صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
السبت 31 يوليو 2021 / 10:21

صحف عربية: تونس أسقطت "الحصن الأخير" للإخوان

نجحت الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في لجم "أبواق الإخوان" وكشف كم الفساد الذي تستر عليه أعضاء حزب النهضة الإخواني على مدار السنوات الماضية، وشكلت تلك الإجراءات انعطافاً مفصلياً في مرحلة ما بعد الثورة لتعيد الأمور إلى نصابها، وقوبلت بدعم شعبي وترحيب دولي.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، ستكشف التحقيقات التي يشرف عليها الرئيس التونسي بنفسه كيف كان راشد الغنوشي وحزبه يخططون لجر تونس إلى مسار الفتنة والضياع، وخلق أجواء من الفوضى قد تصل إلى الحرب الأهلية وجعل تونس دولة فاشلة ورهينة في قبضة القوى الخارجية.

مطامع النهضة
وقال الكاتب خالد بن حمد المالك إن الإخوان حاولوا وصف ما جرى في تونس يندرج ضمن التصنيف على أنه انقلاب، ويحاولون أن يروجوا لهذا الاتهام لهدف في نفوسهم، معتمدين على الأبواق الإعلامية الموغلة في الدفاع عن تنظيم الإخوان، والترويج لأجنداتهم. وتابع "قد رأيناهم هكذا مع إخوان مصر وليبيا، والآن مع إخوان تونس، حيث تمثلهم حركة النهضة، ولكن لحسن حظ الشعب التونسي، أن ما سُمي انقلاباً -وهو بنظره ليس كذلك- جاء لإصلاح ما أفسده تنظيم الإخوان، ولتنظيم الحياة السياسية، وفقاً لسيادة القانون، وليس لسيادة حزب أو فئة نافذة من المسؤولين".

ودعا الكاتب في مقاله بصحيفة "الجزيرة" السعودية، القيادة التونسية مدعومة من الشعب، ومن قيادة الجيش، ومن القيادات الأمنية، وكثير من الأحزاب والتنظيمات أن يقرروا بأنفسهم الاتجاه المستقبلي الصحيح للسياسة التونسية، خاصة وتونس لديها تجربة ثرية في أداء المؤسسات وممارساتها الديمقراطية.

كما حذر المالك من مطامع حركة النهضة، وقال "لها نشاطات واضحة تقوم بها، وتنسيق مع قوى خارجية من الإخوان، وفق تنظيم تم رصده، وسارع الرئيس التونسي إلى أخذ زمام المبادرة لإخماد ما كان الغنوشي وزمرته يبيتونه لتونس، وهو ما فاجأ تركيا قبل غيرها، حيث صدر عنها أول بيان استنكاري لما حدث، ومن دون أي تحفظ".

إخوان مصر وتونس
واعتبرت صحيفة "النهار" اللبنانية أن الظرف السياسي في تونس كان مختلفاً عن الظرف الذي عاشته القاهرة قبل 8 سنوات، ولكن أن التنظيم لم يختلف.. قد يكون مر بمراحل غيّرت من ملامحه ولكن التنظيم هو التنظيم منذ تأسس على يد مرشده الأول حسن البنا وحتى كتابة هذه السطور، رغم مرور قرابة قرن على النشأة.

وقالت الصحيفة إن حالة التشابه بين إخوان مصر وإخوان تونس وبين كل الإخوان في أي دولة حتى ولو كانت أوروبية على وقع التشابك أو الصراع السياسي الذي تمر من خلاله تونس الخضراء من عنق الزجاجة. وتابعت "صحيح أن هناك تباينات، ولكنً هناك خطاً فكرياً واحداً يجمع المنتمين للتنظيم، فكل هؤلاء يفكرون بطريقة واحدة، ولعل مخرجات العقل الإخواني في كل مكان يصل أيضاً إلى نتيجة واحدة، وهنا نستطيع أن نفهم الإخوان وأن نتوقع سلوكهم".

وتوقعت الصحيفة أن الأحداث في تونس لن تتوقف، ولن تعود حركة النهضة إلى ما كانت عليه، ربما لسببين رئيسيين، أولهما أن الشعب التونسي قال كلمته بعد 8 سنوات من قفز هؤلاء للسلطة ولن يعود إلى الوراء ولن يتخلوا عن مطالبهم، بل يشهد التاريخ أن سقف هذه المطالب يزداد مع الوقت، طالما ارتبط بفكرة الرفض السياسي والثورة، والسبب الثاني، يرتبط برد فعل "إخوان" تونس، وهو ما ندركه جيداً، ونؤكد أنه لن يختلف كثيراً عن رد فعل "الإخوان المسلمين" في مصر، ولذلك نتوقع أن مآلات الأمور ونتائجها سوف تتشابه كثيراً، قد تكون هناك مناورة لـ"حركة النهضة"، وقد تغيب المحاسبة بعض الوقت، ولكن حتماً سوف تحدث من دون جدال.

