الثلاثاء 3 أغسطس 2021 / 11:34

هل تدرك واشنطن أن حزب النهضة هو المشكلة؟

حذرت المحللة في مركز سياسة الأمن مايا كارلين الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة جو بايدن من التعامل مع الأحداث الراهنة في تونس، كما تعاملت إدارة باراك أوباما سنة 2013 مع التظاهرات المصرية التي اندلعت للمطالبة بإسقاط حكم الإخوان.


 فبعدما أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد تعليق عمل البرلمان لثلاثين يوماً وإقالة رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والعدل، وصف حزب النهضة الإسلاموي خطوات الرئيس بأنها انقلابية. لكن سعيد يقول إن قراراته دستورية وجوهرية للحفاظ على تونس. أشارت كارلين في مؤسسة "ناشونال إنترست" الأمريكية إلى أن تونس دخلت أهم أزمة سياسية خلال عقد من الزمن مضيفة أن على جميع داعمي الليبيرالية السياسية في المنطقة الشعور بالقلق.

حزب ازدواجي
على الرغم من أن النظام الجديد صمد لعشر سنوات، عانت تونس من الفساد والانهيار الاقتصادي والاغتيالات السياسية في الحكومات التسع التي حكمت البلاد طوال هذه الفترة. إن مشاركة حزب النهضة الإسلاموي في الائتلافات الحكومية السابقة على أعلى المستويات ربطته بمشاكل البلاد وصراعاتها.

لقي الحزب الإسلاموي مصدر إلهامه في تنظيم "الإخوان المسلمين" الإرهابي. لكنه حاول خلال السنوات الأخيرة إعادة تقديم نفسه على أنه حزب سياسي مسلم ديموقراطي ومعتدل. أعلن رسمياً إدانته للإسلام السياسي لكنه واجه انتقادات اتهمته بالازدواجية في أهدافه السياسية، وبالفشل في الفصل بين النشاطات الدينية والسياسية.

سرقات واغتيالات
تابعت كارلين أن رئيس حزب النهضة الذي يشغل أيضاً منصب رئاسة البرلمان التونسي راشد الغنوشي واجه كذلك اتهامات بأنه يدعم الجهاد ضد إسرائيل، قائلاً إن جميع المدنيين الإسرائيليين بمن فيهم الأطفال يمكن أن يكونوا أهدافاً مشروعة لقتلهم. وفي 2018، تم الاشتباه بتشكيل الحزب الإسلاموي نفسه منظمة اخترقت مؤسسات الدولة وسرقت وثائق ومواد حساسة من وزارة الداخلية. وقبل ذلك بخمس سنوات، تم اتهام حزب النهضة باغتيال السياسيين العلمانيين محمد البراهمي وشكري بلعيد سنة 2013.

الغنوشي يتراجع

ينظر التونسيون إلى حزب النهضة على أنه "المؤسسة" في البلاد. إن التظاهرات الكبيرة التي انتشرت في تونس خلال الأيام التي سبقت خطوات سعيد تركزت على إدانة إخفاقات الحزب الإسلاموي. أيد المتظاهرون بشدة القرارات التي أعلن عنها سعيد في 26 يوليو (تموز)، فاحتشدوا في الساحات وأطلقوا المفرقعات في مشهد شبيه بما حدث سنة 2011. وصف الغنوشي تلك القرارات بأنها انقلاب ودعا في البداية مناصريه إلى الوقوف "في وجه محاولة الانقلاب هذه والعودة إلى الديكتاتورية، وللدفاع عن حرياتهم وديموقراطيتهم". تراجع الغنوشي لاحقاً عن موقفه وشجع مناصريه على البقاء في منازلهم وعدم تصعيد الوضع.

نقاط التقاء بين 2013 و 2021
أوضحت كارلين أن خطوات الرئيس جاءت بعد أشهر من المأزق السياسي والانقسامات البرلمانية التي لم تؤد إلا إلى مفاقمة الوضع الصحي مع تفشي فيروس كورونا ومفاقمة الأزمات الاقتصادية. لقد استندت قرارات سعيد إلى التظاهرات المناهضة للحكومة المدعومة من حزب النهضة، وهو أمر شبيه إلى حد بعيد بالأحداث التي أدت إلى إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي وحزبه الإخواني من السلطة سنة 2013. والنقطة الشبيهة الأخرى بين تظاهرات مصر سنة 2013 وتظاهرات تونس اليوم هي الرد الضعيف من وزارة الخارجية الأمريكية وإخفاقها في دعم الغضب الشعبي ضد حزب إسلاموي.

لاستخلاص العبر
دانت تركيا وقطر إجراءات سعيد واصفة إياها بالانقلاب. لكنْ لكلتا الدولتين جذور إسلاموية بارزة وقد دعمتا علناً مجموعات إسلاموية سنية أخرى من بينها تنظيم الإخوان المسلمين. وختمت الكاتبة مقالها داعية الولايات المتحدة إلى الحذر من إعلان شراكتها مع حزب إسلاموي قمعي كما إلى حسن قراءة إطاحة مرسي واستخلاصه كدرس لها، مطالبة إياها في الوقت عينه بمواصلة سعيها الدائم إلى تعزيز المؤسسات الديموقراطية في تونس.