صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الإثنين 2 أغسطس 2021 / 11:09

صحف عربية : سعيِّد هل ينتزع الديموقراطية التونسية من فك الإخوان

لا تخلو خطوات الرئيس التونسي قيس سعيد، الأخيرة، والتي تعبر عن آراء معظم التونسيين، عبر تجميد عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، من مخاطر، لكنها تعد خطوة جريئة.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الإثنين، قدم الرئيس قيس لتونس خدمة كبرى، وكشفاً كاملاً عن الحركة الإخوانية الإرهابية، حيث كانت "التنظيمات السرية" الإرهابية التابعة لحزب النهضة والمنشقة عنها، تنشط تحت ظل حكم الغنوشي، قتلاً وتفجيراً واغتيالاً وبعض القضاة الفاسدين يغطون على كل جرائم أتباعه.

فرصة ثانية
بعد الإجراءات الأخيرة، وعلى عكس بعض وسائل الإعلام الغربية والشرق أوسطية، لا يرى التونسيون ورئيسهم أنفسهم يدفنون الديمقراطية.

وقالت صحيفة العرب" اللندنية، إن "الرئيس قيس سعيد، فاجأ التونسيين والقوى الأجنبية عندما أقال رئيس الحكومة هشام المشيشي وجمّد البرلمان، حيث لم تكن لدى الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أي فكرة عما كان على وشك أن يحدث".

وأضافت الصحيفة، أن ا"لخطوة الجريئة التي اتخذها سعيد تونس، أعطت الديمقراطية الوليدة فرصة ثانية بعد 10 سنوات على التجربة الأولى"، موضحة أن تعيين خالد اليحياوي المدير العام لوحدة الأمن الرئاسي، بالإشراف على وزارة الداخلية وتكليف المستشار في دائرة الأمن القومي برئاسة الجمهورية رضا غرسلاوي بتسيير الوزارة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، يدل على عمل الرئيس على الحفاظ على الحريات في تونس.

ودعم الخطوات الأخيرة للرئيس التونسي ضباط أمن وجيش كبار آخرون مثل الأميرال المتقاعد كمال العكروت، الذي دعا سعيد أخيراً إلى تطبيق المادة 80 من الدستور وندد بعزم الحكومة على تأجير أراضي الدولة لمستثمرين قطريين، وبالتالي القضاء على المشروع في مهده.

ويقول الأميرال العكروت، الذي ينحدر من عائلة متواضعة، إنه "يشعر بالفزع من حقيقة أن 25 %من التونسيين يعيشون في فقر مدقع. وإن الجيش التونسي محترف وغير مُتسيس وليست له مصالح اقتصادية. إنه لا يشبه أي جيش آخر في العالم العربي".

وبحسب الصحيفة، فإن خطوة الرئيس سعيّد الجريئة تحمل مخاطر، مشيرةً إلى أن الأسابيع القليلة المقبلة، ستوضح ما إذا كان يتصرف بارتجال آملاً في النجاح أو يتحرك طبق خارطة طريق مناسبة. وقد أعرب الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة العمالية القوية، عن دعمه المشروط لعمل الرئيس التونسي وتعهد بالمساعدة في إعداد خارطة الطريق هذه.

خطاب "النهضة" المضمر

وفي صحيفة "الشرق الأوسط"، قال الكاتب والباحث السعودي، فهد سليمان الشقيران، إن "قيمة القرارات الدستورية التي اتخذها الرئيس التونسي لا تنحصر بمردودها على الداخل التونسي فحسب؛ بل أسهمت ضربته القانونية في كشف الخطاب المضمر للتيار الإخواني في العالم الإسلامي"، لافتاً إلى إنه كتب مراراً عن نجاح "الإخوان" في ترويج خطابهم المدني لدى المجتمع الغربي.

وأشار الشقيران، إلى نماذج من خلاصات كتاب المحللة البريطانية أليسون بارجتير، في سعي حثيث لتبرئة "الإخوان" من تهم الإرهاب، مضيفاً أن "قرارات الرئيس قيس كشفت للبسطاء والطيبين عن البعد الوحشي لحركة النهضة تحديداً والتي تسميها الباحثة الحركة "الأكثر استنارةً" بينما يواجه قادتها تهم القتل والفساد والثروة غير المشروعة وسواها من الوقائع المافيوية الدامية. (سؤال: من اغتال شكري بلعيد؟!)".

وختم مقاله قائلاً: إن "الرئيس قيس قدم لتونس خدمة كبرى ستظل في ذاكرة التونسيين، وقدم للمسلمين كل المسلمين وللعالم كشفاً كاملاً عن الحركة الإخوانية الإرهابية. لقد كشف عنها الغطاء ولن يضلّ عن إدراك وحشية الحركة إلا من أبى وطبع على قلبه فهو في غشاوة، والأيام حبلى بالمزيد".

