الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (أرشيف)
الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (أرشيف)
الأحد 1 أغسطس 2021 / 18:37

وسط أزمة اقتصادية طاحنة وتعثر الملف النووي... رئيسي يبدأ رئاسته الثلاثاء

يتولى المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي هذا الأسبوع رسمياً منصب رئيس الجمهورية في إيران، خلفاً لحسن روحاني، ليبدأ ولاية من أربعة أعوام يواجه منذ مطلعها تحديات الأزمة الاقتصادية، والعقوبات الأمريكية، والمباحثات على الاتفاق النووي.

وينصّب رئيسي، الفائز في انتخابات يونيو (حزيران)، رسمياً الثلاثاء في مراسم يصادق فيها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي على "حكم رئاسة الجمهورية".

وسيؤدي رئيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان الذي يهمين عليه المحافظون الخميس، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية لنيل ثقة النواب على تسميتهم.

ونال الرئيس السابق للسلطة القضائية نحو 62% من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي، وشهدت نسبة مشاركة بلغت 48.8%، هي الأدنى في استحقاق رئاسي منذ قيام الجمهورية في 1979.

وسيطوى بذلك عهد روحاني من ولايتين متتاليتين منذ 2013، الذي شهد انفتاحاً نسبياً على الغرب، كانت أبرز محطاته إبرام اتفاق فيينا 2015 على البرنامج النووي مع ست قوى كبرى الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، وألمانيا.

وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، لكنه بات شبه لاغي مذ سخب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بلاده أحادياً منه في 2018، وإعادة فرض عقوبات على طهران، انعكست سلباً على اقتصادها.

وستكون الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بسبب للعقوبات، والتي زادت تبعاتها بعد جائحة كورونا، المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع في انتخابات 2021، كما في 2017 حين خسر أمام روحاني، شعاري الدفاع عن الطبقات المهمشة، ومكافحة الفساد.

ويقول الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا كليمان تيرم لوكالة فرانس برس، إن "هدف رئيسي الأساسي اديسيكون تحسين الوضع الاقتصادي بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين إيران والدول المجاورة" وذلك عبر "تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأمريكية".

ويضيف الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أنه بهذه المقاربة "يصبح رفع العقوبات الأمريكية هدفاً ذا أولوية لكن من أجل تحسين نوعّي ونمو في حجم التبادلات التجارية بين إيران والدول غير الغربية على الساحة الدولية" مثل روسيا، والصين، ودول الجوار.

وشهدت إيران في الأعوام الماضية، خاصة في شتاء 2017-2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019، احتجاجات على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.

وشهدت محافظة خوزستان، جنوب غرب، احتجاجات في يوليو (تموز)، بسبب شح المياه.

وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات لأسباب منها زيادة الطلب، ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.

وغالباً ما وجه المحافظون المتشددون الذين ينظرون بعين الريبة الى الغرب عموماً والولايات المتحدة خاصةً، انتقادات لروحاني لإافراطه في التعويل على نتائج الاتفاق النووي، وطالبوا مراراً بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات.

ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز، المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، أن "روحاني كان مثالياً جداً في علاقته مع الغرب، وكان يعتقد أنه سيكون قادراً على حل كل مشاكل البلاد سريعاً في الأمد القريب".

ويضيف لفرانس برس "لا يبدو أن الأمر هو ذاته لدى السيد رئيسي".

وأكد رئيسي بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار.

وسيتولى رئيسي منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أمريكية غير مباشرة، مباحثات لاحياء الاتفاق النووي عبر تسوية ترفع العقوبات الأمريكية، وتعيد واشنطن إليه، مقابل عودة إيران للالتزام بتعهداتها النووية التي تراجعت تدريجياً عن تنفيذها بعد عام من انسحاب واشنطن.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي تولى مهامه خلفاً لترامب في مطلع 2021، أبدى استعداده للعودة الى الاتفاق.

ودارت 6 جولات مباحثات في فيينا بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، دون تحديد موعد جديد.

وأكد مسؤولون إيرانيون أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه.

ويرى تيرم أن لتأجيل استئناف المباحثات أسباب عدة من المنظار الإيراني، منها "الإظهار للجانب الأمريكي، أن طهران لا تستعجل التوصل الى تسوية سريعة".

ومن الأسباب أيضاً، وفق تيرم "السياسة الداخلية ورغبة الحكومة المحافظة الجديدة في إثبات قدرتها على نيل اتفاق أفضل من الحكومة السابقة".

وفي لقائه الأخير مع أعضائها الأربعاء، رأى خامنئي أن تجربة حكومة روحاني أثبتت أن "الثقة في الغرب لا تنفع"، وفق بيان نشره موقعه الالكتروني.

وأشار المرشد الأعلى صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد، إلى أن واشنطن ربطت عودتها الى الاتفاق بمباحثات لاحقة خول برنامج إيران الصاروخي وقضايا إقليمية، وهو ما سبق لطهران أن رفضت إدراجه ضمن مباحثات نووية.

وسبق لرئيسي الذي يعد مقرباً من خامنئي، تأكيد أنه سيدعم المباحثات التي تحقق "نتائج" للشعب، لكنه لن يسمح بـ"مفاوضات لمجرد التفاوض".

ويرى ليلاز أن "مصير الاتفاق النووي" من العوامل المؤثرة في حل الأزمة الاقتصادية، معتبراً أن الغموض الراهن في هذا الملف "مضرّ، وسيكون أشد ضرراً في حال أعلنت إيران أنها لن تفاوض وتالياً ستبقى العقوبات".

لكنه يسبتعد عدم بلوغ هذا الحد "لأن إيران والولايات المتحدة غير قادرتين على الإبقاء على الوضع القائم، وعلى الطرفين الوصول إلى تسوية".