مرفأ بيروت بعد انفجار 4 أغسطس 2020 (أرشيف)
مرفأ بيروت بعد انفجار 4 أغسطس 2020 (أرشيف)
الأربعاء 4 أغسطس 2021 / 22:23

المجتمع الدولي يتعهد بـ370 مليون دولار لدعم لبنان

تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر الدعم الدولي، الذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة عبر الإنترنت الأربعاء، بتقديم نحو 370 مليون دولار مساعدات للبنان، الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية، داعية الى تشكيل حكومة تنقذ البلاد من مأزقها.

والمؤتمر، الذي شارك فيه ممثلون عن أربعين دولة ومنظمة دولية، وخُصص لتقديم مساعدات إنسانية للبنان، هو الثالث منذ انفجار مرفأ بيروت المروّع في 4 أغسطس (آب) 2020، الذي تسبب في مقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين، وخلف أضراراً هائلة في المرفأ ومحيطه وعدد من أحياء العاصمة.

وتخطت قيمة المساعدات التي تعهد بها المؤتمرون الأربعاء، قيمة الاحتياجات التي حددتها الأمم المتحدة بـ 350 مليون دولار، في مجالات المواد الغذائية، والصحة، والتعليم، وتنقية المياه، في وقت تتراجع فيه قدرة المرافق العامة على توفير الخدمات الأساسية.

وكرر المشاركون في المؤتمر دعوة القادة اللبنانيين الى تشكيل حكومة، لإجراء اصلاحات بنيوية، يشترطها المجتمع الدولي منذ عام مقابل تقديم دعم مادي، لوضع حد لانهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

وشدد الرئيس الأمريكي جو بايدن في المؤتمر على أنّه "لن تكون أي مساعدة خارجية كافية إذا لم يلتزم قادة لبنان بإنجاز العمل الصعب والضروري القاضي بإصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد"، مضيفاً "هذا أساسي، يجب البدء الآن".

وندد نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ترأس الاجتماع، من المقر الصيفي للرؤساء الفرنسيين في جنوب فرنسا، بـ"اختلالات غير مبررة" في أداء الطبقة السياسية.

ودفع انفجار المرفأ حكومة حسان دياب إلى الاستقالة. ولم تتمكن القوى السياسية منذ عام من تشكيل حكومة.

وكلّف الرئيس ميشال عون في 26 يوليو (تموز) رئيس الحكومة الأسبق، نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة، ليكون بذلك ثالث من توكل إليه هذه المهمة الصعبة، دون تقدم بعد.

واعتبر ماكرون الذي زار بيروت مرتين منذ الانفجار أن "المسؤولين اللبنانيين يراهنون على ما يبدو، على اهتراء"، متهماً الطبقة السياسية "مجتمعة" بأنها "استمرت في تعميق الأزمة بإعطاء الأولوية لمصالحها الشخصية وأنصارها قبل مصالح الشعب اللبناني".

ومنذ عام، يشترط المجتمع الدولي تشكيل حكومة تضم اختصاصيين وتقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم دعم مالي يحتاجه لبنان يتخطى 11 مليار دولار.

ويكتفي في الأثناء بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، رغم تكرار السلطات مناشدتها الجهات المانحة عدم ربط دعمها للبنان بتشكيل حكومة.

وجمع مؤتمران سابقان مساعدات بـ 280 مليون يورو.

وتعهّدت باريس بمساعدات عاجلة بقيمة نحو مئة مليون يورو في الأشهر الـ12 المقبلة، بعد 85 مليون يورو في 2020. كما سترسل نصف مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في الأسابيع المقبلة.

وأعلن بايدن تقديم نحو مئة مليون دولار من المساعدات الإنسانية، تضاف إلى 560 مليون دولار قدمتها بلاده في السنتين الماضيتين.

وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بدوره التعهد التزامات بـ 40 مليون يورو، بما في ذلك للاجئين السوريين، بعد 24 مليون يورو قدمتها بلاده في العام الماضي.

وتعهّد الاتحاد الأوروبي بتقديم 5.5 ملايين يورو من أجل التصدي لوباء كورونا.

وأعلنت المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا في المؤتمر أن لبنان سيستفيد من 860 مليون دولار من مخصصات حقوق السحب الخاصة التي ستُمنح للدول الأعضاء، داعية إلى استخدامها "بطريقة مسؤولة وحكيمة".

وكرر ماكرون تأكيد أن "مؤتمر اليوم هو مؤتمر إنساني لدعم الشعب وهو غير مشروط، لكن لن نعطي شيكاً على بياض للنظام السياسي اللبناني لأنه منذ بداية الأزمة وقبلها، كان معتلاً".

وقال ماكرون: "فوتوا كل الفرص ولم يحترموا أي التزام" مضيفاً "يستحق لبنان ألا يستمر في العيش معتمداً إلى ما لا نهاية على التضامن الدولي".

ولوّحت فرنسا، التي فرضت في أبريل (نيسان) قيوداً على دخول شخصيات لبنانية، تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية والفساد، إلى أراضيها، مجدداً بالعقوبات بما فيها على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وصادق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الجمعة على إطار قانوني يتيح "إمكانية فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولة عن التعرّض للديموقراطية أو لسيادة القانون في لبنان".

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال: "نأمل ألا نضطر إلى ذلك"، فيما أكد ماس أنه "ليس هناك وقت لنضيعه".

ويغرق لبنان منذ صيف 2019 في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فاقمتها تدابير التصدي لكورونا وانفجار المرفأ.

وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700%.

ويتزامن عقد المؤتمر مع مرور عام على انفجار المرفأ الذي يثير نقمة اللبنانيين، وخشيتهم من تمييع التحقيق بفعل تدخلات سياسية من أطراف عدة، في بلد مرت فيه عشرات جرائم الاغتيال والتفجير دون محاسبة.