لبنانيون يتظاهرون في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت.(أف ب)
لبنانيون يتظاهرون في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت.(أف ب)
الخميس 5 أغسطس 2021 / 12:46

إيكونوميست: انهيار بلا قعر في لبنان

24-زياد الأشقر

تناولت مجلة "إيكونوميست" البريطانية ذكرى مرور سنة على الإنفجار في مرفأ بيروت، فكتبت أن الإحتجاج أمام منزل وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي المحصن بحراسة قوية الشهر الماضي، كان بمثابة نموذج مصغر للإنهيار اللبناني الذي يبدو إنه بلا قعر.

يكافح الجيش للحفاظ على معنوياته. وطلب مساعدة خارجية لإطعام جنوده، ونظم رحلات جوية للسياح في مروحيات عسكرية بسعر 150 دولاراً للرحلة في محاولة للحصول على العملة الصعبة

وضم الحشد بعضاً من أقارب أكثر من 200 ضحية سقطوا في التفجير الكارثي في المرفأ في الرابع من أغسطس (آب) 2020. وكان المحتجون غاضبون من فهمي لأنه يماطل في التحقيق من طريق رفضه رفع الحصانة عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

ويعمل فهمي تحت سلطة رئيس الوزراء حسان دياب الذي استقال العام الماضي. لكن دياب وحكومته يقومان بدور تصريف الأعمال لأن سياسيي لبنان الفوضويين لم يتفقوا على تشكيل حكومة جديدة بعد. وعندما بدأ المحتجون يصعدون احتجاجهم أبعدهم رجال الشرطة الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية التي باتت تساوي أقل من مئة دولار شهرياً.

وتقول المجلة البريطانية إن رجال الأمن هؤلاء هم موظفون لدى دولة مفلسة، لكنها لا تزال تتحمل نفقات قنابل الغاز المسيل للدموع. وتسبب الإنفجار الناجم عن تخزين 2750 كيلوغراماً من نترات الأمونيوم بطريقة غير سليمة في المرفأ عام 2013، بتدمير وسط المدينة. وتساقطت شلالات من زجاج المباني. وقُذف السكان مثل الألعاب، ناحية جدران منازلهم من جراء عصف الانفجار الذي شعر به سكان قبرص على مسافة 240 كيلومتراً.

ومع ذلك، فإن الأمور بعد عام هي أسوأ بما لا يقاس. ولم يكن الإنفجار هو الحضيض، وإنما مجرد علامة على دوامة الإنحدار المزمن للبنان. ولم تكن ثمة محاسبة على الكارثة.

لا حكومة للتعامل مع الازمة
حتى الآن، لا حكومة للتعامل مع الأزمة الإقتصادية، التي صنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات تحدث في العالم منذ 1850.
وعقب الإنفجار، شكلت الحكومة لجنة للتحقيق في ما حدث. ووعدت بتقديم نتائج في غضون خمسة أيام. وكان لها 365 يوماً، إلا أنه حتى اليوم لا تزال الحقائق الأساسية غامضة. والعدد المحتسب للقتلى وهو 218، أي دون العدد الحقيقي، لأن السلطات امتنعت عن احتساب الضحايا من اللاجئين والمهاجرين. ويعتقد محققو مكتب التحقيقات الفيديرالي الأمريكي الذين تمت دعوتهم للمشاركة في التحقيقات، أن خمساً فقط من الكمية الأساسية البالغة 2750 كيلوغراماً من نترات الأمونيوم، هو الذي انفجر. فأين ذهبت الكمية الباقية؟ هل بيعت أو نقلت إلى مكان آخر أو جرى التخلص منها بطريقة ما. لا شيء واضحاً حتى الآن.

واصطدم المحقق العدلي الذي يشرف على التحقيق القاضي طارق بيطار بجدار من المعارضة. وطلب استجواب عدداً من الوزراء السابقين، إضافة إلى اللواء عباس إبراهيم. لكن النواب رفضوا السماح باستجوابهم. ويتحمل الجميع المسؤولية عن الإنفجار، إذ إن الكثير من المسؤولين البارزين كانوا يعرفون أن نترات الأمونيوم موجودة هناك، كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت، لكنهم لم يفعلوا شيئاً حيالها. لقد رصوا صفوفهم لحماية أنفسهم. (والقاضي العدلي السابق فادي صوان الذي كان يحقق في القضية قبل القاضي بيطار، تخلى عن القضية بعد توجيهه الإتهام إلى أربعة مسؤولين بالإهمال).

واستقال دياب بعد أيام من الإنفجار. وأخفق الديبلوماسي مصطفى أديب ورئيس الوزراء السابق سعد الحريري في تأليف حكومة جديدة، وتم تكليف رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي بتأليف الحكومة في 26 يوليو (تموز). لكن من المحتمل ألا ينجح. ويوزع النظام السياسي الذي نشأ بعد الحرب الأهلية الوزارات على الطوائف، وانتهت جهود تشكيل الحكومة إلى نزاعات داخلية. ويريد الثنائي الشيعي المتمثل في حركة "أمل" و"حزب الله" السيطرة على وزارة المال. ويريد الرئيس ميشال عون، الحفاظ على سلطاته بحيث يتمكن من تنصيب صهره جبران باسيل خلفاً له في رئاسة الجمهورية العام المقبل. وعيون الجميع شاخصة إلى الإنتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار) المقبل.

ومن شأن التراجع المتزايد لقيمة العملة الصعبة مفاقمة الصعوبات في دعم البضائع. وساهم الدعم على المحروقات في عدم جعل التضخم الثلاثي الأرقام في لبنان يتجه إلى الأسوأ. وبعد خفض الدعم مرة أولى في يونيو، يتوقع اعتماد تخفيضات جديدة وارتفاع الأسعار مجدداً.

الجيش
ويكافح الجيش للحفاظ على معنوياته. وطلب مساعدة خارجية لإطعام جنوده، ونظم رحلات جوية للسياح في مروحيات عسكرية بسعر 150 دولاراً للرحلة في محاولة للحصول على العملة الصعبة. وستكون هناك فترات إنقطاع أطول للتيار الكهربائي مع نقص أوسع في السلع في الوقت الذي تكافح الدولة لتمويل الواردات الأساسية. ويصف البنك الدولي هذا الوضع بـ"الركود المتعمد"، أي أنه أزمة من صنع الإنسان-والرجال الذين صنعوا الأزمة لا يزالون في السلطة، من دون خطة لإصلاحها.