كما أكدت الصحيفة أن الشعوب العربية لفظت تنظيمات الإسلام السياسي، وما عادت تريد لها أن تعود للمشهد السياسي، بل تطالب بمحاكمتهم، لأنها رأت هذه التنظيمات رأي العين، وأدركت أهدافها ووصلت بخبرتها إلى مراميها.

الحصن الأخير
كما رأى الكاتب زهير الحارثي أن تونس شهدت احتداماً وصراعاً واستقطاباً في المشهد السياسي في الفترة الماضية، وبالتالي كان طبيعياً أن تصل هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها اليوم تونس الخضراء لا تونس الإخوان، وتحديداً منذ يوم 25 يوليو (تموز) الذي سيؤسس لما بعده.

وقال الحارثي في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط" إن تونس تدخل مرحلة جديدة وإن تأخرت كثيراً تحت عنوان محاربة الفساد وتحقيق العدالة لمن اغتيلوا بكل خساسة ودناءة، وتوّج كل هذا بإسقاط الحصن الأخير لجماعة "الإخوان" في العالم العربي، وهو بطبيعة الحال أمر مزعج لأطراف وجماعات ودول معينة رأت في الإخوان ذراعاً ومكسباً ومغنماً يحقق لها النفوذ والتدخل والسيطرة، وقد دعمتها في العقد الأخير بالوسائل كافة لتحقيق ذلك الهدف.

وأضاف الكاتب "لقد بلغ السيل الزبى في تونس، وكان من الطبيعي أن يتحرك الرئيس لاتخاذ ما يراه مناسباً عبر الذراع الدستورية التي تعطي له الحق في تلك الممارسة، وبعيداً عن المزايدات والمبالغات، فإنه لا يصح إلا الصحيح، لا سيما بعد المهزلة التي شاهدنا في البرلمان التونسي وأسلوب البلطجة من قبل منتمين إلى "النهضة".

وأشار الحارثي إلى أن اليوم يشهد فصلاً تاريخياً لافتاً لنهاية حقبة تيار الإسلام السياسي. صحيح أن حركات الإسلام السياسي فرضت نفسها على المشهد السياسي العربي، لا سيما ما بعد ما سمي ثورات الربيع العربي التي دفعت بها للظهور على الساحة بقوة، وأشعل نجاحها في الانتخابات الجدل حول ما إذا كانت الدولة مدنية أم دينية. غير أن الإشكالية في تصوري تكمن في التناقض والانتهازية، فالمشروع السياسي شيء، وممارسة الفعل السياسي شيء آخر. وهو ما يدعم مقولة إن الحركات الإسلامية تعاني من ضآلة المنتج الفكري والخبرة السياسية.

الثقافة الغنوشية
ومن جانبه تساءل الكاتب علي الصراف في صحيفة العرب عن حجم الفشل الذي يجعل ماكينة إعلامية بحجم قناة الجزيرة لا تكفي لإنقاذ راشد الغنوشي من ورطته مع نفسه؟ وتساءل أيضاً "هل نطلب النجدة من سي.أن.أن؟ أم هل تنفع رويترز التي تتبرع بتقديم قراءة للإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد تمالئ التصور الذي يتصوره الغنوشي عن صلاحياته الدستورية؟.

ووصف الصرف "راشد الغنوشي" بأنه مشروع أصولي، ظل لا يؤمن بالديمقراطية في مرجعياته الرسمية، صار رأساً للبرلمان. ويبدو الأمر وكأنه نكتة، ولكنها لم تعد كذلك عندما نهض واحد من أنصار تلك المرجعية، بكل هدوء، ليمشي بضع خطوات تبدو طبيعية، لكي يوجه لكمات إلى وجه زعيمة كتلة برلمانية، ويحوّل جلسة البرلمان من تحت أنف رئيسه إلى حلبة ملاكمة.

وقال "هذا الفشل لم يكن إلا الوجه الفضائحي للكثير من أعمال الملاكمة التي خضع لها الشعب التونسي، تحت إدارة الغنوشي. وهي ذاتها الأعمال التي دفعت الرئيس سعيد إلى أن يتولى رئاسة النيابة العامة لكي يفتح ملفات الفساد والجرائم الأمنية التي تم دفنها في أضابير النيابة العامة وأضابير البرلمان".

وتابع "الفشل هو المستنقع الطبيعي لثقافة القضاء والقدر الغنوشية. من ناحية، هي تدفع إلى إفقار الناس، ومن ناحية أخرى تقدم لهم تفسيرا آخر، يقول إن ذلك من مشيئة السماء السابعة وليس من فعل الذين يرتعون في العالم السفلي تحت أرض البرلمان والحكومة"، مؤكدا أن الفشل لا يحمل إلا وصفاً واحداً، إنه فشل وهو أكبر من قدرة "الجزيرة" على أن تجعله نجاحا باهرا لرجل "عبقري" مثل الغنوشي، شيء كهذا كثير حتى على إعلام تركيا العُصملّية.