تونس تصحّح الصورة
وبدوره، قال الكاتب علي عبيد الهاملي، في صحيفة "البيان" الإماراتية، إن "تونس تعود بعد عقد من الزمن لتصحح الصورة، عقب سقوط الأقنعة وانكشاف النوايا"، مشيراً إلى أن شرارة تورة تونس الأولى التي انطلقت عام 2010، حيث أخرجت غالبية الناس إلى الشوارع لتصحيح الأوضاع التي كانت تسير نحو الانحدار، لكن الحقيقة أن هناك أصحاب نيات خبيثة استغلوا ما حدث لتحقيق أجندات خفية وقفزوا إلى السلطة.

وأردف الكاتب، أن جماعة الإخوان في تونس ممثلين في حركة النهضة، كثرت غلطاتهم خلال هذه السنوات العشر، خاصة بعد أن تولى الرئيس قيس سعيد سدة الرئاسة في تونس، فتصوروا أنه سيكون أضعف من أن يتصدى لجبروتهم وسلطانهم، لكنه قلب الطاولة فوق رؤوسهم، واتخذ قراراً بتعديل المسار وهو مجرد من الأسلحة التي يملكونها، عدا سلاح السلطات التي يخوله إياها الدستور، والتأييد الشعبي الذي حظيت به قراراته الأخيرة.

وأوضاف الهاملي في مقاله، "ربما بدا الرئيس قيس سعيّد في البداية وحيداً أمام تيار الجماعة والفساد الذي تمارسه هي وحلفاؤها، اللهم إلا من مساندة شعبية بلغت نسبتها 87% وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة «إمرود كونسلتينغ» المتخصصة في سبر الآراء، لكن هذه المساندة الشعبية كفيلة بشد عضده لتعديل المسار وتصحيح الصورة، شريطة أن يتواصل الزخم الذي بدأ به، وأن تكون قراراته سريعة وحاسمة".

الغنوشي "الشيخ المستبد"
ومن جهته، قال الكاتب عبدالله بن بجاد العتيبي، في صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، إن "راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية التونسية هو أحد رموز الإسلام السياسي على مدى عقود. هو ليس مفكراً ثورياً .. بل هو نوعٌ خاصٌ من الرموز أقرب ما يكون لشخصية حسن البنا".

وأضاف الكاتب، أن "الغنوشي قدم نفسه وقدّمه المخدوعون من المثقفين العرب على أنه رمزٌ للاعتدال الإسلامي وصوت الديمقراطية المتأسلم في مدائح لا يستحقها وهو أبعد ما يكون عنها، ولكن البعض يكتفي بظواهر الأشياء ثم يملأ الدنيا تنظيراً خاطئاً".

ونسطت تحت ظل حكم الغنوشي، "التنظيمات السرية" الإرهابية التابعة للنهضة والمنشقة عنها قتلاً وتفجيراً واغتيالاً، وبعض القضاة الفاسدين يغطون على كل جرائم أتباعه، ويعطلون القوانين ويخفون ملفات القضايا الحساسة، وهو ما يعد الرئيس قيس سعيّد بكشفه في مسعاه الجاد لاستعادة الدولة التونسية.

وتابع  الكاتب قائلاً: إن "الرئيس التونسي وحليف النهضة السابق المنصف المرزوقي تحدث سابقاً عن "حركة النهضة"، مؤكداً ما هو معروف عنها بأنها تسعى إلى "الاستحواذ على مفاصل الدولة من خلال تعيين مقربين لها في المناصب الإدارية والسياسية، دون الأخذ بعين الاعتبار عنصر الكفاءة"، وهو ما نجحت فيه وعطلت الدولة وأوصلتها لما يشبه "الدولة الفاشلة" بحسب الرئيس قيس سعيّد".

وأضاف أن "الغنوشي مخادع وثعلب ومراوغ، وهو على خطى حسن البنا يتبنى "المتناقضات" في خطاباته ومواقفه، وتاريخه خير شاهدٍ في تفاصيل لا تحصى، فهو مرةً يدّعي "المدنية" ليتقرب من إرث "بورقيبة" في تونس، ومرةً يزايد على "الجماعة الأم" في مصر إبان قوتها، ومرةً يقدم فروض الولاء والطاعة لـ"تركيا" ويدعم مرتزقتها في ليبيا وغيرها، وأخرى يخضع بالكامل لدولة عربية ويريد تسليم تونس لها ولأموالها.

وختم مقاله بالقول: إن "النموذج التونسي"، الذي كان شرارة ما كان يعرف بـ"الربيع العربي"، وتحدث عنه الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما بشاعريةٍ حالمة عندما نضج أبان عن كل مساوئ الحكم الثيوقراطي الذي تمثله جماعات الإسلام السياسي، وأوضح أن علاقة هذه الجماعات بالمفاهيم الغربية الحديثة مثل الديمقراطية والحقوق والمساواة والحرية هي مجرد الاستغلال والمفاهيم المؤثرة لديهم هي الحاكمية والجاهلية".