش الشارع أو استعماله لاستعراض القوة او التهديد بذلك، أو الاستنجاد بالأجنبي للتدخل في الشأن الداخلي، أو الضغط من أجل ذلك أو محاولة بث الفتنة بين الناس، كلها وسائل دنيئة وخسيسة لا يمكن أن تساعد في حلحلة الازمة المركبة والعميقة التي تعيشها بلادنا".

ديمقراطية مغشوشة
من جهة أخرى ورداً على دعوات رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، للدفاع عن الديمقراطية، قالت القيادية والنائب عن التيار الديمقراطي في البرلمان التونسي سامية عبو، إن "الدفاع الذي يقصده الغنوشي لا يتعلق بالديمقراطية لأن النهضة لا تعترف بالديمقراطية، وتستعملها أداة وشكلاً للتنكيل بالدولة، والاستحواذ على جميع مؤسساتها".

وأضافت، عبو "تصريح الغنوشي بأنه يدعو الشعب الى حماية ديمقراطيته هو استبلاه، لأن النهضة انتهكت الثورة وخربت البلاد، والمقصد الحقيقي له هو الدفاع عن الحركة"، وفق  موقع "الصباح نيوز".

وتابعت "راشد الغنوشي يبدو أنه لم يفهم أن جزءاً كبيراً من الشعب يرفض النهضة بعد 10 سنوات من حكمها الذي لم يكن في خدمة الشعب بل من أجل مصالح ضيقة للحركة، وهيمنة على الأمن وتلاعب بملفات أمنية وقضائية خطيرة ترتقي إلى جرائم إرهابية وفساد مالي، استغلتها لابتزاز القضاة ورجال الأعمال".

وقالت النائبة التونسية: "كنا في ديمقراطية مغشوشة وقمع مقنع وأطلب من قيس سعيّد، أن لا يضيع علينا فرصة تنقية الدولة، من الفساد السياسي ومحاسبة الأحزاب التي لديها تمويلاً أجنبياً، ومحاسبة انتهازيين محميين بالسلطة، وأن يفتح قانون من أين لك هذا في حق بعض السياسيين وأزواجهم وعائلاتهم".

وأشارت إلى أن الغنوشي يجري حوارات مع وسائل إعلام أجنبية، ويطلب تدخلاً أجنبياً ويصف الوضع بأنه "انقلاب"، ومن جهة أخرى يريد حواراً، واصفة خطواته بـ "مراوغات سئمها الشعب التونسي".

وأضافت: "البرلمان يضم نواباً فاسدين نهبوا المال العام، ونواباً مصادر أموالهم مجهولة فمنهم من كوّن ثروته من الفسفاط، ومنهم من دخل المجلس بسيارة عادية واليوم أصبح ثريا ثراء فاحشاً".

استقواء بالخارج
من جانبه، قال النائب المستقل حاتم المليكي، رداً على دعوات حركة النهضة للنزول إلى الشارع إن "تونس تعيش في إطار الاجراءات الاستثنائية التي فرضتها حالة الخطر الداهم، وهي الاجراءات التي أقرّها رئيس الجمهورية قيس سعيد، ومرفوض تماماً أي دعوة للعنف أو تأليب المواطنين على بعضهم البعض".

وأضاف "الأولوية من المفروض أن تبقى لمواجهة جائحة كورونا وتركيز حكومة وعودة مؤسسات الدولة للعمل بنسقها الطبيعي"، وفق ما صرح للموقع ذاته.

وتابع "لا فائدة من التصعيد ولا فائدة من الاستقواء بالداخل أو الخارج، والمفروض اليوم تحويل القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية الى اجراءات تسمح بعودة تونس إلى الوضع الطبيعي".

وبدوره، قال الوزير السابق وأحد مهندسي الحكم في عهد الترويكا، الذي وضع تونس بين فكي النهضة، والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو، إن حركة النهضة وزعت في إحدى مدن ولاية صفاقس، أحد معاقلها في وسط شرق البلاد، 500 دينار (180 دولار) لكل متظاهر للخروج للشارع، للاحتجاج ضد قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد.

وقال عبو لإذاعة شمس إف إم : "النهضة أصبحت حركة فلوس وتدبير راس"، مشيراً إلى أنها تعمّدت ابتزاز رجال الأعمال في تونس للهيمنة على المال والصفقات ودعم هيمنتها السياسية.

النهضة أضاعت الفرصة الأخيرة
ومن أبرز الهاربين من جنة النهضة، القيادي والمستشار السياسي لراشد الغنوشي السابق، لطفي زيتون، الذي أكد أن " لتحركات يوم 25 يوليو (تموز) تلقائية" وعفوية، داعياً النهضة وحلفائها للتوقف عن اتهامها بالولاء لجهات الأجنبية.

وقال: ''القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية امتصت الكثير من الغضب، حتى نفسية الناس تحسّنت"، وفق ما صرح به لإذاعة "موازييك".

وأضاف، زيتون ''النهضة اخطأت في قراءة الوضع، منذ 2018، نصحت النهضة بالخروج من الحكم".

وأضاف ''التقيت الرئيس الذي أبدى استعداده لحل الأزمة، وكانت هناك فرصة لكنها ضاعت لأن النهضة لم تفهم خطورة الوضع، وأنها فرصة أخيرة".

ودعا زيتون للتوقف عن التصعيد من قبل حركة النهضة الإخوانية، مضيفاً "العاقل من اتعظ بغيره، رأينا تجارب أخرى إلى أين وصلت".