الخميس 5 أغسطس 2021 / 10:50

العهد الإيراني المنتظر

افتتاحية الخليج الإماراتية

تدخل إيران عهدها الجديد مع أداء رئيسها المنتخب إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية، وفي الأفق تساؤلات حول حزمة من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، ومخاوف من استمرار التوتر بين طهران والغرب الذي وضع المنطقة على شفا الحرب في أكثر من مناسبة. ومازال التجاذب مستمراً وقد بلغ أشده بالتزامن مع تنصيب رئيسي على خلفية الحوادث المؤسفة التي تعرضت لها سفن في بحر العرب.

في الداخل الإيراني هناك تفاؤل بأن ينتهج الرئيس الجديد سياسة ناجعة تستطيع معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت جراء العقوبات الأمريكية القاسية وتداعيات جائحة كوفيد-19. وفي المنطقة هناك ترقب لترجمة رئيسي تعهداته بانتهاج سياسة حسن الجوار مع دول المنطقة والتفاعل معها إيجابياً لحفظ الاستقرار وفسح المجال لشعوبها لتتعايش في أمن وسلام.

أما عالمياً فهناك حذر شديد من البرنامج النووي الإيراني وانتظار للنتائج النهائية التي ستسفر عنها مفاوضات فيينا بين طهران والدول الكبرى بما يؤدي تالياً إلى عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي بعد أن خرجت منه في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وقبل التوصل إلى اتفاق جديد، هناك تجاذبات كبرى وتباينات تظهر مع توالي جولات التفاوض حول رفع العقوبات الأمريكية وتبادل السجناء والصواريخ والميليشيات المحسوبة على إيران في الشرق الأوسط، وكلها مواضيع خلافية شديدة التعقيد يُرجح أن تستنزف الكثير من الجهود الدبلوماسية وتطيل أمد المفاوضات إلى أجل غير معلوم.

اليوم إيران أصبحت تحت قيادة سياسية جديدة يهيمن عليها المحافظون الذين يميلون إلى التشدد في التعامل مع الغرب.

 وقد عادوا إلى السلطة بعد ثماني سنوات من حكم المعتدل حسن روحاني، ولكنَّ عهده الذي شهد توقيع الاتفاق النووي وانفراجة تاريخية لم تدم مع العواصم الغربية، شهد أيضاً تدهوراً كبيراً لعلاقات طهران مع دول الخليج العربية بسبب دعمها الانقلاب الحوثي في اليمن، ودعم ميليشيات محسوبة عليها في العراق وسوريا ولبنان، وهو أمر ساهم في تصعيد التوتر وضاعف مستويات المخاطر، وكاد يزج بالمنطقة في صراع لا يبقي ولا يذر، لولا غلبة الحكمة وتعليق الأمل على تغيير يأتي يوماً ويبدل قلق الإقليم أمناً والعداء تسامحاً وأخوة.

إيران ليست بلداً طارئاً، بل هي دولة عريقة وأصيلة في المنطقة، وحماية مصالحها لا تقتضي مراكمة الخصوم والأعداء، بل حشد الأصدقاء والشركاء من أجل خير الجميع. وتسلم قيادة سياسية جديدة السلطة في طهران مناسبة للأمل، عسى أن يكون الآتي خيراً، لا سيما بعد أن جربت المنطقة كل أنواع السياسات العدائية ودخلت في حروب بالوكالة وحملات إعلامية شرسة، ولم يكن ذلك وضعاً طبيعياً ولا أصلاً يمكن البناء عليه، فالأصل أن تتغلب الحكمة على التطرف، والسلام على الحرب، والخير على الشر. ورغم كل الشوائب والتحفظات يبقى الأمل بأن يكون العهد الإيراني الجديد عامل استقرار وازدهار، ويساهم مع جميع الأطراف في حفظ المنطقة المنهكة أصلاً جراء الصراعات والفتن.